ما الحل الجذري للمسالة العراقية؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2293 - #26-05-2008# - 09:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الفراغ الواضح الناجم في السلطة العراقية ما بعد سقوط الدكتاتور، كان امرا طبيعيا ،بل كان المتوقع اخطر مما آل اليه الوضع، نتيجة السيطرة الانفرادية لمجموعة من الاحزاب بل عوائل و قبائل على دفة الحكم في العراق المتعدد الاطياف، لا بل بعد خروج العراق من طول مدة حكم الدكتاتور بقوة الحديد و النار معتمدا على مجموعة من الحلقات المتنفذة التي تسلسلت مترتبة حسب ولائها المطلق لشخص الدكتاتور و زبانيته، هذا من جانب،و ضعف تماسك المعارضة العراقية قبل السقوط وضيق في مساحة وحدة خطابها ، و عدم وجود تشكيل معين فعال لجعلهم حلقة متواصلة حول النقطة الرئيسة المشتركة، مع انعدام التخطيط المسبق لما بعد السقوط، من جانب آخر،و هكذا الحال بالنسبة لقوة التحالف المنشغل عسكريا، كل ذلك يبرر طول مدة الفراغ الحاصل و عدم استتباب الامن و الاستقرار لهذه الفترة الطويلة، هذا ان لم نضع في الحسبان تدخلات دول الجوار المصائبية و مصالح دول الاقليم و المنطقة.
اليوم و بعد خمس سنوات، لم نر في الافق و لو بصيص امل لاقناعنا بان الاحزاب العراقية بامكانها الائتلاف و التحالف لتوحيد مطالبها و عملها من اجل حكومة عراقية مستقلة غير حزبية وطنية، وبين هذا و ذاك نرى اذيال النظام السابق و المنتفعين منه و الانتهازيين و المصلحيين يتربصون لابسط الفرص من اجل الانقضاض على الوضع، ويحاولون بشتى الطرق تعكير الاجواء و نشر الفوضى معتمدين على نواياهم الخبيثة و خبرتهم المستمدة من اللؤم و الحيل المخابراتية المتراكمة لديهم و على مريديهم و زبانيتهم المخترقة لاجهزة الدولة و مؤسساتها ، ونتيجة لممارستهم الطويلة لغدر الشعوب العراقية طيلة عقود من حكمهم البوليسي البائد، و اليوم بمساعدة اجهزة دول الجوار القمعية التي تصيد في الماء العكر من اجل بعض الايديولوجيات و المصالح الضيقة، بعيدا عما يفيد الشعب العراقي و مصيره المستقبلي.
اليوم لو تمعنا في الوضع الاجتماعي للشعب العراقي ، نتاكد يوما بعد آخر باننا نحتاج الى الوقت اللازم من اجل التنظيف السلمي للذهنية و الفكر المسيطر على عقلية بعض الفئات من دون ارادته، و لو بطرق غير مباشرة، و بدايتها تكون من القضية العامة و تاسيس المؤسسات المؤثرة ، و احلال البديل الملائم لما هو مسيطر الآن بما يفيد مستقبل العراق و المستجدات في المنطقة من الناحية الثقافية السياسية بشكل عام ،و اقوى نقطة يجعل اي محلل سياسي يتفائل في ذلك هو خمود الحرب الاهلية، مما سهٍل تسيير الامور و امكانية تخصيب الارضية للعبور نحو شاطيء الامان، اضافة الى صبر العراقيين على المحن و المشقات اكثر من حدها الطبيعي.
و به نصل الى نتيجة مقنعة،و كتحصيل حاصل لما سبق ، هو ايجاد البديل الواقعي في هذه الفترة المتنقلة الحساسة ، بعيدا عن الشعارات الطنانة ، و هو حكومة مشتركة مؤقتة من غير الحزبيين و تحديد الاولويات و العمل على التغيير التدريجي في العراق ،و اولى الاولويات هي اعادة العمل للمؤسسات و تنظيمها اعتمادا على الرجل الكفوء المناسب في المكان المناسب ، بعيدا عن المحاصصة،و يكون من التكنوقراط و ذوي الكفاءات العلمية الثقافية، و الخبراء من المستقلين المتوفرة لدى الشعب العراقي بعيدا عن ادلجة العقول المتمكنة ، و لابد هنا من طلب العون من الامم المتحدة التي ليس لها اية مصلحة ضيقة تعتمدها في اعادة تاسيس العراق الجديد،دون الاعتماد على ما يجري من وراء الكواليس لبناء ما ينوون عمله بعيدا عن الديموقراطية المنشودة و الحرية المطلوبة.[1]