الاتفاقية العراقية الامريكية وتدخلات دول الجوار
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2304 - #06-06-2008# - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
انني على يقين من ان السلطة في العراق ليست الحكومة وحدها، فالاحزاب المتنفذة هي المسيطرة و هي التي تفرض ما تشتهي اعتمادا على موقعها و ثقلها و خلفيتها و قوتها المستندة كل منها على احدى دول الجوار الذي له الفضل عليه تاريخيا. و ان كانت تدخلات دول الجوار غير مباشرة فلها يد طولى في فرض اجندتها عن طريق الاحزاب العراقية. اي العملية السباسة تسير وسط مجموعة من المعادلات السياسية الشائكة و اللاعبين فيها ليسو عراقيين لوحدهم، واي مستجد يُظهر فيفرض عدة مواقف متناقضة بحيث تبين مدى انفتاح الساحة العراقية واضحا لتدخٌل كل من هب و دب،فان لم يكن عسكريا فسياسيا.
الوضع الامني يشهد تحسنا نسبيا، و الغليان و الفوضى و الاعمال غير المسؤلة انخفض نسبيا و غير منتشر كما كان من قبل، و هذا اذا استثنينا ماينفذ من الاعمال الارهابية المتقطعة هنا و هناك.وفي كل خطوة سياسية يطفو الى السطح ازمات ما تفرض على كافة الاتجاهات بيان مواقفها مجبرا فيكون بعضها بشكل متشدد و منها معتدل معتمدا على مصلحة صاحب الموقف من بيان اعتداله او تشدده من اجل ان يستفيد من هذا الموقف و ذاك في صراعه مع الضد او لترضية اربابه. و اغلب الصراعات الحاصلة في العراق توضٍح مواقف الدول من الازمات و سير العملية السياسية العراقية ، و اصبح واضحا للعيان ان اي موقف من حزب ما هو موقف تلك الدولة التي صاحب الموقف موالي لها.
من الواضح ان هناك مشاكل متعددة و متراكمة و هناك مسائل مخفية و لو مؤقتا ين العراق و جميع دول الجوار و اية خطوة باتجاه تنظيم العلاقات الدولية تُظهر الى العلن هذه المشاكل المعقدة،و عند ابداء اي موقف من قبل القادة العراقيين او اية دولة جارة ، تحاول الاخرى و بشتى الطرق ان ترد عليها، و بذلك يعود العراق الى نقطة الصفر و كما كان ساحة لتصفية حسابات و لكن في هذه المرة تكون صراعات بعيدة المدى و بطرق ربما سلمية اي سياسية . و نظرا لاختلاف طبيعة حكومات دول الجوار و نوعياتها و علاقاتها مع دول الكبار ، يكون الدعم و المساندات و المواقف معتمدا على نوعية هذه العلاقات و مستوياتها و في مقدمة اسباب اعلان تلك المواقف المصالح الذاتية العامة لتلك الدول، ويكون كل ذلك في النهاية ذات تاثير سلبي على العراق و ما يجري فيه، و ينعكس سلبيا على حياة المواطن .
