كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى القوى اليسارية (2)
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2409 - #19-09-2008# - 10:16
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
بعد النجاح الباهر الذي حققته ثورة اكتوبر، بانت اطلالتها بشكل جميل في الافق الكوردستاني و توسعت مساحتها و ترسخت مبادئها في فترة قياسية في هذه المنطقة و اثرت سريعا على الوضع العام للمجتمع من كافة نواحيه.
بما انه المجتمع الكوردستاني يمتاز بمجموعة من السمات الخاصة به، و من جانب اخر تاثرت شعوب المنطقة جميعا بدورها بافرازات و تداعيات الثورة البلشفية، فمن الطبيعي ان تكون لهذه المؤثرات دور بارز على تغيير طبيعة هذه الشعوب و من ضمنها الشعب الكوردستاني الذي تاثر بشكل كبير و واسع منذ انتشار مباديء الثورة و الفكر اليساري او الشيوعي.
فاولى الطلائع من حاملي الفكر اليساري التقدمي وصلت الى هذه المنطقة عن طريق العلاقات السياسية الاجتماعية الثقافية ، و كان للنخبة دور فعال في هذا المضمار ، و تدريجيا بان مستوى والثقل الكمي و الكيفي لهذا الفكر على مسارات الحياة في المجتمع ، و ظهرت التجمعات و اللقائات و الحوارات و النتاجات الادبية اليسارية بشكل مؤثر و جذري و تواصلت اللقاءات لحين ظهور تيارات و تجمعات عديدة في المنطقة من حاملي هذا الفكر و العقلية الى ان وصلت الحال الى انبثاق احزاب شيوعية من النخبة الواعية المثقفة و باشتراك عامة الشعب، و انتشرت الافكار و توسعت المساحة و الاطار التنظيمي لهذه الاحزاب و عبرت الحدود القومية والوطنية و توغلت في التركيبة الاجتماعية لجميع المناطق في فترة قياسية و منها كوردستان و لاسباب معلومة في تلك المرحلة.
و تطورت العملية السياسية لليسار العالمي بعد الحرب العالمية الثانية في هذه المنطقة، و كانت لوحدة الاتجاه الفكري في فترات متعددة و طويلة تاثيرها السلبي في مناطق الشرق الاوسط و منها كوردستان، و نظرا للاعتماد على البعد الواحد لتحليل و تسيير الحياة و محاولة تاليف و تكوين انظمة شمولية خاصة، مما حدى بالوضع الى افراز مجموعة من الاتجاهات الفكرية غير المتجانسة فيما بعد ضمن اطار الايديولوجية اليسارية و بالنتيجة حصلت العديد من الانشقاقات و تاثر الوضع بالسلبيات الطارئة و الخارجة من هذه الانشقاقات، التنظيمية كانت او فكرية، نتيجة الاجتهادات المتعددة لمروجي و مبشري هذا الفكر، باتجاهيه المتشدد المتطرف غير الواقعي النظري و المعتدل الواقعي العملي على ارض الواقع . بالنسبة للوضع السياسي الكوردستاني ، كان الفكر القومي هو المسيطر الا ان آفاق اليسار كانت واضحة للعيات سوى كانت سرية في صفوف المثقفين بشكل عام او ضمن اعتقادات و افعال و توجهات القادة و الكوادر المثقفة للاحزاب القومية او ضمن الاحزاب اليسارية او الشيوعية العراقية بشكل علني، او من المثقفين المستقلين المتاثرين بثورة اكتوبر و الفكر الشيوعي و اهداف الاحزاب الشيوعية و اليسارية العالمية. و واجه اليسار صعوبات جمة في كوردستان نظرا لطبيعة المجتمع الكوردستاني الاجتماعية و الفكرية و الدينية . و تجربة اليسار كانت تعتمد على النقاط المشتركة بينه و بين الحركات الثورية و اغلبها ذات اتجاه قومي او وطني ، و لم تكن للواقع الطبقي تاثيرات مباشرة على انبثاق الافكار اليسارية و هذا ما يجبرنا على القول ان التيارات اليسارية التي انبثقت في كوردستان لم تكن نتاج ضرورة تاريخية و موضوعية ملائمة لمرحلة النضال او بعد ثورة اكتوبر بشكل عام، الا انها بانت و انتشرت اما بتاثير النخبة او الاحزاب الوطنية الاخرى او الشخصيات العامة التي كانت تعتلي المناصب العليا لحين انبثاق الحزب الشيوعي العراقي و تجمعات اخرى غير مشهورة . و تغيرت الاوضاع العامة في كل مرحلة تاريخية اثر التغيرات العالمية او الاقليمية ، و ظل اليسار الكوردستاني مثقل الاحمال يتراوح في مكانه دون اية مراجعة للذات على ايجاد الطريقة المثلى للعمل و البحث عن الارضية المناسبة او توفيرها في المجتمع، و كان واقفا مندهشا دون اي تفكير في التكيف و التغير التلائمي ، فظل في مؤخرة الركب و القافلة للمسيرة الفكرية السياسية الواقعية الملائمة لطبيعة المجتمع الكوردستاني ، و كان للمواقف السياسية التي اتخذها اليسار الكوردستاني في الاحداث العالمية تاثير مباشر ضمن الاحزاب الوطنية و الشيوعية القطرية على وضعه و مكانته. و من اولى العواقب امام نجاح الفكر اليساري في المجتمع الكوردستاني هو تاثره بالايديولوجية الدينية بعد سيطرة الفكر المثالي الروحاني بشكل كامل على هذه المناطق و انبثق منها عدة طرق و اجتهادات اسلامية و صوفية بحتة ، اضافة الى عدم افراز الطبقات و انفصالها بل كان لتداخلها بشكل معقد دوربارز في تباطيء نشر الفكر اليساري بالاضافة الى نوعية و شكل العادات و التقاليد و ظروف معيشة المجتمع بشكل عام.
اذن الخميرة الاساسية التي تكونت من كل تلك المصادر المتعددة في كوردستان هي مستوردة اصلا هي التي نتجت الخميرة المركًزة لاختمار الفكر اليساري الاصيل، و كانت الادوار المتعددة التي قامت بها المثقفون و الكتاب المتنورون ، دور بارز على تلاقح الفكر مع الوضع في كردستان مما حدى الى اكتساح الساحة و من ثم تطعمت بافكار تقدمية اخرى و اثرت على الواقع بشكل اكبر، وكانت لهذا الفكر تاثيراته المباشرة على العقليات و به طفحت الى السطح النتائج الضخمة من الافعال و الاعمال في تلك الحقبة من كافة النواحي الثقافية الاقتصادية السياسية و التحولات الاجتماعية. وبرز بعد تطعيم الفكر اليساري مع الواقع المتصف بالعدديد من خصائص و مواصفات اليسار التلقائي الموجود اصلا في بنية المجتمع في مناطق متعددة من كوردستان اظهر نتائج باهرة في تطبيق الفكر على ارض الواقع و خاصة في قرى كوردستان النائية ، و كان للركائزالمواصفات الانسانية و البنية التحتية الطبيعية لتلك المناطق من روح التعاون و العمل المشترك المغروز اصلا بين ابناء المجتمع و ضمن اساسيات اخلاقياته في العلاقات الاجتماعية الاقتصادية في تلك القرى اسباب رئيسية في بيان الدور الاصلاحي و الصالح للفكر اليساري لابناء الشعب.[1]