لماذا يقال بأن تركيا هي الخاسر الأكبر ؟
حزب الشهداء …مسيرة كفاح
جوان محمد أمين
يبدو أن رياح المنطقة تجري بما لا تشتهي سفن أردوغان وحكومته, فبعد أكثر من ثماني سنوات على بدء الأزمة السورية, يبدو أن الأوراق تتساقط من أيدي حكومة أنقرة واحدة تلو الأخرى.
فأولاً تشدق أردوغان باحتضانه اللاجئين السوريين وادعاءاته بأنهم ليسوا سوى إخوة للأتراك, ما كان إلا ورقةً لابتزاز أوروبا وتهديدها بفتح الحدود التركية مع الاتحاد الأوروبي إذا لم تنفّذ أجنداته, واليوم نرى الأفعال العنصرية والاعتداءات بحق اللاجئين السوريين في تزايد مستمر, وتيقن المواطن التركي بأن الانهيار الاقتصادي في تركيا سببه تدخلات الحكومة التركية بشأن سوريا, ومن أجل ذلك يحاول أردوغان التخلّص من هؤلاء “اللاجئين” بأية طريقة.
ثانياً: يدعي حزب العدالة والتنمية بأن الكرد في سوريا يشكلون خطراً على أمن تركيا القومي, مع العلم أن أردوغان وحكومته هم السبب الأساسي لديمومة الحرب في سوريا, فبعد فشل المعارضة المدعومة من أنقرة في تحقيق أية مكتسبات خلال السنوات الأولى من الأزمة السورية, لم يترك أردوغان أي تنظيم إرهابي إلا تبناه, فدعم جبهة النصرة والحزب التركستاني وداعش وغيرها, وكل هذه الأطراف فشلت في تحقيق ما حققته قوات سوريا الديمقراطية, وبسبب العداء التاريخي التركي للكرد أردوغان مستعدٌّ لفعل أي شيءٍ من أجل ضرب مكتسبات الكرد وقوات سوريا الديمقراطية, ومع اقتراب إعلان الهزيمة العسكرية لداعش, يأمل أردوغان ومن خلال إطلاق تصريح تلو الآخر أن يسيطر هو وحكومته على المناطق التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع التحالف الدولي لمحاربة داعش, بتقديم حجة تلو أخرى محاولاً التأثير على أمريكا تارةً وعلى روسيا تارةً أخرى, ولكن القطبان الرئيسيان في العالم(أمريكا -روسيا) ومن خلال ما يجري في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون (الفوضى الفلتان الأمني والانتهاكات والتغيير الديمغرافي والجرائم بحق السكان) توصلا إلى قناعةٍ بأنه يجب لجم الطموحات التركية بأي شكل, وهو ما برز في موقفهما الرافض لإعطاء أي دور لتركيا في شمال وشرق سوريا بمرحلة ما بعد داعش.
ثالثاً: حتى قبل أيام وفي تصريحات لمسؤولين أتراك أشاروا فيها بأن المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في شمال وشرق سوريا ستكون برعاية وسيطرة تركية, ولكنها مجرّد تصريحات تأخذ شكل الدعاية لانتخابات شهر آذار الحالي في تركيا, فلو فرضنا أن التحالف الدولي سيطلق يد تركيا في إنشاء المنطقة الآمنة كما يدعي أردوغان, فلماذا إذاً تطالب أنقرة بإعادة تفعيل اتفاقية أضنة بينها وبين الحكومة السورية؟
وهذه الاتفاقية ليست سوى سلاح ذو حدين, فمن جهة يجب أن تنسحب تركيا من المناطق التي احتلتها في شمال غرب سوريا, ومن جهة أخرى كما قال مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري:
“يحق لسوريا مطاردة الإرهابيين والمعارضين لها داخل الأراضي التركية وبعمق 5 كيلو متر”.
ومن ناحية أخرى ما دامت قوات سوريا الديمقراطية تُعتبر تهديداً للأمن القومي التركي كما يدعي أردوغان وحكومته, أليس انتشار قوات دولية محايدة بين تركيا وهذه القوات على الحدود كفيلاً بإنهاء هذا التهديد؟
وإلا فلماذا يصر أردوغان على احتلال شمال وشرق سوريا؟
الجواب الواضح والصريح هو إنهاء الوجود الكردي وضرب المشروع الديمقراطي في المنطقة, والانتقام لتنظيم داعش الذي هزمه الكرد وباقي مكونات المنطقة الرافضة لأي دور تركي إخواني في مناطقهم.
ليس هناك داعٍ لفتح ملف دعم الحكومة التركية للتنظيمات الإرهابية في سوريا, لأن القاصي والداني بات يدرك هذا الدعم وهذه المساندة, وهذا ما أتضح أكثر من خلال اعترافات الأسرى الدواعش أنفسهم على وسائل الإعلام.
رابعاً: يبدو من خلال المستجدات والأحداث بأن الوضع في إدلب يتجه نحو كف يد الأتراك عنها, وخاصةً في ظل فقدان السيطرة التركية على الفصائل العاملة هناك, إلى جانب الضغوطات الروسية على أردوغان من أجل إنهاء ملف إدلب, وكذلك السعي الروسي لإبعاد تركيا عن حلف الناتو, وهذا ما تأكد من خلال آخر تصريح روسي بتخيير تركيا بين شراء منظومة S400 أو فتح ملفات انقلاب أيلول في تركيا.
من جهتها واشنطن تتعامل مع تركيا على أنها حليف جيد, وتتغاضى عن الكثير من التمرد التركي على الناتو, وتحاول قدر الإمكان الحفاظ على عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي, وتعمل على إبعادها عن روسيا وإيران, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه:
إلى متى ستتحمل أمريكا تصرفات أردوغان وحكومته ؟
تركيا عضوٌ في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش, وكل الدول الأعضاء في التحالف متفقة على دعم قوات سوريا الديمقراطية وتثمين دورها في محاربة الإرهاب وتأمين الوضع السياسي لشمال وشرق سوريا من خلال دعم المشروع الديمقراطي القائم هناك, وتركيا هي الوحيدة التي تسير بعكس التيار, ومن أجل نشر السلام وتأمين المنطقة كان من الأولى أن تدعم تركيا إرادة وقرار مكونات هذه المنطقة لا أن تحارب إرادتهم.
“فإذا كان جارك بخير فأنت بخير”.[1]