لمجتمعاتنا أصالتها في ممارسة الديمقراطية…
القضية الكردية وتوازنات الدول الإقليمية
هل يمكننا الوقوف بوجه التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة مع وجود التناحر السياسي والقومي والطائفي الراسخ في ذهنية المجتمعات, حيث تتفاقم الصراعات وتغيب الشفافية ؟ هذا السؤال يقودنا إلى الحاجة الملحة لمواجهة تلك التحديات بثقافة سياسية وطنية جامعة.
فبينما يتعرض الحياة الثقافية والسياسية للمجتمعات لكثير من التحريف والتحطيم بناءً على رغبة الحداثة الرأسمالية التي لا تقبل بالتقاليد المتوارثة بكل ما تملكها من حقائق بل تعتمد على تعتيم وتشويه تلك التقاليد والثقافة.
أمام كل ذلك يسعى المشروع الديمقراطي إلى تأليف المجتمعات وإعادة المعنى الحقيقي للحياة المجتمعية (إعادة بناء تطور الفرد دياليكتيكياً ) ليلتقي كل شعب وكل مكون بتاريخه وثقافته الذاتيتين من خلال تجاوز العديد من المفاهيم المغلوطة ولِتتحول المجتمعات إلى مجتمع وطني مفاده امتلاك الوعي والروح وإعادة الإنشاء الوطني السليم في عصر جديد تُطلق فيه العنان لصعود وسمو العصرانية الديمقراطية.
الحياة الانسانية ذات خصلة اجتماعية وما من شيء يستطيع بلوغ مكانة المجتمع وأهميته في حياة الانسان، وكل تراجع عن المجتمع يعني التراجع عن كينونة المجتمع والتخلي عن الانسانية لذلك نجد أن المجتمعات الديمقراطية تصرُّ على البقاء في إطار المجتمع .
هذه الثقافة هي التي يتبناها مشروعنا الديمقراطي، والتي تخدم الشعوب والمكونات، وتُركزَّ على العيش المشترك والحياة التشاركية، وتسمو فوق الانتماءات السياسية والمذهبية والقومية، دون أن ترفض وجودها ودون إقصاءٍ لأحد (احترام حرية انتماء الكل للمجتمع ).
إنها ثقافة تقتات من الثقافة المجتمعية الطبيعية (الكلانية)، ومن نفس الثقافة الإنسانية المشتركة بين مكونات المجتمع، إنها ثقافة سياسية وديمقراطية بحتة و تأثيراتها وثمراتها تمتد إلى مجالات الاقتصاد والمجتمع وغيرها.
إن الثقافة السياسية والمجتمعية (الوطنية ) تلك؛ تنطلق من مفاهيم المواطنة الحقيقية، وتحقق شعاراتها، بكل المفاهيم الفكرية ومتطلبات الحقوق السياسية والإنسانية.
إنها ثقافة تعتمد على البعد القيمي الأخلاقي والإنساني، الذي يؤكد قيمة الحرية، بما فيها حرية المعتقد والتعبير والنشاط المدني، وقيمة المساواة، بما فيها المساواة بين المرأة والرجل، وفي الفُرص الحياتية، وقيمة التعاون والتشارك والاعتماد المتبادل بين مكونات المجتمع.
كل ما سبق عن متطلبات المجتمع الديمقراطي وتطبيقها في الواقع يرتبط أشد الارتباط بموضوع نجاح التجربة الديمقراطية في حياتنا المجتمعية.
ولأن الثقافة الديمقراطية في حياتنا تواجه إشكاليات تتعلق بكينونة المجتمع؛ نستطيع أن ندرك مقدار التضحيات والجهود والنشاطات النضالية المطلوبة من أجل الانتقال إلى ثقافة سياسية وطنية ترتكز على مفاهيم ومنهجيات المواطنة.
أخيراً .. إن عناصر المجتمعات متلازمة بشكل كبير, يؤثر أحدهم على الآخر , وحتى ترسم المجتمعات لنفسها مسلكاً حقيقياً يجب على كل فرد وكل مكون مراجعة سلوكه و أدائه و تصحيح أي خلل متواجد فيه.
ويبقى البعض مع الأسف بعيداً عن مبدأ احترام الآخر ويسهل عليه كيل الاتهامات وتشويه الحقائق.[1]