القوالين في الديانة #الأيزيد# ية
مقالات/ الشيخ صبحي نبو.
القوالون مفردها (القوال )صفة مهنية أمتهنتها رجال اتصفت بها مجموعة خاصة من عوائل الإيزيدين من عشائر الدوملية والهكارية حصراً ، لكن في أواخر القرن التاسع عشر قام الأمير الخالد : علي بك بإعطاء عشيرة الماموسيه هذا الماش (المنصب) بعدما تمكن كبير العشيرة : باسو قهوجي من إسترجاع السنجق (رمز ديني) الذي سرقه الجيش العثماني أثناء أحد هجماتهم على الإيزيديين فأكرمه الأمير على هذه الغيره و الشجاعة وأعطى لعشيرته هذا إلامتياز ،
تميزّ القوالون بإلقاء القول وإنشاد الأناشيد والقصائد والمدائح الدينية بمصاحبة آلتين موسيقيتين (الدف والشبابة) بالنقر والعزف علىيهما لأحياء الطقوص الإحتفالية الخاصة بالمراسيم الدينية الإيزيدية المتنوعة . فكانت الموسيقى الدينية مصاحبة لحياة الفرد في المجتمع الإيزيدي , وذلك يعد أمتداد لتوظيف الموسيقة الدينية المصاحبة للطقوص المقامة في المعابد السومرية, كان يؤديها مجموعة خاصة من رجال دين في المعابد , ولو قارنا واجباتهم بما يقوم به القوالين الآن لرأينا أن مهمة الفرقين واحدة .
على الرغم من أن البعض يحاول أن يثبت استحداث منصب القوال إيزيدياً زمن الشيخ آدي عليه السلام فينسبون أسم القوال إلى التسمية العربية المشتقة من (قال يقول قولاً ) مستندين إلى مقولة أن القوالين إلايزيدين هم مجموعة من أتباع الشيخ آدي الأول قدس سره لحقوا به عندما استقر بلالش , أو صاحبوه عندما هاجر إلى لالش , ويدعون أصحاب هذا الرأي : أن سرعة وصولهم للقيام بمهامهم أدى إلى وصفهم بالطازي من قبل الشيخ عدي (شيخادي ) ( حرف الزاي أعجميةبثلاث نقاط ) ولكون لغتهم عربية استقروا في بعشيقة وبحزاني وتميزوا حتى الآن بلهجتهم التي تشبه اللهجات السورية رغم أن معظم الأقوال الدينية باللغة الإيزيدية إلى الآن .
علماً أنه يتخلل الأقوال الدينية أقوال قليلة باللغة العربية و الكردية والتركية و الفارسية أيضاً .
متبني هذه الأراء يظفون عليها تأكيدات بأنتسابها إلى رجل دين ليقطعوا الشك بها . ولكن أن تتبعنا لهجة أهالي بعشيقة وبحزاني فهي اللهجة العربية المعروفة والمشهورة بأسم ( الجزيرية ) يتكلم بها أهالي تكريت والحضر وجبال حمرين في العراق مع أختلاف بسيط وفي ماردين بتركيا ومجاوريها من القرى و الأرياف , عرفت تحت تسمية ( الملحمية ) أو (الملاحمة ) نسبة لجدهم ملحم الذي هو أول من سكن المنطقة بدل اللهجة ( الجزرية ) ولا زالت لهجة ماردين وبعشيقة وبحزاني واحدة .(ك . أعياد ومناسبات وطقوص إيزيدية – كل ما يخص بعشيقة وبحزاني –( الباحث : سالم الرشيداني )
تأكيداً لهذا الرأي نرى أنه ( لا يمكن لمجموعة صغيرة كالقوالين وإن كانوا فعلاً قد صاحبوا الشيخآدي , أن يغيروا لهجة ولغة سكان منطقة بعشيقة وبحزاني أن كانت بلغة أو لهجة أخرى غير المعروفة بالهجة الجزرية ) وأصحاب الرأي الآخر أعتمدوا لفظة طازي كبديل على سكنة أهالي المنطقة من القوالين تشبهاً بالسلوقية (طازي ) لسرعة حركة هذا النوع من الحيوانات والتفافها حول صاحبها ومهارتها في خدمته .
ولفظة (طازي ) نرى أن لها عمق ودلالة تأريخية سبقت وجود القوالين في بعشيقة وبحزاني بالآف السنين وقد أطلقت على الطبقة السادسة من الطبقات المثرية , وطاج بمعنى الركض , إطلقت على ( ركاضي قرص الشمس) أي القائمين على خدمة الإله (مثرا ) ومنها يتضح المعنى الحقيقي من تكلفة مجموعة معينة لخدمة بيت آديا زمن الشيخ آدي عليه السلام ,
لذلك أطلقت على سكان ( كوندي قوالا ) = (باشيك وبرزان ) لفظة (طازي ) والمفروض أن تطلق لفظة (طازي ) على القوالين فقط دون غيرهم من سكان المنطقة .
