تصور لحلحلة المشاكل بين الاقليم والمركز ...
#خليل كارده#
الحوار المتمدن-العدد: 5679
المحور: القضية الكردية
تصور لحلحلة المشاكل بين الاقليم والمركز ...
كان الكورد يديرون اقليم خاص بهم في كوردستان ضمن حدود (نو فلاي زون) خط 36 التى حددتها الامم المتحدة , وكان لديهم برلمان وحكومة منتخبة منذ 1992 , وفي أعقاب سقوط النظام البعثي سنة 2003 من قبل التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية , تم تعيين حاكم عسكري مؤقت على العراق من قبل الامريكان وهو الجنرال متقاعد جي غارنر , ثم عينت الادارة الامريكية بول بريمر بدلا عنه في 6 مايو/أيار 2003 , حيث حل حزب البعث والجيش والمؤسسات العراقية .
وترأس بريمر مجلس حكم مكون من 25 شخصية سياسية عراقية من مختلف المكونات والاطياف العراقية , وكان يعرف بمجلس الحكم الانتقالي , واثر الكورد العودة الى العراق و العمل معا و مع هذا الحاكم وبناء العراق الجديد الديمقراطي الفيدرالي بدلا من المطالبة بالاستقلال .
تم اقرار الدستور العراقي في سنة 2005 وصوت اكثر من ثمانية ملايين عراقي عليه وتم صياغته على يد خبراء قانونيين عراقيين متمرسين .
في الاول من حزيران 2004 حل مجلس الحكم ليحل محله الحكومة العراقية المؤقتة ,وفي 2005 جرت انتخابات مجلس النواب العراقي كأول مجلس تشريعي بعد سقوط النظام السابق .
تم اقرار مادة 140 بدلا من المادة 58 من الدستور المؤقت في الدستور العراقي الحالي وتعرف بالاراضي المتنازع عليها في الاقليم وباقي المحافظات العراقية الاخرى , وهي التي تعرضت للتغيير الديمغرافي ولسياسات التعريب على يد النظام البائد , وذلك خلال فتره حكمه من 1968 وحتى سقوط النظام في 2003 .
وتنص المادة على اٌلية تضم ثلاث مراحل : اولها التطبيع ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في هذه الاراضي المتنازع عليها , والثانية الاحصاء السكاني في تلك المناطق , والثالثة الاستفتاء لتحديد مايريده سكانها وذلك قبل 31 ديسمبر 2007 .
شكلت لجان لتطبيق أحكام المادة 140 واخر هذه اللجان كان يترأسها الدكتور رائد فهمي , وبسبب تعقيدات متعددة فنية واقتصادية وسياسية لم تجد المادة 140 طريقها الى التطبيق من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة وتحولت هذه المادة الدستورية الى مثار جدل متواصل بين مختلف الاطراف .
احد اهم العقبات التي أدت الى حل عمل هذه اللجنة هي عرقلة توفير الاموال اللازمة للقيام بواجبها على اكمل وجه الى جانب ان الحكومات المتعاقبة لم تكن جادة في تطبيق هذه المادة بالاضافة الى تصريحات بعض النواب الغير مسؤولة و افتخارهم بان كان لهم الدور المهم في عرقلة تطبيق هذه المادة .
وقد حذر الدكتور رائد فهمي من مغبة حل لجنة المادة 140 من الدستور , ووضح ان اي اتفاق سياسي لن يكون اقوى مما نصت عليه المادة 140 واقدر على ايجاد حل للمشاكل المطروحة , وذكر ان هناك اسباب سياسية واقتصادية حالت دون انجاز المهمة .
وهناك قضايا و ملفات عالقة بقيت دون حل بين الاقليم والمركز وهي ملف قانون النفط والغاز وملف البيشمركة وملف الموازنة العامة والايرادات والممثليات والخ الخ .
هذه التراكمات السياسية والتسويف والمماطلة وعدم جدية الطرفين في حلحلة الملفات العالقة ادت الى فقدان الثقة بين الاقليم والمركز والى تكوين حاجز جليدي بينهما .
