بينما تشهد تركيا تطورات غاية في الأهمية، وتزداد توقعات عملية جديدة للحل، ولا تزال دعوة رئيس حزب الحركة القومية دولت باخجلي لأوجلان موضوعاً يجري تداوله، أجرت شبكة رووداو الإعلامية حواراً خاصاً مع رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو في المقر الرئيس لحزب المستقبل.
داود أوغلو الذي يعرف في الشارع الكوردي ب(الرئيس أحمد) اللقب الذي يقول إن دولت باخجلي يستخدمه للاستخفاف به، لكنه اكتسبه لأنه لم يميز بين شعوب تركيا.
فيما يتعلق بعملية الحل، قال رئيس حزب المستقبل: هناك نقطة في تركيا ذكرتها مراراً؛ إذا فهم الأتراك حقوق الكورد وتعاونوا معهم في قضاياهم وشاركوهم في حلها، ومنحوا الكورد الثقة في موضوع وحدة وأمن هذا البلد، فإن تركيا ستبلغ شاطئ الأمان. لذلك، فإنه يدعم خطوة باخجلي في هذا المجال.
داود أوغلو وصف خطوة باخجلي بالمهمة، وقال: خلال اجتماع الكتلة، قلت للرئيس: إذا كنتم قد توصلتم إلى اتفاق مع باخجلي بشأن موضوع معين، أدعوكم للعمل فأنتم رئيس الجمهورية وتديرون الدولة. صحيح أن باخجلي يطلق مبادرة، لكن أنتم من ينفذها. فاعرضوا خططكم وقولوا سنفعل هكذا وهكذا، لكن إن كانت هنالك أي اختلافات بينكم يجب أن تتم معالجتها فيما بينكم، ولا تتركونا ننتظر. فعندما ارتفع المستوى إلى هذا الحد، لا تدعوه يتراجع. من المؤسف أن نفس الأسلوب ونفس المساندة لم تبدر عن رئيس الجمهورية.
وتحدث داود أوغلو عن أول لقاء له مع حزب الشعوب الديمقراطي في 2015، قائلاً إن الكل كان ضد ذلك، بما فيهم حزبه، لكنهم استقبلوني بلا مبالاة واستخفاف، وكما تعلمون، قالوا سنسقيه شاياً مهرباً ونعيده إلى حيث أتى.
وأضاف: لا يجب على أي شخص أن يتصرف بغرور في هكذا عمليات ولا ينبغي أن يضع المقابل في موقف صعب. في 15 تموز 2015، جرى ذلك الاجتماع. كان صلاح الدين دميرتاش وسري سريا أوندر، والسيدة فيكن يوكسكداغ حاضرين. قلت لهم: ألمس نوعاً من الغرور منذ انتخابات السابع من حزيران، قلت أرى اعتداداً بالنفس مبالغاً فيه، أتظنون أن الحكومة لن تتشكل؟ قلت إنني كرئيس وزراء لن أسمح بأن يصبح الناس في فوضى فانتبهوا.
وأدناه نص حوار شبكة رووداو الإعلامية مع رئيس حزب المستقبل التركي، أحمد داود أوغلو:
رووداو: أود أن يكون سؤالي الأول عن أهم قضايا الساعة، وهي قضية الحل. نحن نسم هذا الموضوع بالترقب. فحتى الآن، لم يتم اتخاذ أي خطوات. خصوصاً بعد خطوات السيد باخجلي، فقد كان هناك ترقب في الشارع، ولكن من الجانب الآخر تم تعيين قيومين ويجري العمل على عملية أخرى. هل تتوقعون عملية حل في مثل هذه الظروف؟ وما هي الستراتيجيات التي يجب اتباعها وماذا يجب فعله؟
أحمد داود أوغلو: قبل كل شيء، أوجه تحياتي لجميع إخوتي وأخواتي في إقليم كوردستان، في أربيل والسليمانية ودهوك وزاخو وكل أخواتي وإخواني. جميعنا يعلم أني أراقب عن كثب ما يحدث في منطقتنا، ومدى حبي للمنطقة. لا شك أنني عندما أقيّم الأحداث، أركز أولاً على التطورات على المستوى العالمي، ثم على موقع الشرق الأوسط وتركيا في خضم الأحداث. ثم أفكر في: ماذا يجب أن نفعل في تركيا ومنطقة الشرق الأوسط؟ وماذا سيكون تأثيره على العالم؟ العالم يشهد تغييرات. يجب أن نعي ذلك. للأسف، هناك أحداث تغيير كبرى جرت في منطقتنا. لذا، عندما ننظر إليها في تركيا، نتساءل عن نوع العالم الذي نريد بناءه مع إخوتنا الذين يعيشون في هذه المنطقة؟ هكذا أنظر إلى الأمر. لهذا السبب دعمت تصريحات السيد باخجلي. ربما يكون الدعم العلني ومن خلال خطاب جماهيري مه جاء من جانبي، لكن لماذا دعمته؟ هناك نقطة في تركيا ذكرتها مراراً؛ إذا فهم الأتراك حقوق الكورد وتعاونوا معهم في قضاياهم وشركوهم في حلها، ومنحوا الكورد الثقة في موضوع وحدة وأمن هذا البلد، فإن تركيا ستبلغ شاطئ الأمان. في الواقع، هذا لا يسري فقط على تركيا بل أيضاً على العراق وبقية البلدان. تحدثتم الآن عن لقبي، عندما يصفونني بالرئيس، لكن السيد بالخجلي يشير إلى ذلك باستمرار كنوع من الإهانة، الإهانة لي وللغة الكوردية. فقلت إن السيد باخجلي يسميني الرئيس، فبها. قلت هذا في البرلمان وفي كل مكان. لماذا يقول الكورد لي (الرئيس أحمد) بينما أنا أصلاً (يوروك) وتركماني. لكنني كنت أردد دائماً إنني أتمنى لو كنت تركياً في جيش صلاح الدين الأيوبي وتركياً في جيش ألب أرصلان. في 2016، عندما ذهبت إلى دياربكر وكانت مرحلة متخمة بالتوتر. قلت وأنا في الحافلة وأمام الجامع الكبير إنني تركماني ولدت في جبال طوروس، وبقدر ما لي من حق على هذه الأرض، للطفل الكوردي المولود على ضفاف دجلة وفي هكاري نفس الحق، إنهما سيان، بلا زيادة أو نقصان، وبقدر قدسية لغتي التركية الموروثة من (يونس إمرة) فإن الكوردية الموروثة من (فقيي تيران) لها نفس القدسية. حينها نادى كل الذين في الساحة الرئيس أحمد، إن دولة الجمهورية التركية ملزمة بأن تكون ديمقراطية. الديمقراطية تعني احترام التعددية، لا أن ترى طبقة أعلى من طبقة، بل أن ينعم كل فرد بحقوق المواطنة. لذا عندما نتحدث في هذه الأمور، يعد السيد باخجلي هذا في أحيان كثيرة تهديداً لوحدة تركيا. لذلك عندما سمعت هذا من باخجلي، سعدت به كثيراً. حتى أنني قلت إنكم فعلتم ما لم يكن متوقعاً. قلت ذلك في اجتماع الكتلة أيضاً، بحضور برلمانيي حزب المستقبل وحزب سعادت، وجعلتهم يصفقون لباخجلي. رغم أن باخجلي انتقدني بشدة. لكن تعال وقل لماذا؟ لأنني كوردي وسني. لأنني إن حميت حقوق الكورد، سأكون قد تعاملت مع الكورد بإنصاف، وعندما أحمي حقوق العلويين سأكون دولة. لذا من المهم جداً الآن إزالة الموانع النفسية. سيد شوكت، أنا أهتم دائماً بالحالة النفسية في هكذا عمليات. فلو توفرت أجواء تزيل الموانع النفسية فإن سائر الأمور سيتم حلها عن طريق عملية تقنية. لهذا أجد كلام باخجلي مهماً. إضافة إلى ذلك، وفي كل أربعاء في اجتماع الكتلة خاطبت رئيس الجمهورية وقلت: إذا كنتم قد توصلتم إلى اتفاق مع باخجلي بشأن موضوع معين، أدعوكم للعمل فأنتم رئيس الجمهورية وتديرون الدولة. صحيح أن باخجلي يطلق مبادرة، لكن أنتم من ينفذها. فاعرضوا خططكم وقولوا سنفعل هكذا وهكذا، لكن إن كانت هنالك أي اختلافات بينكم يجب أن تتم معالجتها فيما بينكم، ولا تتركونا ننتظر. فعندما ارتفع المستوى إلى هذا الحد، لا تدعوه يتراجع. من المؤسف أن نفس الأسلوب ونفس المساندة لم تبدر عن رئيس الجمهورية. صحيح أنه ساند المبادرة، لكن كنت أتوقع أن يتحدث عن الأمر في خطاب وطني. ففي عملية الحل سنة 2013 أنا أيضاً زرت دياربكر وألقيت كلمة في جامعة دجلة. السيد أردوغان تحدث هناك أيضاً. الآن، الوضع مواتٍ لهذه العملية. لماذا؟ فالقوميون الأتراك وباخجلي شخصياً، قدموا توضيحات مهمة، ومن جانب آخر، هناك طرف آخر عليه أن يتحرك. في الواقع، من الآن فصاعداً تتحمل الأحزاب والتشكيلات والمثقفون الذين يدعون أنهم يدافعون عن حقوق المواطنين الكورد، على هؤلاء أن يعدوا هذه الأرضية. عندما بدأت عملية الحل، كنت وزيراً للخارجية وساندتها بإخلاص، لكن على الجميع تبني العملية لإنجاحها. كما لا يجوز إفلات الشارع. أي لا يجوز الركون إلى عمليات إرهابية وعنف وحفر خنادق وما إلى ذلك من الأمور التي تجعل حياة الأهالي صعبة.لتلك الأسباب فشلت عملية الحل. يجب الاعتبار من كل ذلك. إن اعتبرنا بذلك، أعتقد أننا سنبلغ مواقع إيجابية جداً. أنا نظرت دائماً بتفاؤل إلى هذا الموضوع. لذا لننظر من خلال توضيح باخجلي إلى المرحلة التالية. هناك أيضاً واجبات تقع على (دام بارتي)، فالتوضيح الذي نشره، دعني أقول هذا بصراحة، لا يرقى إلى مستوى تصريح باخجلي لأنه استخدم خطاباً آيديولوجياً يسارياً. لو اتخذ رئيس الجمهورية من هذا سياسة للدولة، ودام وكل العناصر ذات العلاقة، أدرنة وسيليفري، والجميع يعرف هذا. لدو دخلت أدرنة وإمرالي في الموضوع ربما تبدأ عملية جميلة في تركيا.
