فلسفة اربعينية الصيف لدى #الايزيد# ية
مقالات/ حيدر عربو اليوسفاني
كما معلوم ان الاعياد الديانة الايزيدية ترتبط بالطبيعة و لا يمكن انكارها ،لانها الطقوس و المراسيم التي تجري خلال الاعياد مرتبطة بالطبيعة ، و لايمكن تحديد تاريخ محدد لظهور هذه الاعياد، لكن و حسب الأقوال والنصوص الدينية الإيزيدية ، يعود جذور اربعينية الصيف إلی العصور القديمة، ومن الصعب تحديد الفترة الزمنية لظهورها، ولكن هناك آراء متباينة حول تاريخها ، في حقيقة وكما هو معلوم أن جميع الأعياد الإيزيدية تعود إلی زمن الميثرائيين والبابلين والسومرين والآكديين، أي فترة تقديس الظواهر الطبيعية وعلاقتها مع التكوين ومواسُمها السنوية ، لأن أكثرية الديانات القديمة ربانية، أي بمعنی أخر لها علاقات مباشرة مع الالهة الكونية كالشمس والقمر والنجوم و الهواء والنار …. إلخ ، وهذا خير دليل علی عراقة الإيزيدية وأزليتها. ويعتبر أربعينية الصيف و عيدها من ضمن هذە الأعياد لە علاقة مع موسم السنة في الصيف الحار ودرجة الحرارة والإنتهاء من موسم الحصاد الزراعي وجني الثمار الصيفية ويسمی هذا العيد بأربعينية الصيف ” چلێ هاڤينێ ” معناه أربعين يوما أكثر حرارة أثناء فصل الصيف ، وبعد العيد مباشرة بأيام معدودة تتحسن درجات الحرارةتدريجيا نحو الأدنى، خاصة فترات الليل ، و تنقص من عمر النهار ساعة من الزمن لحساب الليل . العدد “أربعين ” فله مكان واضح ومبين لدی أكثرية النصوص الديانات ، ولا زال ساري المفعول في بعض المراسيم علی سبيل المثال أربعينية المتوفي و كذلك أربعينية الولادة ،
وفي النصوص الدينية الإيزيدية ركزت علی العدد أربعين وذكرت في جوانب عديدة منها أربعينية التعازي وأربعينية المرأة عن الولادة وأربعينية الشتاء والصيف وكذلك هناك من يتطوع في لالش ويعمل صفة”خلمە تكار ” أو رجل ديني يجب عليە أن يصوم بأربعين يوما شرطا . هنا سٶال يطرح نفسە ما سبب قدسية العدد الأربعين في الديانة الإيزيدية، ومن أين جاء تسميە ؟، حسب مثيولوجية الإيزيدية قد ذكر قدسية العدد الأربعيني للأول مرة علی لسان سيدنا نبي نوح (ع) في قصة الطوفان الشهيرة، ما زال قصتە موجودة في كتب المقدسة لدی كل الديانات والمذاهب العالمية وذكر الجميع بنفس المعنی والتقارب في الرأي إلی حدا ما . وحسب نصوص الديانة الايزيدية أن النبي نوح من أولياء الصالحين في عصرە ، بينما الشعب كان في قمة الفساد وعدم الثقة والرحمة وزيادة الخوف بين الناس وخروجە في إطار عطفە إلی اللە وملائكە، قد أمر اللە عز وجل يوما بتغير كونە الإنسانيە ببديل أخر . وفي ذلك الزمن يعتبر النبي نوح من أول الصالحين في الكون، وقد رأى في حلمە هذا الأمر من ربە لكي ينبه الإنسانية جمعاء بهذا الخبر . وبعد فترة جمع سيدنا نبي نوح بين الناس وتحدث عن أمر اللە وجلالتە لتغير الإنسانية علی الكون بعد 40 يوما وتحدث عن الطوفان وكيفية سقوط أمطار كثيرة و تكون نهاية للبشرية. و قد صبر الناس وقاموا بأنشاء سفينة للآنقاذ زوج لكل من الأنثی والذكر بما فيهم الحيوان والإنسان إلی داخل السفينة وإنقاذە من الطوفان و المياە لغرض أحياء البشر والحيوان من جديد ، ولم يحدث وقالوا سيد نا بعد 40 أسبوعا ، وثم قالوا بعد 40 شهرا، وقد فقد سيدنا الثقة بين الناس و الشعب ، وأخيرا قالو بعد أربعون سنة ، هذا والناس غير راضين، رأي سيدنا نوح وقد طال الأمر إلا بعد مرور أربعين سنة . وحدث ماحدث حسب الروايات والكتب التاريخية أربعون يوما سقطت الأمطار ليلا و نهارا بشكل كثيف وهائل وأدی إلی علوه أربعون مترا فوق مستوی سطح الأرض والجبال العالية ، وبعد أربعون يوما من الأمطار أمر اللە بعاصفة هوائية قوية أدی إلی نزوح جميع هذە المياە تحت شقوق الأرض ونزول سفينة نوح تدريجيا نحو الأسفل إلی أن وصل إلی سطح الأرض وأستقرت ثانية . قصة الطوفان طويلة بمعنی العدد الأربعيني منذ زمن سيدنا نوح (ع) قد دخلت إلی ميثولوجية الإيزيدية . حسب الأقوال والمصادر الشفاهية لديانة الإيزيدية بأن سيدنا نوح أعتكف في گلي لالش بكهف ” چلە خانة ” وصام فيە أربعون يوما صيفا وشتاءً وخلال عشرة سنوات متتالية ويذكر بأن هذا الكهف مازال يحتفظ بأسمە ، ولكن بعد مجئ الشيخ آدي ” ع ” إلی گلي لالش واتخاذە مقرا للعبادة، فقد تغير أسم الكهف ذاتە إلی ” چلە خانە شيخادي ” وفي نفس المكان ، وتغير أسم العيد أيضا ” بعيد أربعينينة شيخ آدي الصيفية ” ومن مراسيمە، يتم إشعال النار ” چرا ڤێخستن ” قبل غروب الشمس في جميع الأماكن المقدسة للالش النوراني وتقدر هذە الشعلات بقدر أيام السنة 366 يوما ، “ويعتبر معبد لالش المقدس المركز الرئيسي لدى معتنقي هذه الديانة والواقع بالقرب من قصبة الشيخان في كردستان العراق”.
