حول مشاركة التغيير في الحكومة الائتلافية ..!!
#خليل كارده#
الحوار المتمدن-العدد: 4971
المحور: القضية الكردية
حول مشاركة التغيير في الحكومة الائتلافية .. !!
سقط الكثيرون من المثقفين والاعلاميين وحتى السياسيين في مصيدة البارتي ملمحين بأن حركة التغيير أستعجلت في المشاركة في الكابينة الثامنة لنجيرفان برزاني , وهم يعبرون عن ردة فعلهم عن المواقف التي حدثت مؤخرا بين البارتي والتغيير( لا عن دراسة ودراية) وكيفية ربطها بمسألة الرئاسة وربط بعض الملفات الاخرى بها .
ولم ينطلقوا من قراءة للمشهد السياسي العام في اقليم كوردستان واستقراء للتطورات التي حدثت منذ 1992 وحتى الان , ودراسة التجاذبات السياسية بين الاحزاب الكوردستانية والتي انبثقت عن تشكيل برلمان وحكومة اقليم كوردستان وفقا للمناصفة وما أثر ذلك وانعكس سلبا على الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية في اقليم كوردستان , ومهدت هذه المناصفة السياسية الى احداث مؤلمة من الاقتتال الداخلي والذي راح ضحيته الالاف من المقاتلين البيشمركة .
وحصة الاقليم التي كانت تأتي من الحكومة الاتحادية كانت تقسم مناصفة بين الطرفين (البارتي واليكيتي) وقد سميت هذه الحكومات المتعاقبة بحكومة البترودولار !! وهذا ساهم في تركيز القوة بين حزبي السلطة وشكلوا المليشيات لحماية مكتسباتهم !! وبنوا الفضائيات ليساهموا في دحض الحقائق وذر الرماد في عيون الجماهير الكوردستانية والبقاء فترة اطول في سدة السلطة والانتفاع من اموال البترول والمعابر الحدودية .
بمعنى لم تكن هناك مؤسسات ديمقراطية حقيقية تحاسب السياسيين والمنتفعين وتضع حدا لسرقة اموال الشعب الكوردستاني وتقدمهم الى المحاكمة لينالوا الجزاء العادل , وهذا ساهم في استفحال الفساد الاداري والمالي والسياسي في اقليم كوردستان , وتفاقم الوضع الاقتصادي سوءا .
وأزداد الصراع والازمة بين الحكومة الاتحادية واقليم كوردستان سوءا مما شكل معضلة سياسية حقيقية ادت الى عدم الثقة بين الطرفين والى تراكم الملفات العالقة بينهما دون حل مثل قانون النفط والغاز ورواتب البيشمركة وغيرها ...!!
انبثقت حركة التغيير كنتيجة حتمية تاريخية وناضجة لمحاربة الفساد المالي والاداري والسياسي ووضع حد لسرقة الاموال وقوت الشعب الكوردستاني , وساهمت في تشكيل المعارضة في برلمان كوردستان وكان لها الصدى السياسي الواسع في المحيط الداخلي والاقليمي وعلى الصعيد الدولي ايضا , وانبرى التغيير لتصحيح الاحوال السياسية والاوضاع المعيشية , وبات رقما صعبا في اقليم كوردستان .
هذه الاموال الطائلةالتي تركزت بيد البارتي ساهمت في تشكيل سلطة مستبدة بيد البارتي وتركيزكل عناصر القوة الصلبة والقوة الرخوة بيدها , القوة الصلبة ( الجيش والشرطة والامن ) والقوة الرخوة ( المدارس والجامعات والفضائيات وغيرها ) وهكذا .. !!
اذن لم يمكن مجابهة حزب يمتلك وبيده كل عناصر القوة ( الصلبة والرخوة ) الا بوجود حركة جماهيرية مدنية تؤمن بالوسائل السلمية للوصول الى السلطة , ورغم التزوير في الانتخابات البرلمانية السابقة لانتخاب برلمان كوردستان حظى التغيير ب 24 مقعدا اي لم يكن الاغلبية لذا لا بد من المشاركة في سلطة ائتلافية للوصول الى تقليم اضافر السلطة المستبدة .