اليوم العراق في حالة مفاوضات حول الاتفاقيات و الارتباطات العراقية الامريكية طويلة المدى و بسرية تامة، الا ان بعض بنود هذه الوثيقة تسرب الى الفضاء السياسي العام و شغل مع نفسه الراي العام للاحزاب وليس الراي العام الشعبي الذي لم يتكوًن بعد. من الواضح ان لامريكا اتفاقيات مماثلة و متعددة الاوجه مع اكثر من سبعين دولة في العالم، وكل من هذه الدول عند سير المباحثات حول الاتفاق ثبًت على مواقف مراعاتا لمصالحه و سيادته حسب ظروف الاتفاقية و يختلف الاتفاق من كل دولة الى اخرى حسب خصوصياتها الذاتية، الا ان الخط العريض و العامل المشترك لكل تلك الاتفاقيات هو بقاء مصالح كلها متعلقة مع الولايات المتحدة الامريكية من كافة النواحي السياسية و الاقتصادية بالاخص . اما في حالة العراق ، ان ما ضحت امريكا من اجله في حربه في العراق لا يعقل ان تتخلى عنه في هذه الاتفاقية من اجل عيون السياسيين العراقيين او دول الجوار،بل ان الاتفاقية ترسخ الاهداف التي جاءت امريكا من اجلها على الرغم من تعثرها بعض الشيء، و اما ما يتحدث البعض عن الخلافات ليس الا فقاعات ستختفي، و الدليل ليس هناك اي خلاف على المباديء الرئيسية، و هو بقاء القوات الامريكية و مدة بقائها و عددها و عدد القواعد العسكرية التي تبقى فيها، ويجب ان لا ننسى ان هناك وثيقة للمباديء الاساسية موقعة بين الطرفين العراقي و الامريكي،و اما الوثيقة الجديدة حول اتفاقية طويلة الامد تحتوي على بنود لوضع الجيش الامريكي بعد التفويض الدولي و لا يتكلم احد عن البنود الثقافية الاقتصادية السياسية التجارية ،هنا الخلاف المزعوم حول تحركات القوات الامريكية و حصانتها و جوهر عملها العسكري في المداهمات و الاعتقالات التي هي بالاساس واجبات ثانوية و هي من صميم واجبات القوات العراقية، الا ان جوهر الاتفاق او المباديء السياسية الرئيسية لا خلاف عليه و هو المهم، اي ان بقاء القوات الامريكية و لاي مدى مفروغين منه ، وسيكون طويل الامد طبعا و به يمكن بناء القواعد العسكرية العديدة داخل الاراضي العراقية نتيجة الاتفاق على بقاء القوات الامريكية في العراق دون ان يُحدًد مدة بقائها، فالقواعد العسكرية تحصيل حاصل لهذا البقاء، بالاضافة الى العلاقات الاقتصادية الثقافية السياسية التجارية المرتبطة بهذه الاتفاقية .
اما ما يفرٍق العراق عن بقية الدول هو الوضع الاجتماعي و تركيبته الموزائيكية و المؤثرات التاريخية على حياة شعبه، ها هو المرجع الديني يتدخل و يعلن مواقفه و هذا ما يؤثر علىراي الحكومة العراقية و امريكا على حد سواء، و هناك من يتربص من بعيد لكي يتدخل كيفما كان من اجل تحوير الاتفاقية وتغييرها وبشكل تكون متفقة مع توجهاته، و يعتمد هذا ايضا على الظروف الاقليمية، فنشاهد الصراع الاقليمي المتجذر في لبنان منذ امد طويل و ما وصل ايه في الآونة الخيرة، وليس العراق مختلفا كثيرا عنه، فمصالح ايران و سورية و التكتلات الشيعية لا تسمح ان تكون اية خطوة لمصلحة السعودية و دول الخليج و المصر و الاردن، وتركيا ايضا لها باع طويل في هذه المسالة و عينها لازالت على المواقع الحساسة في العراق و تدعم بشكل مباشر و علني تركمان العراق، و نرى توسطها في عملية سلام السورية الاسرائيلية لاسباب استراتيجية معلومة في المنطقة وان لم نضع في الحسبان الصراع العثماني الصفوي التاريخي.
ان حللًنا كل تلك المعادلات معا فنصل لنتيجة واضحة، وهي ان الاتفاقية الاستراتيجية المريكية العراقية ليست بين هاتين الدولتين فقط و انما هي اتفاقية بين مصالح دول المنطقة مع امريكا عبر العراق، لذلك لا نستغرب ان طال امد المباحثات و دخل في ثناياها حوار هذه الدول مع امريكا، ولكن من الواضح مهما كانت المباحثات عسيرة فاناتج النهائيهو المصالح التي تفرض نفسها و اكثر الدول يخضع للمطال الامريكية، والوقت عامل هام في اظهار اي موقف داخليا من قبل الاحزاب او خارجيا، نشاهد المزايدات السياسية للقوى السياسية الداخلية لاسباب عامة او ان اعتمدنا على على عامل الوقت فانتخابات مجالس المحافظات على الابواب واكثر المواقف يكون معتما على درجة الربح والخسارة لصاحب الموقف وليس من اجل المصالح العامة، و غدا لناظره قريب.[1]