كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (5)
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2413 - #23-09-2008# - 05:40
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
4-مستوى الاعلام اليساري و مدى تاثيراته في المجتمع
بداية لابد ان نذكر ان الاعلام في الوقت الحاضر بات مفصلا رئبسيا قويا في تحقيق الاهداف المرجوة اكثر من المراحل السابقة لاسباب معلومة من تغير وضع المجتمع و العلاقات بين الامم و ثورة الاتصالات الى غير ذلك من الاسباب، و هذا الجانب يحتاج الى امكانيات كبيرة من كافة النواحي و يمكن ان تساوي تاثيراته فعاليته عمل هذه الاحزاب التي تدعي يساريتها بكاملها.
اما ما نراه على ارض الواقع في كوردستان من اعلام لهذه القوى لا يمكن تقييمه على انه اعلام يساري يختلف عن وسائل اعلام القوى الاخرى على الساحة، و تاثيرات و تداعيات و افرازات الليبرالية مسيطرة على ادائه في الشكل و الجوهر، لا يحس اي كادخ كوردستاني بانه يمتلك من الوسائل التي يمكنه ان يعبر عن معاناته و احاسيسه و جوهر تفكيره الذاتي ، و الاسباب عديدة موضوعية يفرضها اما الواقع او المعادلات الدولية العامة بشكل كبير ،او ذاتية محضة تعود لمالكي هذه الوسائل الاعلامية و امكانيتهم المادية و الفكرية او قرائتهم للواقع و كيفية معاملتهم اياه، و عدم وحدة الفكر و الاهدافبين هذه القوى لها تاثيراتها المباشرة على تشتت قوتهم و ينعكس بدوره على ادائهم الاعلامي، عدم وحدة الخطاب اليساري الكوردستاني عامل جذري و اساسي هام لعدم وجود هوية خاصة بهذه القوى و عن دورها باعلامهم الذي من المفروض ان يواكبون التغيرات الحاصلة في المنطقة بالذات و المجتمع الدولي بشكل عام، و ربما الميزانية الكبيرة التي يحتاجها الاعلام بشكل خاص يعد عائقا كبيرا امام مهامهم، و محدودية ميزانيتهم التي يمن عليهم بها القوى المتنفذة في السلطة ، و فرض شروطهم على اعلام هذه القوى عامل رئيسي في تخلف اعلام قوى اليسار ، و لكن ما يزيد الطين بلة هو عدم توفر الامكانيات الذاتية و الكفائات المطلوبة لتسيير اعمال الاعلام لدى هذه القوى ولاسباب سياسية ذاتية و خاصة بقيادة هذه القوى التي تسيطر بنفسها على الاعلام بشكل كامل كما هي سيطرتهم على المالية و القوات العسكرية لديهم، و لا ينتسب الى هذا الجانب لحساسيته الا المقربون و الموالون للقيادة المتنفذة في هذه القوى ، و بفرض شروط الاحزاب الاخرى للسلطة و شروط القيادة الذاتية للاحزاب التي يديرون هذه الوسائل الاعلامية لم يبق شيء من استقلالية الفكر و الخطاب لنقله الى الشعب و الكادحين،و المصالح الشخصي تفرض ما يمكنه ان يعتصر العقل و الفكر اليساري المحض ان كان موجودا بين صفوف كوادرهم اصلا ، ليظل منفذو الاوامر و تبقى حال الاعلام للقوى اليسارية كما هي عليه الان، و هو مفرغ من لب المقصود في الخطاب اليساري الواقعي ، و هذا مرتبط بشكل وثيق بوضع القوى انفسهم من كافة الجوانب، و لتصحيح هذا الامر يحتاج الى عقد مؤتمرات اعلامية ثقافية كبرى لتحديد الخطى و الطريق الملائم و تصحيح الحال بشكل جذري.
