السلطة و الاعلام والالتزام بالثوابت
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2306 - #08-06-2008# - 00:39
المحور: الصحافة والاعلام
لو القينا نظرة عابرة على تاريخ المنطقة الاعلامي يشكل خاص و قارننا كل عصر من حيث الوضع السياسي مع دور الاعلام فيه على الخدمة والحفاظ على المصالح العامة و الالتزام بالثوابت الفكرية لصالح التقدم و التغيير المستمر نرى ان تأريخ العراق يبين لنا ان الوضع السياسي هو المسيطر الدائم على مسار و آليات الاعلام و تأثيره على الراي العام، فمعاملة السلطة مع الاعلام كانت في اكثر الاحيان محتكرة له و في المقابل كانت هناك تاثيرات الحركات السياسية التحررية بشكل سري على ما كانت تمتلكه من وسائل الاعلام و اكثرها مقروءة بنفس الروحية المنغلقة، و كانت الحركات تعبٍر عن ثوابتها و اهدافها من خلال وسائل الاعلام الخاصة بها. اما الانفتاح الكبير الذي شهده الاعلام العالمي لم يصل المنطقة الا بعد السقوط و كما هو الحال في جميع المجالات الاخرى و وصلت بشكل فوضوي من دون اي اطار تنظيمي علمي ، و لذلك نرى البون الشاسع بين ما يجري هنا و وضع الاعلام في الغرب من حيث القانون العام و الدستور . و صدق من قال ان اردت ان تعرف مستوى تقدم اي بلد او شعب فانظر الى مدى تقدمه اعلاميا و مستوى ثقافة نسائه بشكل عام، و الاعلام حقا سلطة رابعة ان استغلت بشكل صحيح و هو الذي يشرع و ينفذ من خلال بيان الحقيقة و لكن بمصداقية تامة. ان كانت الايديولوجيات السائدة من قبل هي التي تسيٍر آلية عمل الاعلام فاليوم ترى مختلف الايديولوجيات و الارضية الليبرالية في وقت واحد منتشرة، وفي الحقيقة نرى التعددية في مصادر الاعلام وهو امر ايجابي و مفيد في هذا الزمن التعددي و حرية الفكر و الاعلام و ضمان حقوق الانسان و حرية الاعتراض من العصيان المدني و التظاهر و اصدار وسائل الاعلام معارضة و بشكل حر، الا ان هناك ثوابت هامة و خط حمر تعمل به كافة الدول و منها الاكثر تحررا و هو الاطار العام لعمل الصحافة من دون الاعتداء على المصالح العامة و حرية الغير و عدم التشهير و القذف و القدح،الا انه لا يراعى هنا في العراق، فالعراق اليوم فيه شيء من التناقضات المستمرة و الحق ان الفوضى في تناقص مستمر مقارنة مع ما بعد السقوط مباشرة. ان كانت السلطة السياسية و الحركات التحررية هي التي ادارت و حكرت وسائل الاعلام و وجهته توجيه ايديولوجي خاص بها، اليوم يجب ان يكون الاعلام الحر سلطة رابعة و يجب عليه هو ان يصحح الاخطاء و يُتذر من يخرج من الخط الاحمروان يلعب دورا متميزا كسلطة رابعة في توجيه المسارات السياسية الاجتماعية الاقتصادية. هناك فكرة بان الاعلام و السلطة و الثوابت او الاطار العام تجتمع مع بعضها و تثبت نفسها و كرزمة متكاملة تعبٍد الطريق الصحيح للتقدم في اي بلد يعتمدها.
لا يقل دور الاعلام عن اية سلطة اخرى من حيث التاثير ، فمساندته لاية عملية او ترويجه لاي فكر او عقيدة يكون سلاح ذو حدين ان كان يعتمد على اي تكتيك على اساس استراتيجي و ان لم يحسب الاهم والمهم و الاولويات في اية مرحلة او عهد فسلبياته تكون اكثر واوسع.
لنا ان نقول هنا ان الحرية الفكرية و الاعلامية التي فرضت نفسها بعد السقوط تطالبنا جميعا من المثقفين و الاعلاميين و الاكاديميين والسلطة الاهتمام بالركائز الهامة لاستمرارية الحرية و حدودها و استغلالها لصالح تقدم المجتمع ، والى اليوم لم نر ان الاعلام قد وٌضع في نصابه الصحيح تماما، و لكن الزمن له تاثيره الخاص و في الوقت المحدد ومن المحتمل ان يغرق الصح من قبل الخطا و لكن في النهاية لا يصح الا الصحيح. و هذا ايضا يحتاج الى جهود و واجبات مفروضة اخلاقيا على الجميع ان يلتزم بها، وفي اول الاولويات الاهتمام بقانون الصحافة و الاتفاق على صيغة و اطار عام لمشروع اعلامي عام، والاهتمام باولويات المرحلة دون القفز تحو المجهول او تقليد الغير و من ثم العمل على ارساء قاعدة اعلامية متينة تُبنى عليها الاعمدة الاساسية للقيم و المثل و روح التقدم و الحداثة التي يعتمد عليها العالم اليوم، واستثمار كافة القدرات و الامكانيات و العقول و استغلال التقدم العالمي في مجال التكنولوجيا الاعلامية و تسخير كل شيء من اجل تثبيت حرية الصحافة و ضمان عدم التدخل فيها من قبل السلطة و عدم عودة الاحتكار الذي كان مفروضا لعقود. من كل ما سبق نتأكد من ان الاعلام منذ السقوط لم ينشا بعد(حتى و ان انخفض حدة الفوضى فيه) على قاعدة محايدة ليثبت نفسه كسلطة رابعة ليثق به الجميع في بيان الحقيقة، بل كما نشاهد ان هناك وجهات نظر ايديولوجية تحريضية للعمل النضالي السياسي و حتى العسكري. اليوم نحتاج الى العمل السلمي الهاديء و معاصر لاعادة واقع الاعلام الى نصابه الصحيح المبني على بيان الحقائق بحياد كامل.
السليمانية/كوردستان العراق
[1]