التاريخ يعيد نفسه مع المالكي
#خليل كارده#
الحوار المتمدن-العدد: 3919
المحور: القضية الكردية
دعي الزعيم العراقي عبدالكريم قاسم مع أعلان الجمهورية العراقية سنة 1958 الزعيم الكوردي الملا مصطفى البارزاني للعودة الى العراق , وبعد فترة من وصوله بدأ الحوار بين الجانبين حول اعطاء بعض الحقوق القومية للشعب الكوردي في العراق , ولكن هذا الود لم يدم طويلا سرعان ما قام قاسم بحملة عسكرية على معاقل الحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1961 وبدأت حرب طاحنة بين الطرفين لم تتوقف الا بعد الاطاحة بعبد الكريم قاسم في سنة 1963 من قبل الانقلابيين الجدد البعثيين الذين استلموا مقاليد الحكم وتم تعيين عبدالسلام عارف رئيسا جديدا للجمهورية العراقية وفي مارس من نفس العام 1963 بدأت مفاوضات بين بغداد ومندوبين عن الثورة الكوردية , ولكن هذه المحادثات ألت الى الفشل مما ادى الى نشوب حرب طاحنة جديدة لم تتوقف الا بعد مقتل الرئيس عيدالسلام في حادثة الهليكوبتر الشهيرة حيث كان في مهمة الى محافظة البصرة جنوب العراق , وأستلم اخوه عبدالرحمن عارف السلطة في العراق وكان اثناء حكمه قد حصل تقدم ملموس في المحادثات التي كانت بين حكومة عبدالرحمن البزاز والثوار الكورد ولكن حزب البعث قام بانقلابه الجديد على عبدالرحمن عارف واستلم البعث هذه المرة مقاليد السلطة وتم تعيين عبدالرحمن البكر رئيسا للجمهورية العراقية وفي هذا العهد تم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي سنة 1970 بين النظام البعثي والملا مصطفى البارزاني وفيه اعترف النظام الجديد بالحقوق القومية للشعب الكوردي ولكن لم يتم التوصل الى حل حاسم بخصوص مدينة كركوك التي بقيت عالقة بانتظار نتائج عملية الاحصاء لتعداد السكان لمدينة كركوك وضواحيها وقد تم التخطيط لاجراء تلك الاحصائية المهمة عام 1977 لكن ساءت العلاقات بين الجانبين مما ادى الى حرب ضروس لم تتوقف الا بعد اعلان اتفاقية الجزائر السيئة الصيت بين الشاه المقبور والنظام البعثي البائد مما ادى الى نكسة الثورة الكوردية في العراق لتداعيات تلك الاتفاقية الخيانية , وقام النظام باجراءات ادارية شاملة في مدينة كركوك كتغيير الحدود الادارية للمدينة بشكل يضمن الغالبية العددية للعرب في كركوك .
وبعد حرب الخليج الثانية وسقوط النظام الفاشي البائد في بغداد في سنة 2004 , تسلم مقاليد الحكم حكومات متعاقبة على سدة الحكم في بغداد وتم اقرار دستور جديد للبلاد يضمن الفيدرالية لاقليم كوردستان والديمقراطية للعراق , ولكن في عهد رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي قام بحزمة اجراءات تركز الصلاحيات جلها بيده مما اسفر عن ذلك الى نشوء سلطة استبدادية جديدة , وللاسف الشديد السلطة في اقليم كوردستان متمثلة بالحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكوردستانيين ساهموا بذلك دون علمهم ولهم يرجع ان الامور ألت الى ماهو عليه الان من تهيد المالكي والتلويح باستخدام القوة العسكرية لضرب واجتياح كوردستان.
قد يكون المالكي يراهن على المعارضة الكوردستانية في اقليم كوردستان , حيث انها في تزايد وقوة , ولكن ليعلم المالكي ومن وراءه ان الشعب الكوردستاني يدا واحدة وخطابهم واحد اذا تعرض الامن القومي الكوردستاني للخطر , وان التحرش بالبيشمركة ومحاولة اقصائهم سيكون حتما نهايته السياسية والسلطوية.
ان التاريخ يعيد نفسه في العراق بين الثوار الكورد والمركز في بغداد , فكلما تم تركيز الصلاحيات والقوة بيد فرد واحد فأول ما يقوم به هو محاربة الكورد , وهذا بالضبط ما يقوم به المالكي الان.[1]