التهديد شاهد إثبات ..!!
القضية الكردية وتوازنات الدول الإقليمية
الأنظمة وخاصة إن كانت تَدّعي الديمقراطية؛ تحرص دوماً على منح حقوق مكوناتها وشعوبها بعدالة لكي تؤدي رسالتها الوطنية بشكلها الصحيح وتحرص على تحقيق العدل بين الجميع, ولكن في سوريا الأمر عجيب؛ فليس هناك سوى لغة التهديد والوعيد (إما, أو)…
حدة الأزمات والخيبات التي اثقلت كاهل الشعوب والمكونات السورية أودت بها إلى حدٍ لم تعد تحتمل المزيد من المماطلة، ولم تعد تقوى على تحمل المزيد من العبثية والتهكم.
شعوب سوريا اليوم وبعد تمكنها من دحر الإرهاب على مستويات عدة, تعتقد بأنه قد آن الأوان لترتقي إلى دور أكبر وإلى مساحة تؤهلها للمساهمة في الخروج من المأزق وإنهاء معاناته مع الانتباه والتحذير أن الوقت ليس لمصلحة التهديد والوعيد، وما يصلح اليوم للنقاش والحوار قد يصبح غداً خارج النقاش، وما هو مقبول وممكن اليوم لن يظل هكذا إلى الأبد، ومظلة خيارات الشعوب والمكونات السورية واسعة تستوعب الجميع وهي منطقية وحاضرة وتفرض نفسها بقوة.
بالتجربة لم يكن تعاطي النظام مع الأزمة المستفحلة ذا سقف يعتمد عليه من الجدية والمصداقية؛ بالمقابل بذل المشروع الديمقراطي المزيد من الجدية والمصداقية وسخر كل امكانياته للوصول إلى مجتمع ديمقراطي تعددي وكان شعار التعايش المشترك بين المكونات خير مثال، ولعل السؤال الدائر اليوم اعتماداً على ما لمسته الشعوب والمكونات هو مدى الاستعداد لإنهاء أزمة سوريا ارضاً وشعباً ومدى الجدية لنقل الحوار والنقاش إلى مستويات عالية بين الأطراف المتواجدة فعلياً على الأرض السورية؟ حيث الحديث عن حلول في ظل وجود التهديد والوعيد يعتبر شكلاً من أشكال الخديعة والمراوغة السياسية والتهرب من المسؤولية ..
لقد وصلت العلاقة بين المكونات والشعوب السورية وبين الساسة بكل مسمياتهم إلى طريق مغلق وأصبحت الهوَّة كبيرة أكبر من حجم المأساة ويصعب ردم هذه الفجوة بالتهديد.
إن القومي والوطني الحقيقي كما تدعون .. ينبغي أن يكون بعيداً عن التعصب وأن يحترم القوميات والشعوب الأخرى مهما اختلف معها ولا يفرض نفسه بالقوَّة؛ فماذا لو بدلنا بين أطراف المعادلة (الحوار والتفاهم )للوصول إلى صيغة توافقية بدلاً من التهديد والوعيد؟ ألم يتم التهديد مسبقاً من قِبَلكُم وماذا كانت النتيجة؟ فالتهديد والوعيد هو شاهد إثبات على ما وصل إليه البلاد والتعايش والتسامح والتشارك، وما يتم تطبيقه في مناطق الشمال السوري هو أيضاً شاهد إثبات على مشروعنا الديمقراطي ومدى فعاليته.
ما أريد قوله بأن ما يجري في سوريا يسير بنا إلى منعطفات خطيرة؛ لأن ما جرى ويجري سيؤسس لثقافة جديدة تسود في المجتمع و سيجرُّ البلد إلى نوع من الفوضى والتخبط.
في المحصلة نحن أمام مقاربة تستدعي إعادة الحسابات والعمل بوازع وطني، والنظر في حقوق جميع الشعوب والمكونات والعمل على تحقيق العدل والمساواة بين جميع شرائح المجتمع بدلاً من المبارزة الرخيصة على حياة الشعوب والمكونات.[1]