وهناك رأي تاريخي أخر يقول بأن العدد الأربعيني قد جاء منذ عصر الفراعنة من حضارة وادي النيل للمصرين القدماء وقد أختلطوا مع الحضارات المتعاقبة و المجاورة كالسومرية والبابلية، فعندما كان يموت أحدهم كان يتم تحنيطه لمدة 40 يوما ولا يدفن تحت الأرض، و حسب أعتقادهم حتى أربعون يوما مازال روحه باقية في جسدە تحت محاكمة ربانية ، هذە العادة من الأربعينية مازالت موجودة لدی كل الأديان المتعاقبة إلی يومنا هذا . وأما في نظر الفلكين القدماء والفلاسفة قد قسمت الشعوب السنة الی أربعة فصول نظرا لحاجاتهم اليها في الزراعة والتجارة وإعتبارهم أربعينية الصيف أشد أيام درجات الحرارة في فصل الصيف وإعطاء الإنتاج السنوي لدی الناس والمهتمين بالزراعة .
وعيد أربعينية الصيف يبدء من 31 تموز الغربي و لغاية 2 آب الغربي تقريبا ، كما هو معلوم أن التقويم الغربي يتقدم على التقويم الشرقي ثلاثة عشر يوما رغم مرور الزمن . قبل هذا التاريخ يبدوا الصائمون “چلە گر ” بصومهم الأربعيني في أشد أيام الحر الصيفي لكل سنة علی التوالي . ويصوم فيها رجالوا الدين الإيزيدين من مجلس الروحاني الإيزيدي الكل بما فيهم بابا شيخ و كذلك المقيمين في گلي لالش النوراني من ” خلمتكارين ” و ” خۆە شكە ستين مالا شيخادي ” ومن الإيزيدين خارج المعبد لە الرغبة في الصيام اعتبارە خيرا لهو يفيدە في يوم القيامة حسب ميثولوجيتهم الدينية . أن هذا الصوم لا يشمل عموم الإيزيدين انما فقط في دائرة معبد لالش النوراني و المجلس الروحاني الإيزيدي ، وعلی هذا الأساس يتم مراسيم العيد بشكل رئيسي في گلي لالش النوراني لمدة ثلاثة أيام بعد أربعيين يوما من الصيام من قبل رجال الدين حصرا . قبل يوم من العيد طبقة الشيخ والبير يتواجدون في المعبد وللاستقبال مريديهم وضيوفيهم اللالشية لاداء مراسيمهم الدينية التي تمارس طوال أيام العيد . ولكن لا ننسی أن الإيزيدين خارج معبد لالش في القری والقصبات المتواجدين فيها يعملون الخير ويوزعون علی الفقراء في المناسبات والأعياد قد تزداد وخاصة في أربعينة الصيف وبأشكال مختلفة، هناك من يذبحون ذبيحتهم ويعملون أكله ويوزعون علی الجيران و الأقارب وبيوت المحلة في نظرهم خيرات على أرواح أمواتهم ، أو يقوم بعض الإيزيدين بتقديم الخيرات إلی الصائمين ” چلە گر ” وجعل يوم الصوم عيدا عليهم بتقديم الآفطار الذات لهم من جانب أخر . ويتوافد الإيزيديون بشكل كبير من كافة المناطق الايزيدية المتواجدون فيها إلی لالش النوراني بمناسبة العيد ومن ضمنهم الإيزيدين الوافدين من خارج الوطن ويعتبرون الزيارة إلی لالش خلال الأعياد تعتبر حجا في حسب مفهوم الديانة الايزيدية أولا كذلك تعتبر مناسبة اجتماعية يجتمع فيها أبناء هذە الديانة ذات أهمية كبيرة من أتباع هذە الديانة ومعتقداتها ثانيا. ومن مراسيم العيد أيضا في كل أيام العيد في لالش يجلس القوالون صباحا ومساءا في الجلسة ” جلسة شيخ آدي ” لاداء التراتيل الدينية من الدف و شباب ، وكذلك في كل مساء عيد يتم مراسيم ” سە ما ” في الجلسة وهي عبارە عن رقصة دينية صرفة يٶديها من قبل رجال الدين، وهؤلاء يرمزية إلی الملائكة السبعة مصحوبين بعزف علی الناي والد فوف وترتيل لسبقات دينية من قبل القوالين ، وهذە رقصة الدينية تتطابق مع الرقصة الدينية السومرية عندما كان يتم عزفها في المعابد السومرية من قبل الكهان في أيام معينة من السنة.[1]