والقوال كما هو متعارف عليه في الوسط الصوفي الإسلامي هي الطبقة التي أدّت وظائف العزف والإنشاد المصاحبة للصوفيين الذين لا ينتمي أغلبهم إلى القومية العربية وقد كفرّ المسلمون أغلبهم ويعتبروهم ملحدين تستروا بلباس الإسلام وأغلبهم ينتمون إلى القومية الفارسية والكوردية مع قلة قليلة عربية , وتاريخ الصوفيون العرب حديث نسبياً مقارنةً مع تواجد وتلازم الصوفية في الديانة الهندوسية وعليه فهي سابقة للرهبنة والتصوف المسيحي أيضاً .
والملفت للنظر أن تسمية ( قوالي ) متواجدة في المجالس الهندوسية وبنفس معنى ومفهوم القوال لدى الإيزيدية ,
ونقف عند التحليلات اللغوية التي قام بها مختصين أظهروا أن تسمية (القول ) ومعناه الواضح مأخوذة من مصادر أقدم و مشتقة من (كالو Kalo) السومرية .
و(كالو Kalo) في اللغة السومرية تعني : الكاهن، الرجل المتدين، كبير السن أي بنفس التسمية و المعنى عند الإيزيدية حتى يومنا هذا .
وصفة ( رجل دين ) تطلق على اشخاص في ديانات آخرى كلقب وصفة (الملا ) في الإسلام أو( القس) في المسيحية .
وأذا تمعنا في أنحدار رجل الدين( القوال الإيزيدي) وإتخاذ اللقب وراثياً في الإيزيدية من عوائل القوالين ألا أن اللقب
لا يمنح جزافاً ألا بعد أن يخضع المتدرب من أبناء القوالين إلى التمرين والفحص , ولا يجوز له ممارسة مهنة القوال الا بعد إجتياز امتحان خاص يحضره مجموعة قوالين متمرسين وكبير القوالين للأحياء جلسة سماع معدّة لتنصيب القوال لمنحة ( كمّة القوال ) وقد يحضر بابا شيخ هذه الجلسة
كلمة القوال (كولك ) هي بمثابة التاج بعد أن يمتحن المتدرب و يدار به بمسكه من اذنه والسير والدوران به ثلاث دورات في تلك الجلسة ثم يمنح بعد ذلك لقب القوال *المصدر *( بحث القوال والصوفية – سالم الرشيداني – جريدة الإتحاد ).
ويذكرنا الطقص بتنصيب الملك البابلي السنوي لمنحه تاج الملوكية في ذكرى أعياد نيسان السنوية حيث يقوم الكاهن الكبير بجره من اذنه ليدار به ثلاث دورات أمام نصب الإله مردوخ *المصدر *( ك . العراق القديم – جورج رو ) في المعبد ثم يقوم الكاهن بصفعه على خده في امتحان تكون غزارة دموع الملك شهادة لنيل استحقاق منه التاج لحكم البلاد بنود وعادله الأله الذي يحب تواضع خدامه وممثايه بين الرعية .
طقس تنصيب القوال لا وجود له الآن بين القوالين إلا أنها كانت تمارس وإلى الأمس القريب وقد أستفسر عنها باحثين إيزيديين من كبير القوالين المرحوم قوال سليمان سفو عندما كان على قيد الحياة , فأيد ممارستها في مجالس القوالين وايّده آخرين كالقوال حسن هكشي وكان من المشاركين في الطقس .
ويتضح من الطرح أننا أمام ممارسة قديمة لها إرتباطها بأرث ديني قديم ينفرد بها القوال الإيزيدي دون باقي رجال الدين في ديانات آخرى كالملا في الإسلام أو القس في المسيحية،
ولايمكن إن يكون التشابه في التسمية والمعنى محض صدفة .(د. خليل جندي )
لو تتبعنا طبقة الكالوا لوجدناها بين الميديين وهي العوائل التي إمتهنت تأدية المهام والطقوس الدينية وأطلق عليها المؤرخون أسم (الماكي ) وكانت طبقة من خارج المجتمع الميدي ولا تنتمي له , لكن للماكي صدى آخر يمكن ربطه
بالتسمية السومرية (كالا) باللغة الأكدية(كالو) إلى تشير إلى الكاهن الذي يرتل ويعزف الألحان الحزينة عند دفن الموتى وغيرها من المناسبات، ومنها كالا- ماخ GALA-MAK أو كالا ماك وهنا : يظهر معنى الماك على أنها سومرية وتعني الكاهن والموسيقي الذي يمارس الغناء الحزين ويعود إلى طبقة رجال الدين والمعبد.
و( ماك MAK ) باللغة الإيزيدية تحديداً هي الأم أو العرق الرئيسي , ولنا في الأقوال الإيزيدية قول رئيس معروف بإسم قول ( الماكي ).[1]