رووداو: نحن نعرف عن قرب مواقف سابقة للسيد باخجلي. في السابق، استخدم كلمة الرئيس مع انتقاد شديد وحولها إلى حديث الساعة، ولكن الآن فاجأ الجميع. ما هو السبب وراء هذه الخطوة؟ وكيف تفسرون عدم إقدام رئيس الجمهورية على تقديم توضيح مفصل حول هذه القضية، بينما يكتفى بإعلانه من جانب السيد باخجلي؟
أحمد داود أوغلو: في هذه المرحلة الحساسة، ومع أن موقف السيد باخجلي قد أصبح واضحاً ومصافحته وتحيته برلمانيي دام بارتي، الذي يمكن أن يوصف بعرض جميل، لم يعد مجرد عرض. إنه يقول منذ ثلاثة أسابيع، إنه متمسك بموقفه. إذا كانت هناك دعوة للدعم، سأدعمه مباشرة. لقد عانى الناس كثيراً. أنا لا أود أبداً أن تدخل تركيا مرحلة الصدامات العرقية والمذهبية في الشرق الأوسط، وسأفعل كل ما يلزم لتقديم الدعم. سآتي إلى شمال العراق إن شاء الله في الوقت المناسب. عندما دخلت عالم السياسة، هناك مكان خاص في أربيل، لا أدري إن كنتم تعلمون أم لا؟ في أواخر 2007 كانت هناك مرحلة الاستفتاء في كركوك. تقدمت المحادثات هناك بصورة من الصور. في تلك الأثناء كانت هناك عمليات لجنودنا في شمال العراق. كان البيشمركة وجنودنا جنباً إلى جنب، لكن عندما وقعت مواجهة بينها زرت بغداد. كان ذلك في شهر شباط. لولا تلك الأحداث كنت سأستقيل في كانون الثاني، فزرت بغداد في شباط وتناولنا وجبة شهية مع المرحوم الطالباني. كان يقدم وجبات ممتازة. ثم جاء السيد نيجيرفان بارزاني من أربيل. قلت لهم دعونا نحل المشاكل التي بيننا كلياً، لأنه كان يوجد حينها جين مخرب في تركيا، تمادوا لدرجة أنهم رأوا ضرورة قيام الجنود الأتراك بقصف أربيل. هل تذكرون، دعني لا أذكر أسماء الجرائد. كانت العناوين الرئيسة لكبريات الجرائد تقول: لنقصف أربيل. أنا في المنصب وصحيح أننا نتحدث عن مواجهة الإرهاب لكن أربيل هي تراثنا جميعاً. هل يجوز شيء كهذا؟ هناك اجتمعنا مع السيد الطالباني ثم مع كاك مسعود. كاك مسعود ومام جلال. ثم مع كاك نيجيرفان. استطعنا حل التوتر. انسحب جنودنا. ثم بعد 15 أو 20 يوماً، في شهر آذار، زار السيد الطالباني تركيا بصفته رئيس جمهورية العراق. في تلك السنة وقعنا مع العراق 48 اتفاقية. القسم المهم من تلك الاتفاقيات كان يرتبط بالإقليم الكوردي. لماذا أتحدث عن هذا الآن؟ أريد القول إن مهامي مددت لهذا السبب. ثم في شهر آذار رفعت دعوى إغلاق حزب (آكبارتي). حينها قلت إن كان الأمر كذلك فلن أغادر المنصب، لأن إغلاق آكبارتي ليس إجراء ديمقراطياً. أقصد القول إننا يجب أن نقيم حولنا حزام سلام ليس في تركيا وحدها بل حولها أيضاً. هناك يقع العب على السيد أردوغان. هناك اختلاف في الرأي بيني وبين السيد أردوغان حالياً، والسبب معلوم للجميع. قانون الأخلاق السياسية ومواضيع كثيرة. لكني أقترح عليه كزميل قديم عملنا معاً، وقد قلتها مراراً، أن يتخذ من هذا الموضوع خطة ينشرها على الناس. بعد أن تنحيت عن رئاسة الوزارء، كان ذلك من الأمور التي حزت في نفسي كثيراً. حدثت التوترات كلها في وقت الاستفتاء، وحينها قلت لرئيس الجمهورية إن الموضوع يجب حله عن طريق حوار مباشر وجهاً لوجه. باختصار، لقد تسنت فرصة مواتية حالياً. إن انطلق ثلاثة أشخاص من ثلاث نقاط من الخارج باتجاه بعضهم البعض سيتحرك الذين في الداخل بسهولة أكبر. أي مهما كان الأمر، وعندما حدثت خلافات بين القوميين الترك والقوميين الكورد، سيتعرض المتواجدون في الوسط إلى الضغط، لكن إن أبدى أولائك المرونة سيتمكن الذين في الوسط من العثور على حل بصورة أفضل. كان السيد باخجلي على الطرف ومجيئه إلى الوسط أمر سار. لا أتحدث عن النتائج، لكني آمل أن تكون جيدة ويحدونا الأمل.