5- مستوى تطبيق مباديء الديموقراطية و المساواة بين صفوف هذه القوى اليسارية
جدير بالذكر هنا ، انه ليست هناك قوى و احزاب لا تدعي نظريا تطبيق مباديء الديموقراطية و تحقيق المساواة و خدمة الجميع و تنظر كيف هي تحقق امال المجتمع، ناهيك عن خطاباتهم عن ديموقراطية احزابهم في مسيرة اعمالهم الحزبية و كيف يطبقون العدالة و المساواة بين اعضائهم و كوادرهم، و هذه الادعائات ينطبق على جميع الاحزاب اليسارية كانت ام ليبرالية او قومية او وطنية او برجوازية او دينية، و لكن لو دققنا في واقع الحال و ما يطبق على الارض ، وما يخصنا هنا القوى اليسارية فقط،فنرى العجب من نوعية هذه الديموقراطيات و هذه المباديء التي يدعون تطبيقها بين صفوف قواهم، و بصريح العبارة قبل الخوض في كيفية تطبيق الديموقراطية في هذه الاحزاب يمكننا الجزم بان هذه الخطابات لتغطية ما يجري وراء الستار من السياسات التي يرى منها العجب، و لا تمت بالديموقراطية و حتى باشكالها الظاهرية و ليس الجوهر منها اية صلة من قريب او بعيد،و ليس في جوهرها الا الا فوضى و سخرية و تضليل ايضا. الديموقراطية الحقيقية هي منح كافة الكوادر و الاعضاء الفرصة المتساوية و الحق في ابداء الراي و توضيح المواقف و التساؤل على ادق الامور و الشفافية و حق الترشيح و الانتخاب و فسح المجال لتوضيح افكارها و مواقفها و النقد و النقد ااذاتي، و توفير الفرص المتساوية للجميع في التقدم و التطور من كافة النواحي، و عدم التفريق بين المقرب الموالي و البعيد المنتقد ، و اهم مبدا في تطبيق العدالة الممكنة بين صفوف القوى هو عدم الاعتماد على اراء و مواقف اشخاص او قيادات بحد ذاتهم في تقييم الامور و توزيع الواجبات و ضمان الحقوق، بل الاعتماد المؤسساتية في تلك الامور، و ذلك لعدم الغبن نتيجة مزاجات فردية او العاطفة الانسانية التي تخون العقل في كثير من الاحيان. ان الملاحظ في هذه القوى و نظرا لتركيبتهم الحزبية و وضعهم الداخلي المعتمد اصلا على مجموعات و عوائل و اقارب ، فان العدالة و التساوي تكون مستحيلة التطبيق، و ان كانت القيادة اصحاب افكار يسارية تقدمية في بعض الاحيان، وان كان النظام الداخلي و الشعارات يعبران عن التساوي و تطبيق الديموقراطية الا ان الواقع يعكس غير ذلك من العمل السياي الذي يتبعونه، و نظرا لسيطرة الافكار و المباديء المصلحية على المجتمعات لابد لها ان تسيطر على القوى و الاحزاب و منها اليسارية ايضا، و لذلك لم نر و لو افق بسيط معين لتطبيق الافكار العلمية اليسارية العامة بين صفوف القوى قبل افراد المجتمع. و جل ما يعتمد الان هو ترضية المقربين و السيطرة على مواقع القوى الداخلية في هذه الاحزابو محاربة او مصارعة الاخر لحد التسقيط و الغاء الاخر بكافة الوسائل و حتى غير المبدئية و غير الشرعية و غير قانونية التي تعتمد في الاحزاب و القوى المسماة باليسارية و هي غير حقيقية و بالاخص ما موجود منها في الشرق و العراق و كوردستان بالذاتو الدليل الواضح هو كثرة الانشقاقات و انبثاق الكتل بين صفوف هذه القوى و اكثريتها معتمدة على المصالح الشخصية و الامتيازات و الملذات و المناصب بعيدا عن المواقف الفكرية التي اختفت بشكل كبير في هذه الايام ، و تعود النتيجة اصلا الى جشع القيادات و تحكمها بقوة مفرطة و بكافة الوسائل غير الشرعية في السيطرة على القوى و الاحزاب اليسارية في هذه المنطقة، و هذا نتيجة طبيعية لتخلفهم الثقافي الفكري السياسي، و عدم ايمانهم بالفكر و العقيدة و اكثريتهم من العقليات البعيدة عن الفكر اليساري و طارئين عن الفكر اليساري و يتشبثون به نظريا زورا و بهتانا.
