هل يولٍد الفقر الغضب ضد الراسمالية لينتج عصر المساواة؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2320 - #22-06-2008# - 08:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كنت اتمشى في حي شعبي مظلوم في اغلى مدينة من حيث المعيشة في كوردستان العراق و هي السليمانية،مدينة التجارة و المال و الاستغلال و مدينة التناقضات التي تنطبق عليها النظام الراسمالي اللامساواتي قلبا و قالبا و بكل معنى الكلمة و حتى الراسمالية فيها مظهرية شكلية غير معمقة تدخل فقط في خدمة مجموعة صغيرة من المحتكرين و باسناد من السلطة الراسمالية التي ينخرها الفساد . لم اكن اتخيل ما رايته من حال المعدومين، فيما كانت الطائرات تحلق على ارتفاع منخفض لقرب المطار عنهم وتراقب عيون الاطفال فيها و في نظراتهم التمني و الحصرات، و شاهدت محلات بسيطة لبيع الحاجات اليومية و رصدت في كلام كل من تكلمت معهم كرههم للوضع و هم يعيشون في مكان يرون النظام الراسمالي المقيت و اخلاقياتها في المجتمع المتخلف و الفروقات الكبيرة بين افراد المجتمع و البون الشاسع بين الغني و الفقير . ان ما رايته في هذا الحي نموذج صغير للحياة الماساوية في ظل اللامساواة و التناقضات ، و تذكرت في نفس الوقت ما رايته قبل عامين في دولة مجاورة ما يشبه هذا الوضع بالضبط حيث الحياة البسيطة المعدومة في مكان و الفارهة الرغيدة بجانبه و هم من غير قومية و في نفس الوقت ذهب خيالي بعيدا الى قبل عشر سنوات و ما شاهدته في دولة مجاورة اخرى و نفس ما شاهدته و ما احسست به و هم ايضا من قومية مختلفة و لكن الحال كما هي، هي نفسها للمناطق و الاماكن الثلاث في الدول الثلاث ذات القوميات المختلفة و الحياة الاجتماعية الاقتصادية المتشابهة و تذكرت ان الطبقة الكادحة متشابهة العيش و الظروف اينما كانت و مهما كانت تاريخها و كيفما كانت لغتها ، فالمعانات واحدة و الامنيات و الاهداف متشابهة ، و تطابق في مخيلتي القاسم المشترك لدى هؤلاء و العدو المشترك لهم و هو النظام الراسمالي الذي يقوم على امتصاص دماء الانسان مقابل حياة تتفاوت في درجة تدني معيشتها و تتساوى في المعانات، و في ظل النظام الراسمالي العالمي و العولمة التي تسعى لمحو الهوية و تقسم المجتمع الى طبقتين احدهما تملك و الاخر تعمل من اجل ان تعيش و يذهب فائض ناتج عملها الى اضافات ملك الاخر، و في المقابل و ان كنا منصفين في التحليل فان النظام الاخر الذي حاول نظريا ان يخدم هذه الطبقات و هو الشيوعية السابقة سوى كانت تُمارس كما هي او فشلت في تحديد آلياتها و لم تكن بمكان تولد الحياة الحرة الكريمة بما كانت ينادي بها المنظرون و حوًلت الانسان الى عامل سخرة و اهانت كرامته و محت انسانيته و حولته الى آلة ميكانيكية و نخرت داخله و شاهدنا كيف انهارت بشكل مفاجيء و لم يتوقعها المفكرون بهذا الشكل و بهذه السرعة لانها حقا كانت ضد فطرة الانسان، لذا علينا ان نسال الى اي مدى تظل الراسمالية تصمد وسط هذا الغضب و الكره حتى في عقر دارها و يزداد يوما بعد اخر، و ان تجمع كل هذا الغضب المتولد من الفقر و اللامساواة و التناقضات و الغدر و اللعدالة و اطيح بها بسرعة مفاجئة و مشابهة لسقوط النموذج السوفيتي الشيوعية الفوقية و ان آلت الى ما آلت اليه الشيوعية اللاواقعية ، يتسائل المرء ما البديل، يمكننا ان نقر بان المادية الجدلية التي توصل اليها المفكرون ماهي الا آلية ملائمة لاعتدال الافكار و التوسط المادي المثالي و التداخل و التعايش و حل التناقضات و الافكار المتباينة لانتاج حالة المساواة بشكل عام و ايجاد آلية معتدلة ، الهدف الرئيسي من الاعتماد عليها هو التقارب الطبقي و العمل من اجل المساواة و العدالة الاجتماعية و زوال الفقر و الغني الفاحش في نظام عالمي جديد غير متطرف و بالعكس من النظام العالمي الجديد الذي ينادي به الراسمالية، يتحمل كل الناس مسؤلياتها امام ما يمكن ان يولد الرفاه و العيش بكرامة و سلام بعيدا عن الكره و الاستغلال و الاحتكار و تبعد يد الايديولوجية و السياسة الشكلية عن جوهر قيمة الانسان و معيشته يهدم الجدار الفاصل بين تلك الاحياء المتناقضة في المعيشة و المختلفة في الحياة لتقترب الناس من بعضها ولو بشكل تدريجي معتمدا على فكر و عمل الانسان الواقعي بعيدا عن النظريات الخيالية المدفوعة من افكار منحازة و غير واقعية، ان جلً ما يجب ان يعمل من اجله الانسان في هذا الوضع العالمي هو العمل و الجد من اجل تقارب مستوى المعيشة باي شكل من الاشكال و التقارب الطبقي و النضال السلمي لتحقيق نسبة مرضية من المساواة و محاربة الاحتكار و الراسمالية البغيضة التي تسبب في الفروق الطبقية و ازالة التعصب و التشدد و العمل على ارتفاع مستوى الحريات و الثقافة و العلم و التقدم و الوقوف بكافة الوسائل ضد الجهل و التطرف والاستغلاا و تحقيق الهدف العام للانسانية و هو المساواة و ضمان حقوق الانسان و تامين معيشته بسلام و امان، هذه هي اليسارية الواقعية في هذه المرحلة من الوضع العالمي، و اليوم يتطلب منا المقاومة الفعالة و الصبر و الوعي من اجل قراءة الواقع و العمل وفق آلية واقعية لضمان تلك الاهداف العامة.[1]