نعم لاجتثاث البعث و لكن كيف؟!
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2385 - #26-08-2008# - 04:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من المعلوم ان البعث كحزب ليس له اي انجاز للشعب العراقي يمكن ان يفتخر به المنتمون اليه في حياتهم السياسية، و الجميع يعلم كيفية تاسيسه و انبثاقه و الظروف العامة و المفاهيم السائدة في حينه و وقت مجيئه الى العراق بالذات، و من الصحيح ان يقول احد لولا سيطرة هذا الحزب على زمام الامور و تحكمه بقبضة حديدية و تشدده اكثر فاكثر من مرحلة لاخرى و ماهية اعماله المخابراتية المشبوهة و من ورائها ، الى ان تجمعت كل السلطات بين ايدي الفرد الدكتاتور المريض، لكانت عملية التطور التدريجي الصحي في حياة المجتمع العراقي في ظل الثروات و الامكانيات الهائلة قد وصلت البلاد الى النعيم و لم يكن الشرق الاوسط باكمله كما هو عليه اليوم و ليس العراق لوحده فقط ، الا انه سواء كان هذا الحزب من صنع الايدي المخابراتية العالمية السرية كما يعتقد البعض او منبثق من رحم هذا المجتمع ذات المواصفات المعروفة من الناحية الاجتماعية و الثقافية، فان تاثيراته السلبية متعمقة في الكيان العراقي و لازالت الممارسات الحزبية و السياسية لبعض الافراد او التكتلات من صميم افكار و اعمال البعث بشكل مباشر و مقصود او غير مباشر و غير مقصود و هو متمتع بفكر و عمل البعث من دون ان ينتمي اليه يوما او يعلم بافكاره و ممارساته و نواياه . الجدير بالذكر ان ممارسات و التصرفات التي اصرً عليها البعث دخلت في عمق تفكير و تكوين الفرد العراقي و في لب معيشته من خلال الممارسات اليومية التي فرضتها بالقوة على الشعب من الفرد الى العائلة و الى المجتمع بشكل عام، و كان لعزل العراق عن المجتمع الدولي اخطر اسباب غرز ما كان البعث ينويه في كيان المجتمع و من هذا الجانب منع الاحتكاك بالشعوب الاخرى و ساعده في ذلك فرض حظر على الاتصالات و فرض الرقابة الكاملة عليها و لم يكن متوفرة كما هو اليوم و كانت تحت السيطرة الحزبية و المخابراتية بشكل كامل و هو من العوامل المساعدة لتحقيق اهداف البعث اللاانسانية الكابتة للحريات، و هو ما ادى الى تغيير في السلوك و اخلاقيات المجتمع بشكل كامل و جذري ، و كان المفهوم الذي يقصد هذا الحزب ان يفرضه بتفسيراته بكافة الوسائل يترسخ حتى و ان كان لا يتماشى مع المفاهيم السائدة في الوقت نفسه و لا يتلائم مع صفات و مميزات الشعب العراقي، العجيب في امر هذا الحزب ان ما يدعيه و ينظٍره شيء منفصل قطعا مع ممارساته الفعلية ، و هذا ما كان يخدع به العالم اجمع .
و المعلوم ايضا ان الظروف الدولية كانت عاملا مساعدا في فرض البعث ما اراده دون اية معارضة تذكر ، و توفر الثروات و السيولة و الاقتصاد القوي تحت ايديه من ازدياد الطلب على النفط كان من الوسائل التي استعملها لخدع العالم و و غض نظر جميع الدول و المنظمات للجرائم الكبرى التي اقترفها داخليا . فان دققنا فيما هو عليه الشعب العراقي بما فيه من السلوكيات و الصفات و الاخلاقيات المتوارثة غصبا عنه من حكم البعث الحاكم الاوحد نشاهد انه لازال يعاني من الامراض الاجتماعية الخبيثة التي نشرها البعث في تركيبته و كينونته .