في حزيران 2014 وبمؤامرة اقليمية وداخلية ادت الى دخول عناصر داعش الارهابية الاراضي العراقية من ناحية الموصل ونتيجة الى ذلك حصل اضطراب في القوات العراقية وتلقيهم اوامر بالانسحاب مما سهل لهذه الشرذمة الضالة الارهابية من احتلال ثانية اكبر محافظة عراقية وعاثوا فيها فسادا وظلما وقهرا لساكنيه , وتمكنت هذه العصابات في التمدد داخل الاراضي العراقية (في ظل انسحاب وانكفاء القوات العراقية) واحتلال مدن ونواحي واقضية وقصبات اخرى في محافظة الانبار وأقليم كوردستان , وانسحاب قوات دجلة من الادارة المشتركة للاراضي المتنازع عليها في الاقليم ولوجود فراغ امني اضطرت البيشمركة للتقدم وضم هذه الاراضي لضمان عدم احتلال هذه الاراضي من قبل داعش مما يهدد الامن القومي الكوردستاني .
وتدخلت المرجعية على الخط وأفتي المرجع الديني السيد على السيستاني بجهاد فرض كفاية ونادى بالجهاد لطرد الارهابيين الدواعش من العراق , وشكل التحالف الدولي لمقاتلة الارهاب وكان البيشمركة والقوات العراقية منضوية فيه , وهذا ما تم بعون الله حيث تم طرد داعش واعوانه من كل مدن العراق الا بعض الجيوب هنا وهناك سيتم معالجتها والقضاء عليها في المستقبل القريب .
نتيجة كما اسلفت فشل وصول المحادثات بين الاقليم والمركز في حلحلة الملفات العالقة ووصولها الى طريق مسدود وحل لجنة المادة 140 وحدوث خلل في الشراكة بين الكورد والعرب وتراكمات سياسية كثيرة منها تراجع الديمقراطية , افضت الى عدم الثقة والاحتقان السياسي بين الاقليم والمركز .
قبل اشهر من الان وتحديدا في شباط من هذا العام , حدد السيد مسعود برزاني يوم 25/9 موعدا لاستفتاء الانفصال , ودخلت الاحزاب والقوى الوطنية الكوردستانية على الخط وحذرت السيد مسعود برزاني من مغبة هذا الامر مطالبا تأجيل الاستفتاء لحين القضاء على عصابات داعش , ووجود رفض دولي واممي تام لمشروع السيد برزاني الانفصالي الغير دستوري .
ولكن عناده وتعنته واصراره على الاستفتاء في موعده رغم المناشدات الدولية والاممية لتأجيل الاستفتاء الا انه لم يسمع للنصيحة او المشورة .
في 16/10 تقدمت القوات العراقية بكل صنوفها العسكرية لتطبيق الدستور والقانون وانتشرت في الاراضي المتنازع عليها اي قبل 2014 وسلمت المناطق الاستراتيجية وخضعتها لادارة الحكومة العراقية الاتحادية .
ينبغي الان على الاحزاب والقوى الكوردستانية المعارضة في حركة التغيير والجماعة الاسلامية والتحالف من اجل الديمقراطية والعدالة والقوى الاخرى التي كانت مع تأجيل الاستفتاء التحرك والدخول في حوار مع الحكومة الاتحادية وفق الدستور وباشراف التحالف الدولي لتشكيل حكومة انقاذ وطني تمهد لانتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة , للخروج من الازمة الحالية في كوردستان والتهدئة وعدم التصعيد وعدم الانجرار وراء الدعايات المغرضة التي تحاول دق اسفين بين العرب والكورد والمكونات الاخرى والتركيز على الاخوة والتعايش السلمي بين جميع المكونات العراقية للحفاظ على السلم الاجتماعي , والمساهمة في حلحلة الملفات والقضايا العالقة دستوريا وتشكيل لجنة جديدة لتطبيق المادة 140 بعد تعديل الدستور , بذلك نساهم الى ارجاع الثقة بين الطرفين وكل المكونات الاخرى ونسد الطريق على كل الدسائس والمؤامرات التي تحاك ضد العراق سواء في السر او العلن .
سد الطريق على كل المشاريع الانقسامية والانفصالية وانتشار الشرطة الاتحادية والبيشمركة في المناطق المتنازع عليها والادارة المشتركة للحفاظ على الامن والاستقرار وتقديم المسيئين الى المحاكمة لينالوا جزائهم العادل وتعويض المتضررين .
وينبغي على الحكومة الاتحادية عدم التعاطي مع القيادة الكوردستانية التي عرضت اقليم كوردستان للتجويع والاقتتال والكارثة , رغم التحذيرات الدولية والاممية لها , وعدم التفريط والمساس بالمكتسبات التي حققها الشعب الكوردستاني بدماء الاف الشهداء من البيشمركة الابطال .
فلنتكاتف ولنتضامن للخروج من الازمة باقل الخسائر الممكنة ولتفويت الفرصة على الذين يصطادون في الماء العكر .
وشكرا لكم
خليل كارده
كاتب صحفي وباحث سياسي[1]