رووداو: بعد توضيحات دولت باخجلي رئيس حزب الحركة القومية، أثيرت تعليقات متباينة ولافتة. واحد من هذه التعليقات أشار إلى اختلافات تظهر بين الشركاء في تحالف جمهور. هل تعتقد أن السيد باخجلي بحث الموضوع مع السيد أردوغان قبل توضيحاته؟ أليس هذا موضوع سياسة مشتركة داخل تحالف جمهور؟ أم أن السيد باخجلي بادر إلى الأمر لوحده؟
أحمد داود أوغلو: لا أظن أن باخجلي سعى إلى القيام بحركة منفردة في هذا السياق. إنه يكرر هذا منذ ثلاثة أسابيع وقد تحول إلى نوع من الإصرار. أما مدى اختلافه مع السيد أردوغان فلست واثقاً منه، لأن الذي كنت أتوقعه من السيد أردوغان كان الدعم القوي. فالموضوع ليس ظهور أوجلان في البرلمان، لأن هذا شيء رمزي في الحقيقة وسيؤدي إلى توترات أيضاً. الموضوع هو تغيير في الجو. الموضوع هو مناقشة لهذه المواضيع. نعم، هناك خطر على كل دولة في الشرق الأوسط، إلا تركيا وأقولها بثقة إن تركيا ليس بلداً يمكن تجزئته. من ذا الذي سيقسمها؟ هكذا يزعم القوميون الترك، لكن من وكيف يقسمها؟ تركيا لا تشبه الدول الأخرى. كيف لا تشبه الدول الأخرى؟ عندما قلت هذا غضب السيد باخجلي، لكنه يعرف الآن ماذا كنت أقصد بقولي ذاك. قلت إن مدينة يعيش فيها أكبر عدد من الكورد ليست أربيل ولا دياربكر، بل هي إسطنبول. المدينة التي يعيش فيها أكبر عدد من الكورد وتضم أكثر كم من الهوية الكوردية على مستوى العالم، هي إسطنبول. إذن من وكيف يقسمها؟ علينا أن نثق بأنفسنا. الدول الواثقة من نفسها لا تخاف من لغة. الدول الواثقة لا تخاف تعدد الهويات. توجد في تركيا أقليات، يوجد الأرمن ويوجد غير المسلمين. لن يقسم تركيا منح هؤلاء حقوقهم. الذي يقسم تركيا هو عدم احتضانهم. دافعت عن هذا باستمرار. إن نظرنا إلى الأحداث هذه النظرة، سيحتضن الطرف المقابل أيضاً لغتك. لا يزال يوجد في تركيا من يدعي أنه يدافع عن حقوق الكورد عن طريق العنف والإرهاب، يحفر الخنادق في الشوارع ويعطل حياة المواطنين الكورد. يتسبب في دياربكر في إزهاق أرواح شباب مثل ياسين بوروك. نفس هذا الأمر حدث مراراً في شمال العراق. دخول مسعود بارزاني بدعم الجنود الأتراك ككان ضد الإرهاب. لن يحل شيء عن طريق العنف. هنا، يجب تبني دعوة السيد باخجلي من جانب أردوغان. من الجهة الأخرى، يجب أن لا يضيع دام بارتي وقنديل وسيليفري وإمرالي وغيرهم هذه الفرصة. إنها فرصة لا ينبغي تفويتها. أنظروا، عندما أقول هذا يتلقونه بصورة طبيعية، لكن عندما يقول باخجليي ذلك، فإنه يسهل علينا الأمر. لماذا قد نركز على مقاصده ونتساءل لماذا قال هذا؟ إن شاء الله يقصد خيراً، وليس قصده سيئاً، وحتى إن افترضنا أنه سيء فأنا أنظر إلى النتائج. هل ستكون النتيجة تعزيز أخوتنا ومصالحتنا؟ في كثير من المرات تصديت لباخجلي، ماذا قال لي؟ السياسة لا تمارس بالغضب، بقي ذلك طي الماضي. أنا لا أعتقد أنه أتى هذا الأمر لوحده. أجد نفسي مضطراً لأكشف عن حقيقة أنه لا يمكن أن يكون متفقاً مع السيد أردوغان، ولو كان متفقاً مع السيد أردوغان لدافع عن الأمر بصورة أفضل خلال الأسابيع الثلاثة. أرجو أن يزيلا خلافاتهما ويتفقا. نحن سندعم ذلك ولن نكون مانعاً أبداً.
رووداو: كما هو معروف، كانت هناك عملية حل في تركيا. لكن تلك العملية لم تنجح. لا يزال هناك تساؤل حول السبب في فشلها ومن الذي قلب الطاولة. من الجهة الأخرى، تعلمون أن فشل العملية أدى إلى مرحلة دموية وحفر الخنادق. هل تشعرون أنكم تتحملون المسؤولية عن تلك المرحلة؟ وكيف تنظرون إلى المسؤولية السياسية والعسكرية في هذه العملية؟
أحمد داود أوغلو: بداية، أود أن أقول إنني أتحدث بشفافية، لأن الحديث المغلف ليست له قيمة. يجب أن يتعلم الجميع. كيف بدأت عملية الحل؟ بدأت في نوروز 2013. التحضيرات لهذه العملية كانت طويلة ومعقدة، وكنت جزءاً منها، فدعنا لا نخوض فيها. في ذلك الوقت، كان وزير الخارجية الحالي هاكان فيدان، مستشار المخابرات الوطنية، وكان أردوغان يديرها، وكان السيد عبدالله غول، رئيس الجمهورية في تلك الفترة، يتبناها. كنا جميعاً نتبناها. المنطق الذي قام عليه الحل في تركيا كان يعتمد على عدم إدخال منح حقوق اجتماعية أو ثقافية للكورد في عملية مساومة. على سبيل المثال، عندما كنت أقدم الحقوق للمواطنين، لم أكن أرى في ذلك الوقت إدراجه في مساومة. على سبيل المثال، استخدام اللغة الكوردية لم يكن موضوع مساومة، وهو وارد في منهاج حزبنا. استخدام اللغة الكوردية في التعليم وفي كل مكان. أي لا يمكن أن يقال إنني منحت الحرية للغة الكوردية. فهذه الحرية موجودة أصلاً. في عملية الحل، كان هناك قرار بين الطرفين على أن تضع القوات العسكرية التابعة لحزب العمال الكوردستاني أسلحتها في حزيران، وكان هناك اتفاق على ذلك، ولكن في ذات الوقت، حدثت اضطرابات داخل التنظيمات الإرهابية. أول تلك الحوادث كانت أحداث (كزي). مع أحداث كزي قالوا حسناً لقد اتفقنا مع الحكومة، لكن إلى أين ستسير الأمور؟ كانت تساورهم شكوك. الثاني، في تلك الأثناء ظهر داعش. عن العام 2013، كتبت كتاباً جديداً بعنوان الزلزال المنظم. في عام 2013، شهدت المنطقة تحولات كبيرة، مثل الانقلاب الذي حدث في مصر، واستخدام السلاح الكيمياوي في سوريا.