لقد ولى البعث كتنظيم علني و لم يبق منه الا المتعاطفين المستفيدين من صدقاته اليهم و هم من الوفياء له ،
المهم هنا كيف و بماذا و باية وسيلة يمكن ان يُستأصل البعث و يجتث من جذوره و يقبر و يرمى في مزبلة التاريخ ، و يعتبر الاجيال من افعاله المشينة و صفاته الشاذة، هذا هو المهام الرئيسي للجميع في هذا الوقت و ليس الشعارات فقط، بل العمل و الفعل الهادف لازالة ما بقيت من الصفات و التصرفات و الاخلاقيات و الاليات التي كانت متبعة من قبله و باقية لحد اليوم، و علينا ان نسال ، هل لدينا ما يمكن ان نمسح و نزيل السلبيات و نعيد الحيوية الى الحياة السياسية الاجتماعية الاقتصادية الطبيعية من دون تاثيرات ما تبقى من البعث، وما هي الوسائل التقدمية التي يجب ان نعمل على استخدامها لاظهار و بيان ما كان يعيش الشعب في ظل البعث من القهر و ما كانت ويلاته ، كل ذلك يمكن ان يتم باثبات الجانب الايجابي لما هو عليه الشعب من المميزات الحسنة و ما هو عليه اليوم من الحرية النسبية و الديموقراطية المنشودة و العمل على تامين الخدمات العامة المستحقة لابناء الشعب و محاربة الفساد و استئصاله من جذوره ومنبعه وضمان الحياة الحرة الكريمة السعيدة الى الحد المقول هو العمل الهام لالغاء و اجتثاث البعث اجتماعيا ، اما من الناحية السياسية لابد من الابتعاد التام عن التصرفات التي تميز بها البعث من الدكتاتورية و الانفراد بالحكم و الغاء الاخر و مسح اية معارضة في الداخل و انعدام الحرية و ازدياد الفروقات الطبقية اي تقليل من الفرق الشاسع بين الفقراء و الاغنياء الجدد، هذه هي السلبيات البعثية التي بقيت لحد اليوم و على من يهتم باجتثاث البعث عليه ان يعمل على انهائه قبل اي موقف اخر او استعمال الاجتثاث كشعار للمزايدات الحزبية و السياسية، من اولى اولويات العمل على اجتثاث البعث من جذوره هو خدمة الشعب بشكل عام و العمل على العدالة الاجتماعية و التساوي و رفض العاداة و التقاليد المنبثقة للتصرفات و اخلاقيات البعث، العمل على احترام التعددية و حرية الراي و التعبير و الصحافة و الاعلام و خدمة الجميع بشكل متساوي و من دون المحسوبية و المنسوبية و صرف الثروات للشعب و فرض نظام التمدن و احترام القانون و القضاء و راي الشعب ، هذه هي الطريقة المثلى و الطبيعية لاجتثاث البعث الى الابد و ليس عن طريق الصراع المسلح لوحده و الحقد و الكره و الغاء الاخر و تصفية الاحسابات ، و من اهم المهمات الواقعة على عاتق الجميع اليوم هي اثبات خطا تصرفات و اهداف البعث للقاصي و الداني و حتى للبعثيين انفسهم المنتمين عقلا و فكرا لحزب البعث و ليس للحلقة القريبة من الدكتاورية و الزبانية الصدامية فقط، هذا هو الطريق العلمي السليم لاجتثاث البعث بشكل سلمي و ايجابي من دون اية افرازات جانبية ، و يبقى القانون وحده الحاكم و الطريق الوحيد لمن تلطخت اياديه بدماء الابرياء و ليس الثار و الانتقام الشخصي و الفكري العقائدي، و على الجميع ان يوفوا بوعودهم و عهودهم التي قطعوها على انفسهم لخدمة الشعب دون ان ينكثوا بها لاي سبب كان، و هو ما يؤمٍن ايمان الشعب بمصداقيتهم التي أُفتقد لحد اليوم منذ حكم الدكتاتور، و الاهم من كل ذلك عدم اعادة تطبيق ما عمل عليه الدكتاتور و البعث على الارض و هي الماساة الكبرى وكما قال الشاعر لا تنه عن خلق و تاتي مثله عار عليك اذا فعلت عظيم.[1]