المشروع الديمقراطي ضوء أخضر لحياة أفضل
القضية الكردية وتوازنات الدول الإقليمية
في المنطقة وتحديداً في سوريا تدور رحى الصراعات لتحقيق المصالح من جهة وفرض القوة والسياسة من جهة أخرى في أجواء مصحوبة بغيوم وسُحب محملة بأفكار مضطربة وردود أفعال غير منضبطة ومصالح متشابكة، ليُثبت كل ذي شأن مكانه في الصراع، ونبقى نحنُ في ظل كل تلك المعطيات نبحث عن موطئ قدم في المعادلة الدولية، لنتحول من خلاله الى لاعبين يجيدون استثمار الفُرص وتحقيق الأهداف ضمن حلبة اشتباك المحترفين، وفي ظل صراعات مفتعلة أو متفق عليها، بين ثلاثة أهداف متمثلة بالقوَّة والمال وإدارة المصالح !!
تحولات فاصلة وضعت شمال وشرق سوريا في صدارة الاهتمامات الاقليمية والدولية… ضمن هذا الصراع وَجَدَتْ الشعوب والمكونات السورية منفذاً للخروج من المأزق “المشروع الديمقراطي” للولوج من خلاله إلى المعادلة الصعبة للقوى المتصارعة ولتجد لنفسها مكاناً فاعلاً في الصراعات السياسية والمعادلات الدولية القائمة على الساحة السورية.
يمتلك المشروع الديمقراطي اللياقة السياسية في التوجه والتحدث والتصريح والتوضيح، ويهتم بالبعد الثقافي لكونه عامل مهم في نشوء المجتمعات و يعبِّر عن الحقيقة العاطفية للمجتمعات؛ فبعد أن شهدنا أنه يُمارس اللا تاريخ باسم التاريخ واللاثقافة باسم الثقافة وأن كل الأمور تسير وتتجه وفق المنظور المنفعي للحداثة الرأسمالية؛ من هنا بدأت المكونات والشعوب السورية وخاصة في الشمال السوري بإعادة المعنى الحقيقي للتاريخ والثقافة بعودة التقاء كل شعب بتاريخه وثقافته.
وبالتأكيد نجح المشروع الديمقراطي في إدارة معركة المصالح في المنطقة وأجاد اللعب بامتياز مما أثار استغراب وانتباه الكثير من المهتمين بشأن المنطقة، كما أثار غضب آخرين بعد أن استشعروا بخطر التمدد الديمقراطي ليعلنوا عن مخاوفهم دون تردد.
بالمقابل, نجحت تركيا في استخدام المعارضة كورقة ضغط وتفاوض في ملفاتها الإقليمية لتحقيق مكاسب لها، فقد استطاعت أن تفرض أجنداتها على بعض المناطق من خلال استراتيجيات عدة؛ لكن هذه الاستراتيجية جلبت لها انتقادات دولية جعلتها تبحث عن خطة أكثر فاعلية خاصة بعد موقف واشنطن منها, وإقامة قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة وهذا يعني الاستغناء عن خدمات تركيا مستقبلاً.
المشروع الديمقراطي أسقط ورقة التوت التركية وكشف عن الأطماع الحقيقية لتركيا. وهذه حقيقة لا يمكن لأحدٍ أن ينكرها؛ فقد وصل العالم أجمع إلى قناعة بأن التصريحات والتهديدات والمهاترات التركية لم تكن سوى أوراق ضغط للتمدد والسلطة والمصالح في المنطقة.
هنا كان لابد لمكونات المجتمع السوري من وقفة تأمل ودراسة تحليلية عميقة وإعادة النظر بعلاقاتها وفق مبدأ تحقيق المصالح لتجد لأنفسها مكاناً يليق بها وبتضحياتها في معمعة الصراع الدولي على المصالح.
بالمحصلة؛ ربما لا نمتلك القوة الكبيرة والكافية؛ ولكننا نمتلك الإرادة والتصميم والحنكة السياسية التي تستطيع الوصول بنا إلى صيغة توافقية وطنية حقيقية، ويبقى المشروع الديمقراطي الضوء الأخضر لحياة أفضل للجميع حاضراً ومستقبلاً…[1]