بدلاً من الديمقراطية، ظهر الإرهاب والاستبداد في المنطقة. حدثت أشياء كثيرة في سوريا. الحدث الثالث، أحداث 17-25 كانون الأول. عندما كانت هناك حركة انقلابية ضد أردوغان من داخل البلاد، كما لم يسحب PKK، أو لأقل الطرف الآخر من العملية، قواته المسلحة ولم يلتزم بكلمته. في صيف 2013، حدثت عدة تغييرات في المناصب داخل KCK، والذي قوض عملية الحل وزعزع الثقة هو أن القوات المسلحة التي كان من المفترض أن تغادر تركيا في حزيران 2013 لم تفعل ذلك. هذا خلق الشك لدى الدولة التي قالت إنهم يبيتون نية وراء ذلك، ولو كانت نواياهم حسنة لالتزموا بكلمتهم. الجانب الآخر كان يتساءل عن مدى متانة الحكومة؟ أحداث كزي وأحداث 17-2 كانون الأول وبينما كانت الحكومة قوية، وكان حوارهم مع أردوغان وداود أوغلو وغول. حسناً، نحن هنا. لم يفوا بوعدهم لنا. قالوا إنهم سيتخلون عن الكفاح المسلح. إنهم لا يزالون في نفس المكان. انظر، باخجلي يدعو بنفس الدعوة ويطلب منهم إلقاء أسلحتهم. لو تم ذلك في ذلك الصيف، لكانت عملية الحل قد نجحت. أولاً، وقعوا في وهم حين ظنوا أن هناك خطباً ما في تركيا وتساءلوا ماذا سيحدث لتركيا. ثانياً، بعد التطورات في سوريا، في وقت أحداث كوباني كنت قد توليت منصب رئيس الوزراء للتو. بدأت عدداً من كلماتي ب تحية لإخوتي في كوباني استقبلنا البيشمركة من الحدود التركية وأرسلناهم إلى كوباني. ومع ذلك، فقد وصلوا إلى وضع حيث حولوا معه تركيا إلى كانتونات مثل سوريا، واعتبر هذا بمثابة تهديد من قبل الدولة. في الوقت نفسه، كان هناك أتباع حركة غولن داخل البيروقراطية العسكرية.
كررت هذا القول طوال الوقت عندما كنت في منصب رئيس الوزراء، وأقول نفس الشيء الآن. إن أمثال هذه العملية تستند على مبدأين. الأول، الديمقراطية بدون مساومة ولا نقصان. كنا قد بدأنا نعمل على مسألة الديمقراطية الكاملة وكنا عازمين على تحقيقها. الثاني، ثقة الشارع. سيد شوكت، عندما أصبحت رئيساً للوزراء، نظرت فوجدت ما لم ألاحظه عندما كنت وزيراً للخارجية، رأيت خنادق حفرت في الشوارع. حسناً، لماذا تفعل هذا وماذا تقصد منه؟ وتم بناء حواجز حديدية. أطلقوا عليها أسماء مثل كانتون وما إلى ذلك. الدولة لن تقبل بذلك، فإذا أصبح هذا درساً فلا يجب المخاطرة بثقة الشارع. ماذا ستفعل الدولة في ذلك الوقت؟ لن تنسى القانون أبداً. لن تتكرر جرائم يرتكبها مجهولون أو عمليات اختطاف للناس إلى الجبال كالتي كانت تحصل سابقاً. ينشئ PKK محكمة مستقلة تخصه. وجه رجال الأعمال الكورد رسائل إلي. هل يجب أن ندفع الضرائب للدولة أم للمنظمة؟ قالوا إنهم يجمعون الضرائب، على سبيل المثال، كانت هناك نقاط لتحصيل الضرائب في يوكسكوفا وبدليس. كرئيس وزراء هذا البلد، أنا تركي، ولكن في رداء رئيس الوزراء، أنا لست تركياً ولا كوردياً. أنا رئيس الوزراء. واجبي هو حماية أمن جميع المواطنين. لم يكن الناس في قونية وإزمير على علم بما يحدث هناك، وكانوا يشعرون بالقلق من سماع أخبار عن سقوط شهيد، لكنهم لم يكونوا يعرفون ما يحدث هناك. الكورد كانوا يعانون الأمرّين، لم يكونوا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة والمستشفى بسبب الخندق. لاحظت أننا كدولة التزمنا ضبط النفس لمدة عام. فعلنا ذلك لنحول دون إجهاض عملية الحل حتى الانتخابات. ما قصم ظهر العملية بعد الانتخابات هو أن المنظمة اعتقدت أن حزب العدالة والتنمية بات ضعيفاً للغاية فدعت إلى الكفاح المسلح. فكان أن قتلوا شرطيين أثناء نومهما، في 23 تموز. أتذكر ذلك جيداً. أخبرني مستشار المخابرات أن اثنين من رجال الشرطة لدينا استشهدا. فقلت، قد يكون عملاً تخريبياً فانظروا من وراء ذلك، ثم أخبروني، قلت دعونا لا نواجه الكثير من الإرباك مرة أخرى. لكن في الساعة 8-9 صباحاً، قال التنظيم نحن من فعلنا ذلك. لم نكن قد قلنا بعد إن التنظيم الإرهابي فعل ذلك. لو لم تقل المنظمة ذلك، لكنا قد واصلنا التحقيق. لو كان تنظيماً أجنبياً لقلنا إنه يهدف إلى خلق الفوضى، لكن عندما يقول التنظيم نفسه إنه فعل ذلك، يجب على الدولة أن تصده، فلا تروا الموضوع من جانب واحد. من جانب الدولة، كان كان هناك تساهل بخصوص ثقة الشارع خطأً كبيراً. صحيح أن عملية الحل مستمرة، لكن على سبيل المثال لم يكن ينبغي السماح لهم بإنشاء محكمة في مدينة بدليس، على مسافة بضع كيلومترات عن المحافظة. كان بعض أفراد الجيش أعضاء في حركة