الحقيقة وما نستطيع تقديمه للشعوب…
#القضية الكردية# وتوازنات الدول الإقليمية
الحقيقة هي الغاية الأساسية التي يجب أن ننطلق وفقها لتتمكن المكونات والشعوب من الحفاظ على حرياتها، ومن هنا تكمن حاجة المجتمعات لإدراك الحقيقة واستيعاب التناقضات والأزمات الاجتماعية والسياسية والتمكن من تجاوزها؛ ففي الأزماتِ عادةً ما تتنامى وتتكاثر التناقضات وتَخورُ قوى الشعوب والمكونات مما يصعب تحليل الأزمات أو حتى إيجاد أية صيغة للحل اعتماداً على الذهنية المتعششة عند الأنظمة والتي تَنَافَس الكثيرون على تربيتها وتنشئتها، وبالتالي يصعُبُ طرْحَ بدائل سليمة وصحيحة في الحل ما دام العجز يطغى على التحليل.
في اعتقادنا أن ما يحدد الحل هو مدى الحقيقة والقناعة التي وصل إليها الجميع وبتعبير أعم أن النجاح في الممارسة الاجتماعية وغيرها هي القوة الحقيقية التي وصل إليها أبناء المجتمع.
فما فُرِضَ على الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط من ممارسات من قِبلِ الحداثة الرأسمالية جعلتها أنظمة مؤطرة بالهزيمة, الأمر الذي جعل هذه الأنظمة عامةً مرغمة على العيش خاضعة وممنوعة من تحديد مسارها الذهني أو العيش وفق إرادة الحياة الحرة، والأنكى من ذلك أنها باتت أنظمة مخوَّلة بتقديم كل ما لديها بوصفها عميلة ومتآمرة، وكل ذلك مقابل ضمان مصالحها واستمرارية بقائها، والمراقب لأوضاع المنطقة سيُدرِكُ هذا الأمر بيسرٍ و سهولةٍ والشواهد كثيرة…
إن مجتمعاتنا انطلقت اليوم وأبدت عزمها على الحياة, وها هي شعوب المنطقة بمكوناتها المختلفة تحقق اليوم انطلاقتها بذهنيةٍ جديدةٍ أكثر حرية وأكثر قدرة على تجاوز الأزمات, فالشعوب التي انطلقت من مجتمع تقليدي مهزوم، وأخذت منحى النصر بمقدورها هي فقط أن تحقق خروجاً موفقاً من الأزمة اعتماداً على مشروع يتخطى الكثير من الحدود التي وضعتها الحداثة الرأسمالية, أما البُنى الأيديولوجية والاجتماعية التي قدَّمت نفسها مؤخراً لا يمكنها أن تلعبَ أي دورٍ يُذكر، ولن تستطيع بعد اليوم من إنقاذ نفسها من الهزيمة، والسبب لا يعود فقط إلى ضعفها بل إلى نسبة الحقيقة الغائبة عنها مقابل الحقيقة التي يمتلكها المشروع الديمقراطي الذي يتبناه الشعوب اليوم, وبالتالي لا يمكنها أن تزعم بأنها تمثل المجتمعات لأنها غَدَتْ نسخةً مستنسخة من الأنظمة الحاكمة.
الحياة الديمقراطية بدأت تضرب جذورها في أعماق التقاليد الثقافية
فمهما حاولوا التخبط ووضع العراقيل أمام الحياة الديمقراطية فقد أصبحت واقعاً قائماً لا يمكن تجاوزه بعد الآن.
والحديث عن الحياة الديمقراطية في منطقة كالشرق الأوسط لم يعد أمراً مستحيلاً كما كان يُروَّجُ له سابقاً، وما تحقق من انجازات ومكتسبات تُشير وتؤكدُ على ذلك.
وما نطرحه هو حل ديمقراطي كونه يتحلى بالمقومات الأساسية إذا ما تم إسقاطه على الأزَمَات الاجتماعية والسياسية التي تعانيها مجتمعات الشرق الأوسط.
وبالنتيجة, ما مِنْ حلٍ آخرَ قادرٍ على إعادة توحيد صفوف المجتمع السوري وإحيائه ضمن أجواء مفعمة بالحرية سوى الحل الديمقراطي…[1]