كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (1)
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2408 - #18-09-2008# - 03:10
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قبل اي شيء لابد ان اشير الى انني احاول هنا بكل جهدي ان اكتب الموضوع بحيادية و موضوعية تامة و ان امكن أن اخرج منه بورقة عمل و مباديء عامة لكي يستفاد منه من قبل اليسار الكوردستاني ، و اتمنى ان افيد به الكادحين المظلومين في المعيشة و الحياة ، بهذه الطريقة التي هي اقصى ما بمقدوري ان اقدم اليهم و لو شيئا بسيطا لاوفي بوعدي و عهدي الذي قطعته مع نفسي ان اكون في مقدمة من يخدمهم في الحياة باية وسيلة كانت.
المجتمع الكوردستاني خليط متنجانس من مجموعة من الطبقات و المستويات المعيشية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية و التي لا يمكن فصلها او افرازها لدراسة كل منها على حالها بعيدا عن الاخرى بشكل علمي دقيق و مفصل، و لكن الظاهر الواضح في هذا المجتمع العريق ان اكثريته الساحقة من الطبقة الكادحة و الفقيرة المعدمة التي تتميز بمجموعة كبيرة من الصفات المتشابهة فيما بينها من كافة نواحي الحياة التي تدفع اي مراقب و تشجعه على قرائتها و تمكنه من رصد الخصائص و الصفات و المميزات و الطبيعة الاجتماعية من العادات و التقاليد و المعتقدات و الطقوس و اخلاقيات الفرد فيها، و هي من الخصوصيات التي تميزها عن الطبقات الاخرى و عن ما موجود في المجتمعات الاخرى.
ان للتاريخ و الجيوبولتك تاثير مباشر و عميق على حياة المجتمع الكوردستاني بشكل عام, و لو درسنا اية مرحلة نرى ما يميزها و ما مدى التغيير الحاصل فيها و الفروقات العامة مع المراحل السابقة و اللاحقة لها، اي يتجلى للجميع التقدم الحاصل في مستويات المعيشة و المؤثرات العامة الذاتية و الخارجية التي كانت لها الدورالهام في المراحل المتعاقبة. و بطبيعة الحال ، ان العالم المتغير يجلب الافكار و المعتقدات المتغيرة معه، لذلك فان الوضع الفكري الواقعي في كوردستان تغير بتغيير المراحل و العهود المتعاقبة متاثرا بالظروف الذاتية و الموضوعية في حينها ، لو دققنا اكثر نرى ان المراحل التاريخية الغابرة فيها من المواصفات الفكرية و العقلية التي لم تبق و تظهر منها الانال القليل، و نخص بالذكر ان الاديان و المعتقدات و الافكار و الايديولوجيا المنبعثة منه هي التي حددت نوعية و مواصفات المعيشة و خصائص المجتمع و تركيبته العامة.
و طبيعي جدا ان نقول ان المجتمع الكوردستاني كما هو غيره ، بالاضافة الى انبعاث الافكار و الاديان الخاصة منه ، تاثر بتعاليم و ظروف نشر الاديان و الافكار و المعتقدات الاخرى فيه، و الصراعات المتعددة بينهم اخذ وقتا طويلا لحين سيطرة البعض و اندثار الاخرى، و كانت الصراعات بشتى الطرق ، و التحديات اخذت حيزا كبيرا في تاريخ هذه المنطقة الى ان وصلت الحال و آلت الى ما نحن عليه الان من التنوع المتجانس.