غولن، أرادوا تصعيد الاشتباكات، وخلق فوضى داخلية في تركيا لينفذوا انقلابهم. قاومت كل هذا والجميع يعرف ذلك. لم أتنازل عن مسألة ثقة الشارع ولا عن مسألة حماية حقوق مواطنينا الكورد. تابعت كل الأخبار. في الجزيرة، في دياربكر، وفي أماكن كثيرة. حاولت ألا يُحرم مواطنونا من حقوقهم. حدثت هذه الأمور طوال الوقت. والآن علينا أن نتعلم من ذلك. لا ينبغي أن تستخدم الدولة هذا كداة لمساوماتها، ويجب أن يكون موقف وتقول إن المواطنين الكورد لديهم نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الترك. أما المنظمة، فإن اتبعت سبيل النضال السياسي، عليها أن تعلم أنه لا يمكنها اللجوء إلى السلاح في هذا النضال. يأتون إلى البرلمان وتتم مناقشة كل شيء. دعونا نتحدث هناك.
رووداو: بعد انتخابات 7 حزيران عقدتم لقاءات سياسية لتشكيل الحكومة. هل عقدتم حينها أي اجتماعات مع حزب ديمقراطية الشعوب؟ هل كانت لديكم طلبات لقاء مشاركتهم في الحكومة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فماذا كان ردهم؟
أحمد داود أوغلو: كانت لي لقاءات مع حزب ديمقراطية الشعوب. حتى مع حزبي، الذي كان الجميع فيه معارضاً، فللمرة الأولى يذهب زعيم سياسي، رئيس وزراء، إلى المقر الرئيس لحزب ديمقراطية الشعوب. قلت إنني أتيت إلى هنا تكريماً للمواطنين الذين صوتوا لصالح حزب ديمقراطية الشعوب، لكنهم تلقوني بوقاحة وعدم احترام، كما تعلمون، قالوا سنسقيه من الشاي المهرب ونودعه. لا يجوز لأحد أن يكون مغروراً في هكذا عمليات. لا ينبغي لأحد أن يضع الطرف الآخر في موقف صعب. أخاطر بحياتي السياسية لأنه لم يقم أي زعيم سياسي بزيارة حزب ديمقراطية الشعوب من قبل. أفعل ذلك لأنني لا أميز بين الأحزاب. عندما كنت ألتقي بهم، حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحزب ديمقراطية الشعوب، كنت أنظر إليهم نفس النظرة. فجميعهم فاز بأصوات الشعب. فعلت هذا، لكنهم قابلوه بوقاحة شديدة. جرى اللقاء في 15 تموز، وكان هناك صلاح الدين دميرتاش وسري سوريا أوندر والسيدة فيغن يوكسكداغ هناك. أخبرتهم أنني ألمس غروراً بعد انتخابات 7 حزيران. قلت أرى ثقة بالنفس مبالغاً فيها، وأنتم تظنون أن الحكومة لن تشكل. قلت إنني كرئيس للوزراء لن أسمح لهؤلاء الناس بالدخول في حالة من الفوضى فانتبهوا. قلت لهم إن أوقعتهم ثقتهم وغطرستهم في خطأ فلا تلتفتوا إلى أني رئيس وزراء لم يحصل على الثقة الكاملة في البرلمان، لكنني سأفعل ما يلزم. بعد أسبوع، في 23 تموز، استشهد الشرطي. الآن هذه كلها ذكريات مريرة، لكنها تجارب في نفس الوقت. الذكريات المرة تجارب ويجب تقييم التجربة بشكل صحيح. لذا، إذا كان لا بد من إطلاق عملية جديدة، فيتعين على الجميع أن يعلموا أنه لن يتمكن أحد من الوصول إلى أي مكان بالإرهاب والعنف. القضية الكوردية في تركيا لها ثلاث قوائم. الأولى، التحول الديمقراطي في تركيا. إن ديمقراطية تركيا ليست قضية كوردية. في 28 شباط، واجه المتدينون مشاكل. في السبعينيات، عانى اليسار... كون الديمقراطية قضية عامة في تركيا. الحقوق الديمقراطية، بما في ذلك استخدام اللغة الكوردية، يتم حلها من خلال الديمقراطية في كل مكان في تركيا. هذه واحدة من القوائم. الثانية هي مشاكل الشرق والجنوب الشرقي. على سبيل المثال، تعيين القيومين. تعيين القيوم، رغم وصوله الآن إلى إسطنبول، إلا أنه يمثل أكبر مشكلة في المنطقة. على سبيل المثال، إذا سألتني الآن، ما هي أكبر مشكلة في شرق وجنوب شرق الأناضول؟ سأقول بطالة الشباب والمخدرات. الثالثة هي الكورد المتواجدون خارج الحدود. إخواننا الكورد في العراق وسوريا. أقول دائماً إن الكورد السوريين متجذرون معنا مثل تركماننا. عندما نقول إنهم متجذرون، فإنهم يعتبرون أتراكاً. كتركماني يقولون عني تركي، كونك تركياً لا يقتصر على كونك من الأتراك. كما أن البوسنيين هم يشاركوننا أصولنا، لكنهم ليسوا بأتراك، والكورد هم يشاركوننا في الأصل والتاريخ. لن نترك كورد سوريا وكورد العراق لضمير ورحمة قوى الدول الأخرى والقوات الأجنبية. بطبيعة الحال، تختلف الدولتان العراقية والسورية لأن أولئك الكورد مواطنون فيهما. لكن إذا قلت إن الأميركيين يأتون ويقفون إلى جانبنا في سوريا، والروس يأتون لحماية الكورد في تركيا، أو يأتون إلى العراق لحماية الكورد منا، في جيلان بنار ورأس العين، ومن يحمي من؟ نحن ننظر إلى الأمر بتفهم.