وكان مشاركة حركة التغيير في الكابينه الثامنة لنجيرفان برزاني ضربة معلم لا كما يحلو للبعض ترديده من ان التغيير استعجل او لم يكن ناضجا وكل هذه الترهات !!
نعم كان ضربة استاذ للمشاركة في ائتلاف حكومي يساهم في عملية الاصلاح السياسي ومحاربة الفساد المالي والاداري وسوف الخص بعض الانجازات التي استطاع التغيير انجازه في حكومة نجيرفان :
اولا تم التغيير الجذري لموظفي المعبر الحدودي لبرويز خان وبعض المعابر الاخرى مما ساهم في ارجاع ملايين الدنانير من المال العام التي كان يتم سرقتها يوميا لحساب جهة حزبية معينة الى الصندوق العام في وزارة المالية .
ثانيا تم البدء بشطب الموتى المساهمين في الانتخابات البرلمانية ويقدر عددهم بأكثر من مائتي الف ميت .
ثالثا استدعاء الذين يستلمون ثلاث او اربعة رواتب دون وجه حق وتقليصه الى راتب واحد .
رابعا شطب رواتب الموظفين الوهميين , بمعنى موظف بوزارة ولكنه لا يداوم قط ولكنه محسوب على حزب او جهة معينه فيتم التغاضي عن ذلك لاسباب حزبية وانتخابية .
رابعا تنسيق العمل العسكري المشترك قدر الامكان وفي هذه الظروف الصعبة( الزيرفاني التابعة للبارتي وقوات محاربة الارهاب التابعة لليكيتي )بين قوات البيشمركة وتوزيع الاسلحة عليهم وفق خطورة موقفهم في الجبهة واحتياجاتهم الضرورية وليس حسب الولاءات الحزبية .
خامسا محاربة الفساد المالي والاداري وسرقة المال العام في الحكومة , ومراقبة وادانة المتسببين بذلك ومن اي جهة حزبية كانت .
وهناك الكثير من مساهمات المعارضة في ترشيد الانفاق ورفع رواتب ذوي الاحتياجات الخاصة والمطالبة برفع رواتب البيشمركة أسوة بالحكومة الاتحادية .
كل هذا ساهم في اصطدام البارتي بالمعارضة السياسية الشريفة , والذي قطع حبل الود السياسي بينهما هو موضوع الرئاسة والنظام السياسي ( برلماني أورئاسي ).
ان المعارضة مصممة على المضي بمشروعها الاصلاحي الى نهاية الطريق ولاتتنازل قيد أنملة عن النظام البرلماني لسد الطريق على خلق ديكتاتور جديد .
ان البارتي يعاني من توظيف القوة المرتكزة بيده القوة الصلبة والرخوة , ولا مناص له الا بالرجوع الى الاحزاب الكوردستانية ووضع الحلول للمشاكل العالقة بينهما وتحت قبة البرلمان الكوردستاني .
ان مشاركة المعارضة في الحكومة الائتلافية كانت ضربة قوية بخاصرة البارتي التي لم تجد بدا وعلى مضض من الموافقة على هذا الائتلاف .
ولقد كشفت لنا المعارضة المشاركة في حكومة نجيرفان برزاني الكثير من الامور كانت خافية علينا من سرقات اموال الشعب والفساد المالي والسياسي والاداري الذي ينخر في مفاصل وزرارات وادارات ومعابر الاقليم .
على البارتي أن تعي خطورة الموقف , وان التسويف والمماطلة في حلحلة الامور ليست لصالحها في نهاية المطاف , وعليها أن تأخذ الدروس والعبر وتتعظ من الربيع العربي الذي اسقط ديكتاتوريات كانت اقوى واشرس من البارتي بكثير.[1]