6- كيف تنعقد المؤتمرات الحزبية و تنتخب القيادات و تناقش الافكار و المعتقدات
نظرا للظروف الداخلية غير المستقرة للقوى اليسارية الحالية و انعدام رص الصفوف او وحدة الفكر و الخطاب السياسي و هشاشة التنظيم و الاعتماد على المصالح الشخصية البحتة ، و نظرا للوضع الداخلي المعقد و الذي هو المتبنى اصلا اعتمادا على صلة القربى و ليس على الفكر و العقيدة، و نظرا لكثرة التكتلات و التجمعات و المقاربات المصلحية الداخلية ، بات الافكار و المعتقدات في اخر المطاف، تكون انعقاد المؤتمرات اصعب عملية او واجب حزبي المفروض تطبيقه بالنسبة لقيادات المفروضة على القوى اليسارية، و اصبحت محطة مكشوفة لابراز و اعلان الخلافات الموجودة اصلا و كل الانظار على الانتخابات القيادية فقط و انما الافكار و المعتقدات و الايديولوجيا اصبحت من الثانويات في هذه المحطة التي من الواجب الطبيعي ان تكون فاصل لمرحلة تطورية جديدة من اجل التغيير و خدمة الجميع و دافعا لروح التضحيات و الحيوية و الانتعاش و العمل الجدي لتطبيق الافكار، و لكن الان انقلبت اهداف المؤتمرات واصبحت عاملا رئيسيا للانشقاقات و و الانفكاك الداخلي و الصراعات الحادة غير الفكرية بين صفوف هذه القوى. السبب الرئيسي في كل تلك التخبطات تعود الى انعدام الايمان بالافكار و المعتقدات من قبل القيادة قبل الكوادر و الاعضاء، و فرض مصالحهم الشخصية قبل اهداف الحزب و العمل على ابقاء هذه الشخصيات انفسهم متمسكين بالكرسي الدوار بكافة الوسائل و حتى غير الشرعية اللامبدئية ، و يتعمدون في اكثر المؤتمرات و خاصة رؤساء الاحزاب و القيادات العليا انفسهم على تكوين و انشاء و انبثاق الكتا الموالية في سبيل بقائهم في زعامة القوى و ليس من اجل تحقيق اهداف هذه القوى و انما لاستمرارهم في التلذذ بالمكتسبات الشخصية ، و يضربون مصالح و اهداف و افكار الحزب و آمال الاعضاء و الكوادر المخلصة و الطبقة الكادحة عرض الحائط، و لذلك اصبحت عقد المؤتمرات و افرازاتها من العوائق الرئيسية امام الاحزاب و لم يكن بعد المؤتمر محطة الانتقال من مرحلة الى مرحلة متقدمة متغيرة اخرى.
اما الافكار و المعتقدات و المباديء العامة ليست بالجانب الهام في مسيرة الاحزاب و في حواراتهم او صراعاتهم و منها بالاخص فيما يجري وقت عقد المؤتمرات الذي من الواجب المبدئي ان ان يخرج الحزب منه بالافكار و الوصايا الفكرية السياسية التنظيمية و العقيدية الواقعية الجديدة من اجل تغيير مسيرة القوى و بيان نقاط الضعف لمعالجتها و ايجاد السبل لتقوية جوانب هامة في خدمة الكادحين و محاولة استنتاج ما يفيد الطبقة المسحوقة بشكل خاص في المرحلة ما بعد انعقاد المؤتمر، و قراءة الواقع الثقافي الاجتماعي السياسي و الاقتصادي للمجتمع، و كيفية تنفيذ العمل و الواجب اليساري بين صفوف الشعب ، و بيان دور المؤتمر في تشخيص الامراض الاجتماعية في المجتمع و من ضمنه الطبقة الكادحة بالذات لمعالجتها و تحديد دور الحزب و الوسيلة المتبعة في تحقيق تلك الاهداف بشكل علمي صحيح. الا ان اهداف انعقاد المؤتمرات الحزبية اليسارية اختزلت الى تحديد الشخصيات القيادية بانتخابات اكثريتها معلومة النتائج ، و سبق ان فعلت القيادات فعلتها لتحديد من يكون ضمن القيادات المقبلة التي يكون مواليا لها، و غير مشوش او معوق او منتقد لبقاء ضمان المصالح الشخصية لها . هكذا فقدت المؤتمرات شرعيتها الحقيقية و اصبحت تجمعا لاختيار من يدير دفة الحزب كشركة استثمارية هدفها الربح و الخسارة ليس الا.[1]