رووداو: عندما كان وزيراً للخارجية وعندما كان رئيساً للوزراء، كانت سوريا قضية مهمة بالنسبة لتركيا. الآن، بعد الانتخابات الأمريكية، أصبح انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وروجآفا موضوعاً يتم تداوله. يقول بعض المحللين إنه مع الانسحاب، يمكن أن تتوصل تركيا إلى اتفاق مع الإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب. كيف تنظرون إلى هذا؟ هل سيطرح موضوع اتفاق تركيا مع وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الذاتية؟
أحمد داود أوغلو: هذا كله يعتمد على كيفية اتخاذ اللاعبين مواقفهم. دعني أخبرك بشيء مبدئي. هناك مثال لأخوين؛ في السلم يكونان في دار واحدة، وإذا كانا في حرب سيكونان هناك أيضاً. بالطبع، من الأفضل ألا يتقاتلا، لكن ستكون هناك جدالات بين الحين والآخر. هذا ليس من شأن شخص بعيد عنهم. لن أتحدث مع كوردي سوري عبر أمريكا. لفترة قالوا إن الكورد ليس لهم دولة في المنطقة، فلتكن لهم دولة. قلت إن للكورد دولة، والجمهورية التركية دولة الترك والكورد. أنا أعتبر أنه من الإهانة التحدث مع كوردي من روجآفا عبر أمريكا وروسيا. كوردي من أربيل مثلاً..! لهذا السبب نلتقي دائما مع مسعود بارزاني حفظه الله بوجوه باسمة، مثل لقاء عائلي. لم نتفاوض قط كطرفين. أي أننا لم نلتق كطرفين. على سبيل المثال، كان علم إقليم كوردستان المشكلة الأكبر بين تركيا وإقليم كوردستان الذي لم يكن يرفع في تركيا وأنقرة، فرفعته أنا. رفعناه أولاً في وزارة الخارجية. سخر السيد باخجلي من ذلك في حينه. فقلت: هناك علم عراقي، وبحسب الدستور العراقي هناك إقليم في البلاد له علمه وهناك العلم التركي، ماذا في ذلك؟ ضربت مثالاً واستدعيت رئيس وزراء نخجيفان. وصل رئيس الوزراء نخجيفان إلى أنقرة. فرفعنا أعلام أذربيجان ونخجيفان وتركيا. قلت أين الفرق؟ لو لم يقاتل بشار الأسد شعبه، ولو لم تحدث مجازر جماعية هناك، ولو لم تستخدم الأسلحة الكيميائية، كنت سألتقي بشار الأسد في سوريا في 6 نيسان 2011. كانت الأحداث تتصاعد، وكان أحد مطالبي، ودعني لا أقول مطالب! قلت إنه سيكون من الجيد جداً أن يفعلوا هذه الأشياء، وكانت إحدى النقاط هي منح الجنسية للكورد. فهو لا يمنح الجنسية للكورد، والكورد لا يملكون الجنسية. مثل هذا النوع من الحكم يواجه مشاكل. إذا سألتني، سأقول يجب على الجميع التحدث إلى الجميع. أنا لا أقول أنه لا ينبغي التحدث إلى سوريا. خاصة بعد أحداث غزة والسياسة التوسعية التي تنتهجها إسرائيل، أصبح من الضروري أن يتحدث الجميع مع الجميع. حتى نتخلص من هذه العقبة ولا يطرد أحد الآخر من الدائرة.
رووداو: هناك موضوع آخر ساخن في تركيا: الدستور الجديد. مع كل افتتاح للبرلمان، تطفو هذه القضية على السطح وتجري مناقشة المواد الأربع الأولى والمادة 66 التي تخص المواطنة. لكن تظل تلك المناقشات عقيمة. هل تعتقد أنه سيكون هناك دستور جديد في المرحلة الجديدة؟
أحمد داود أوغلو: عارضت دائماً دستور 12 أيلول في حياتي الأكاديمية والسياسية، لأن دستور 12 أيلول قسري وانقلابي، فإنه لا يفي بقضية الحقوق الأساس. ثم أجري العديد من التغييرات وتم إضفاء الطابع الديمقراطي عليه إلى حد كبير. إلى حد ما، بالطبع، لكن نظام الحكم الرئاسي زاد من تدهور الدستور. لذلك أنا أقف بشدة ضد نظام الحكم الرئاسي، ولا أعتقد أنه نظام ديمقراطي. أنا لا أؤيد النظام الرئاسي أبداً. لأن التوازن بين التشريع والتنفيذ غائب عن هذا النظام. لا توجد أيضاً آلية للتحكم في التوازن. نحن بحاجة إلى دستور جديد. لكن إذا كان هذا الدستور الجديد هو ما تأتي به السلطة الحالية وتقوله، وتتحدث عن تغييرات أخرى غير النظام الرئاسي، فلن يكون دستوراً جديداً. مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور. أنا أراها رمزية وليست حقيقية، لأنه لن ينزعج أي مواطن تركي من أن تكون أنقرة هي العاصمة ونشيد الاستقلال هو النشيد الوطني، لن ينزعج الكوردي ولا التركي من هذا، لكنهم انتقلوا به إلى قطب آيديولوجي ويضعون عقبات في طريق تغيير المواد الأخرى من الدستور. بينما نحن بحاجة لمثل هذا الدستور البسيط الذي يحمي حقوق 85 مليون مواطن.
