كفاكم الحكم من طرف واحد و تفهموا الحقيقة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2392 - #02-09-2008# - 03:16
المحور: القضية الكردية
بين فترة و اخرى نلاحظ افتعال ازمة هنا و اخرى هناك، و كلها مستندة على ما تضمرها السياسة و الفكر و العقيدة و ما يؤمَن به في لب العقل و الايديولوجيا في اكثر الاحيان و هو مكبوت وسري ولا يُخرج الى العلن الا في الازمات و هو على العكس ما يُعلن على الملأ كثيرا و يتخذ من الاعلام منبرا لادلاء بتصريحات و هو على العكس تماما ما ينفذ على الارض ايضا، و اسبابه معلومة للجميع و هو انعدام الثقة و التخبط و المزايدات السياسية على حساب مصالح المواطن المعدم .
حتى الامس القريب كنا نئن تحت نير و ظلم دكتاتور قاسي لا يفرٍق في ظلمه من على الارض و نتيجة لما يعتقد به و حسب مزاجه بين الاخضر و اليابس الا حلقته القريبة ، و كأنه خلق الارض و العراق و من عليها باكمله و، و اقترف ابشع الجرائم ضدحق معارضيه لمجرد الطلب بحقوقهم البسيطة ، و قام بما لا يقدم عليه اي نظام على الارض ، حتى وصل به الى الابادة البشرية الكاملة لمن يُعتبر جزء من شعبه و لم يُعترف به يوما ، و خلق ما لا يمكن ان يصدق من التغييرات على الارض التي لا يهتم بها اصحاب سلطة اليوم نتيجة اهتمامهم المحصور و الضبق بملذات الحكم و التسلط و السياسة اليومية.
ان الانسانية تتطلب من جميع القوى اليسارية قبل غيرها و كعمل تاريخي من بيان الحقيقة و الاهتمام بجوهر القضايا و ليس اعتمادا سطحيا بالمعتقدات النظرية و التلفظ بمفاهيم صاغها اناس عاشوا في وقت و ظرف لا يمكن بتاتا ان يقارن مع مستجدات اليوم و بما فيه البشرية ، ولا يمكن ان لا يؤخذ بخصوصيات الشعوب و عاداتهم و تقاليدهم و مقومات حياتهم و ظروف معيشتهم و ما يؤمنون به بشكل عام بنظر الاعتبار و لا يمكن اهمالها ابدا . ان كان العالم باجمعه يؤمن بحق اي انسان ان يعيش بسلام و محبة مع اخيه و يؤمن بما يفيده و يسعده بشرط عدم ايذاء الاخر و الالتزام بالحدود الطبيعية للحرية، و هذا من حق مجموعة او كتلة او قبيلة او عشيرة او قرية او مدينة او قطاع عام او اقليم او كيان ان يتمتع به كما هو الانسان الفرد.
لو كنا معتقدين في فكرنا بحق الانسان في حرية التفكير و العيش و تقرير مصيره، فكيف لا يحق ان لا نعترف بحقوق مجموعة او كيان لديه مقومات العيش بحرية و سلام وله الحق في تقرير مصيره و هو ما يؤمن به جميع الافكار و الايديولوجيات.
مهما كان تفكيرنا او اعتقاداتنا السياسية و ان كنا دائما نفكر ما في الواقع و ليس ما يمكن ان نعبر عنه بالقرار المسبق و اعتمادا على ما نستدل من النظريات التي يمكن ان لا تتحقق حتى في يوم ما ، علينا ان نعتمد على ما هو على الارض و راي الاكثرية الغالبة او المطلقة في كيفية و نوعية المعيشة التي يؤمنون بها . و التاريخ شوًه العديد من الاوجه استنادا الى ما كان القوي يسيٍر الوضع عليه دائما ، و التاريخ يسجل ما دوًنه السلاطين و المتنفذين و من كان لديه الجاه و الحكم و المال و بيده زمام الامور ، و لذلك ان كنا نريد التعمق في تفاصيل اية قضية لابد ان من قراءة جوانبها و جواهرها و ليس على ما نعتقده نحن و ما نعتبره الاصح من جاننا و حسبما نفكر و نؤمن ، و هذا هو الحق بعيدا عن العاطفة و التحيز للافكار و المعتقدات الذاتية ، و ما نراه من المشاكل و القضايا في العالم و في كل بقعة هي نتيجة الصراع على الملذات و غلبة الاقوى دائما ، و ما نراه من النضالات المستمرة و التضحيات دائما من جانب من سُلب حقه و هضم ما يستحقه من قبل الاخر.