و مرً المجتمع الكوردستاني بمراحل التطور الطبيعي المتتالية من البدائية الى المجتمع الزراعي و الفيودالي و من ثم الاقطاعية بشكل او اخر، و كان لتداخل المراحل او عدم نضوجها بشكل كامل تاثيره المباشر في حياة الشعب و تغيير مسار حياته ، و كانت الافكار و المعتقدات الواردة اليه دور بارز في حالته الانتقالية او بالاحرى عدم استكمال الجوانب الموجبة لتكامل المراحل و تطور الشعوب التي من المفروض ان يمر بها، و ما حدث فيه من القفزات في الكثير من الاحيان، و ربما يختلف المؤرخون او العلماء الاجتماعيون في تقييم المجتمع الكوردستاني بحد ذاته لما مرً به و المميزات التي تفرقه عن الاخر، و منهم من يعيد خصوصية هذه المميزات الى موقعه و طبيعته الجغرافية و وضعه السياسي الاجتماعي ، فيما يعيد الاخر الصفات الى المحيط المؤثر و محاولة نشر السلبيات للسيطرة الكاملة على المنطقة و الوضع فيها ، و هناك من يلصق ما يتميز به الشعب الى التاريخ و الانعزال الاجباري بسبب عامل التضاريس و انعدام الاختلاط الكافي بينه و بين الشعوب الاخرى.
المهم ما يخصنا هنا هو انفتاح العالم و التطور الحاصل فيه مما حدى الى الاحتكاك الشامل بين الشعوب و وضوح بيان المؤثرات بشكل كبير في القرون الاخيرة، و كان الشعب الكوردستاني احد المتاثرين بافكار و عقائد و ايديولوجيات العالم مما غير من نوعية و شكل الصراعات و حتى طبيعة المجتمع فيه الى ان وصلنا الى القرن العشرين و هو الحد الفاصل للتغيير الجذري في بنية المجتمع الفكري الثقافي.
من المعلوم من انه كانت هناك صدى للثقافة و الفكر التنويري العالمي في هذه المنطقة و بالاخص اليساري منها منذ ثورة فرنسا و وصل بشكل ما محتوى هذا الفكر و الثقافة اليسارية العامة الى هنا عن طريق اختلاطات النخبة و التبادل التجاري و الثقافي، و تاثر الشعب تدريجيا بما حصل في العالم الى الوقت الفاصل و هو الظروف التي خلقتها ثورة اكتوبرو ما يمكن ان نسميها الانفجار الكبير للفكر اليساري او الشيوعي او الاشتراكي في العالم لحين انهيار الاتحاد السوفيتي ، و تاثر الشعب الكوردستاني بشكل جذري بمباديء و فكر و عقيدة اليسار و حسب ما كان هو عليه من الواقع الاجتماعي و الثقافي، و عن طريق النخبة و بعدة سبل متفاوتةا ، و برع في تلك الطريق عدة اتجاهات و مكونات و كتل و تيارات و احزاب و كان لهم باع كبير في نشر ما يفيد الانسانية مستفيدين من لب هذا الفكر على الرغم من بعض الاوقات من وجود التقليد الاعمى لاساليب التي لم يكن الواقع يزكيها في التطبيق و احدثت الاخطاء، هذا ان همشنا السياسة غير الناجحة في اكثر الاحيان و التي اضرت بجوهر الفكر في تلك المراحل من الحياة السياسية للمجتمع الكوردستاني الخليط . و انبثقت من ذلك الواقع عدة توجهات و احزاب و تجمعات ذات تاثيرات فعالة و مباشرة على حياة الشعب و مندمجة في ثنايه لما تتطلبه ظروف المجتمع، و من جانبه كان الشعب باكثريته سوى كانوا منتمين الى تلك التيارات و الاحزاب تنظيميا او متوائمين مع اهدافها و شعاراتها ملبين لدعواتها في الفعاليات و العمليات السياسية المؤثرة على مسارحياة الشعب السياسي الثقافي الاقتصادي ، و كان لتلك الاحزاب تاثير بارز و قوي على تغيير مستوى معيشة المجتمع و صفاته و خاصة الطبقة الكادحة، وكان للدور الفعال الذي تمتع به اليساريون تاثير و موقع خاص لتحديد اتجاه المعادلات السياسية العامة، و تاثر المستوى العلمي و الثقافي العام بنشر الافكار التقدمية العلمانية ، و لليسارية مكانتها الجلية في هذا المجال ، و شهد المجتمع قفزة ايجابية في السُلًم التطوري للعلم و الثقافة و المعرفة و بدوره اثر بشكل مباشر و مؤثر على مسيرة تطور المجتمع و حياة الشعب في تلك المرحلة.[1]