رووداو: ستكون لكم زيارة قريبة إلى دهوك وأربيل. كيف ترى العلاقات بين إقليم كوردستان وتركيا حالياً، مقارنة بالماضي؟ إلى جانب هذا، أربيل مدينة تاريخية وسياحية، أي مكان تريدون أن تقصدوا فيها؟ وأي أطعمة من مطبخ أربيل تودون تذوقها؟
أحمد داود أوغلو: بالطبع، لا أعرف تفاصيل دقيقة العلاقات الحالية، ولا أريد أن أقول ما ليس بصحيح، لكن يقلقني أنني لا ألمس حماسة السنوات الماضية، أقصد بها أيامنا، حيث كان كاك نيجيرفان أو كاك مسعود يترددان علينا أربع أو خمس مرات في السنة. الزيارات خفت بالتأكيد بعد الاستفتاء في 2017-2018، أرجو أن تتحسن الأمور بعون الله. أنا لا أقول إن تحسن الأمور يعني تواجدنا هناك. لهذا تقع على حكومة إقليم كوردستان وعلى تركيا واجبات. عندما أذهب سأرى ماذا هناك وآمل أن أتمكن من لقاء الجميع، كاك مسعود وكاك نيجيرفان وكاك مسرور، أعرفهم جميعاً. كذلك مع قوباد طالباني وبافل طالباني، لدينا مع الجميع حقوق متبادلة من الماضي. عندما أذهب إلى هناك سأشهد الوضع عن كثب، لكن التاريخ والجغرافيا يلحان علينا لإقامة علاقات جيدة. في هذه المنطقة عليك أن تحارب أو تقيم السلام، وفي الحرب لا أحد ينتصر على الثاني، بل الجميع يهزم، أما في السلام فينتفع الجميع. أحب أربيل كثيراً، حتى أني أخبرتها بهذا، فهي لم تأت معي قط إلى أربيل وشمال العراق. ربما لن تستطيع للأسف بسبب ظروف الولادة. يوم أمس تحدثت في الأمر مع أصدقائي، عندما ينظرون إلى أربيل من بعيد ربما يظنون أنها مدينة فوضى وتسودها أجواء من نوع ما، لكن عندم تذهب إلى سوق أربيل المسقف تشعر بأنك في أسواق قونيا وإسطنبول. عندما ذهبت إلى السوق في أربيل، جاء الجميع وقالوا إنه رئيس الوزراء.. وزير الخارجية السيد أحمد! الجميع يراقبون تركيا. الجميع أيضاً يعرفون شيئاً من التركية. إنها لا تختلف كثيراً عن ماردين ولا حتى عن قونيا. أريد بكل الأشكال أن أذهب إلى هذا السوق، هذا السوق الكلاسيكي والتاريخي. منارة المظفرية التي هي علامة مشتركة كوردية تركمانية. لا شك أيضاً قلعة أربيل التي لا تزال من أقدم القلاع في المنطقة. برج الساعة في أربيل، كل واحد أجمل من الثاني. أحب أن أمون هناك وحدي بضعة أيام للاستجمام والتجوال، لكن للأسف كلما ذهبت كنت في مهمة رسمية. كان في رمضان ذات مرة عندما ذهبنا على عجل. أما عن مسألة الطعام، فقد كانت أصعب وأطول وجبة في حياتي مع المرحوم الطالباني. كان يأكل الطعام جيداً. يعلم الجميع أنه كان يربط منديلاً هكذا، ثم يأكل. يلح على الضيوف ليأكلوا. تناولنا طعاماً لطيفاً للغاية مع كاك مسعود. بالطبع كباب أربيل بالإضافة إلى ذلك، هناك شيء في دولمة أربيل رأيته هناك لأول مرة. يستخدمون الخيار في الدولمة وهذا خاص بأربيل. الكبة، تناولت طعام أربيل التقليدي عدة مرات. في الحقيقة، هناك الكثير من التشابه، على سبيل المثال البرياني الذي لا يختلف كثيراً بين سيرت وأربيل. لكن هناك أطعمة تتميز بها أربيل. على سبيل المثال، دولمتها متنوعة للغاية. كما قلت، وضع الخيار في الدولمة نادر في بلدنا. هناك شيء مميز في أربيل، بالطبع هي غنية جداً بألوان الطعام مثل الشرق الأوسط. أنا أستمتع بالطعام في أربيل، وأذهب إلى هناك للحصول على أفكار. لإعطاء وتلقي الأفكار.
رووداو: بالتأكيد، أشكركم جزيل الشكل وأرجو لكم العافية. ضيف حوار رووداو هذه المرة كان السيد أحمد داود أوغلو في مقر حزب المستقبل. دمتم في سعادة حنى لقاء آخر.[1]