هنا ليس تعصبا قوميا او فئويا بما نطرحه و لست من يدافع و هو معصوب العينين بل انني ادخل ما في القضية من تعقيدات و ما نشأ منها في خضم الحروب و الصراعات و الثورات المتعاقبة على الشعب المسالم في بقعة لها كافة مقومات تاسيس الكيان و حق تقرير المصير الذي يؤمن به اليسار و اليمين، و الظروف الدولية و الاقليمية و ما اقدمت عليه الاستعمار من بقاء تفاعل القضية و استمرار تعليق المشكلة لمصلحته و ليس لشعوب المنطقة اي ذنب فيه ، و اني هنا اوجه كلامي و اتوجه نحو اليسار الواقعي ، ان كنا نعبر عن حق اية فئة او مجموعة من الناس في تقرير مصيره في اقاصي الدنيا، فكيف لنا نحن في لب المشكلة ان نبعد انفسنا عن القضية و نبتعد عن جوهرها و في كل مرة نلصق بها مواصفات شتى و ننعتها ما يضر بمصير شعبها و هي قضية شعب كوردستان و ما نتجت منها و بعيدا عن التسميات الحاضرة و الشماعات التي تتعلق عليها المسببات ، يجب ان ننظر اليها على انها قضية و مصير شعب و منطقة و تاريخ فيه ما يكفيه من ظلم و غدر، وليس كلامنا هذا خارجا من منطلق قومي و عنصري و انما من التفكير الانساني و ما فرضته الايديولوجيات و العقائد و الافكار الانسانية البحتة، و التضحيات لوحدها تكفي ان يدع الانسان يمعن في هذه القضية بعين الحق و العدالة ، و القوميات السائدة هي التي كانت دوما تطيل من غدرها على القوميات او الفئات المظلومة دوما ،لانها لم تكن يوما في وضع تكون لها القدرة على تجاوز حدودها ، و ما التغيرات التاريخية المقصودة من السلطات المتعاقبة على جميع اجزاء كوردستان من الحصر و العزل و التغيير الديموغرافي و الظلم و الغدر و مصادرة للحقوق الطبيعية لشاهد كبير على اي مفكر ان يتامل فيه قبل ان يرد او يكون راي و رد فعل لسياسة و عمل و فعل مسؤول كوردستاني هنا و هناك ، فالحقوق لا تعطى للشخصيات يقدر اعادتها للشعوب ، ان السلطات الحالية لكوردستان العراق فيهم من السيئات و الفساد الذي يضر بالشعب الكوردستاني و يغدر به يوازي غدر المتعصبين و ظلم الحكام المتسلطين ، فان الشعب الكوردستاني و قضيته محصورة بين اداء الحكام و المسؤولين الفاسدين و العقلية التعصبية الضيقة لحكام و سلطة المركز.
ولذلك كله لابد ان نتامل كثيرا في قضية شعب كوردستان نحن كيساريين علينا ان لا نخوٍن احدا و لا ننظر الى الشعوب بالعيون التي ننظر ها الى حكامهم ، و يجب ان لا يلتصق مصير و حقوق شعوب بحكام لا يتجاوز اعدادهم عن اصابع اليد، و مصير شعب ليس لعبة يستهان به ، و املي كبير باليسار و بما فيه من حقوق و تقرير للمصير ان لا يُحرًف لاسباب سياسية بحتة و افكار و معتقدات مسبقة غير واقعية ، و كل ما مرَ به العراق و المنطقة لو نختزلها لنرى صلب الموضوع اكثره تعقيدا هو القضية الكوردستانية و التغييرات و التحولات التي اجريت عليها و الاضرار التي لحقت بشعبها و شعوب المنطقة ، و تتدخل فيها القوى العالمية المصلحية ، و نحن نكون الات و وسائل بيدهم باجمعنا يسارا و يمينا دون ان نعلم ، و نعتقد بشيء بكياننا و فكرنا و نتصرف باخر و ندعي غيره، و هذا ما يتطلب منا نحن اليساريين بالاخص ان نتعمق كثيرا من دون الاعتماد على النظريات البالية و التي لا يزكيها الواقع، فالواقع يفرض الاعتدال في اعتقاداتنا و افكارنا ، و يجب ان نكون انسانيين اكثر من مَن يدعون ذلك و يفعلون على العكس، ولذلك نقول يجب ان نقرا كل ما تحمله جميع الاطراف و تتمسك بالحق و الحقيقة و ما في خير الطبقة الكادحة على الاكثر، و بفهم الحقيقة و العمل عليها نجد الصواب ، و علينا ان نتريث كثيرا في الحكم من طرف واحد قبل التاكد من جوهر و دوافع اية قضية و تفهمها بشكل تام. و ان تعمقنا كثيرا تتجلى لدينا بان السياسة و المصالح السياسية و الفئوية و العصبية و الحزبية الضيقة هي التي اضرت بجوهر جميع القضايا العالقة في المنطقة و على راسها القضية الكوردية وما يتعلق بها و ما آلت اليه ابعادها و ما ظهرت من معطيات للمواقف المتعددة المتباينة من الحكام و المسؤولين المهتمين بها و هم يتعاملون استنادا على افكارهم و تحزبهم الضيق دون ان ياخذوا بنظر الاعتبار مصير شعب كامل و منطقة واسعة ، و لم يتعودوا ابدا ليعيشو في الوضع القاهر الذي فرض على هذاالشعب المظلوم وما الثروات الهائلة فيها الا نقمة لشعوبها و نعمة لاصحاب المصالح من الحكام و القوى الكبرى.
ان ما يهمني هنا هو موقف اليسار و عرًابيه و اصحاب التاريخ و التجارب و من الشباب و المخضرمين العقلاء، و عليهم ان يهتموا بعقلانية و صدر واسع و بشكل صريح الى القضية ذاتها و ليس لما يبدر من تصرفات تعصبية ضيقة من مسؤوليها ، و الحق لابد ان يعود لاصحابه مهما طال الزمن، و جميعنا مع الحق كما ندعيه و نضحي من اجل تحقيقه ، و هذا هو الهدف السامي لنا جميعا نحن اليساريين قبل غيرنا ، و ان كان الانسان و حقوقه و معيشته و سعادته و اماله هو هدفنا ، فطبيعي ان يكون اهداف و اماني الشعوب اهدافنا، و الطبقة الكادحة و المعدمة و مصيرها هي الهدف الاسمى ، و هذا التفكير الصحيح هو ما نعتمده و نعتبره و نسميه الواقعية في الفكر و السياسة و الاعتقاد و العمل و الموقف.[1]