مقاومة البطون الخاوية إرادةٌ هزت عروش العنجهية التركية
المقاومة في مجابهة الاحتلال والثورة المضادة
لطالما كانت الإرادة هي السلاح الأقوى في يد الانسان لمواجهة كافة السياسات والظروف القسرية والقهرية المفروضة عليه حيث تعد الإرادة فطرة انسانية متلازمة مع الهوية والوجود فهي من أعظم الوسائل المقترنة بوعي الانسان لذاته في مواجهة القمع والاستبداد والعنصرية والإنكار، ومختلف أشكال الظلم وقد تكون السجون والمعتقلات والإبادة الثقافية أحد أبرز الأدوات التي تمارسها السلطات الدكتاتورية لفرض الاستسلام على الشعوب عبر استهدافها لإرادتهم الحرة عبر إنهاء وجوده أو تاريخه أو ثقافته ولغته وقيمِه ومبادئِه.
ربما لا يعلم الكثير منا أن هناك إرادة وتصميم لآلاف المقاومين تقف خلف انتصاراتهم واستمرار وجودهم وربما تعد هذه الإرادة والمقاومة من أعظم الملاحم والقيم المتوارثة في تاريخ حركة التحرر الكردستانية ابتداءً من ارادة ومقاومة مظلوم دوغان ورفاقه ومروراً بمقاومة ليلى كوفن ورفاقها.
فصرخة الحرية لسبعة آلاف مقاوم مضرب عن الطعام منذ قرابة الستة أشهر هي إرادة وملحمة قل نظيرها في التاريخ البشري وهي من أعظم ما بدر من رواد الحرية على الإطلاق
إن الثورة الكردستانية التي انطلقت بصرخة مقاومة بدأها مظلوم في غياهب المعتقلات وشرارة أوقدها معصوم من ذُرى جبالنا الشامخة قد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحركة الثورية التحررية العالمية وجزء أساسي من الحضارة الإنسانية وأمست مقاومة السجون والمعتقلين المضربين عن الطعام داخل سجون الاحتلال التركي وخارجها مَعلماً أساسياً من معالم #القضية الكردية# وجزءاً لا يتجزأ من هموم الشعب الكردي وكافة الشعوب التواقة للحرية والانعتاق من نير العبودية والإبادة والعنصرية والإنكار وغَدت عنواناً بارزاً من التاريخ النضالي الكردستاني
لقد أصبحت لمقاومة المضربين عن الطعام داخل معتقلات الفاشية التركية وخارجها منزلة كبيرة في وجدان شعبهم وأمتهم، لما تمثله من قيمة معنوية ونضالية؛ كما غدت نموذجاً يُحتذى في مقاومة المحتل وآلاته القمعية.
إن مقاومة البطون الخاوية من قِبَل سبعة آلاف مضربٍ عن الطعام لهو إثبات إن شخص القائد الكردي عبد الله أوجلان يجسد إرادة شعب بأكمله ويمثل وعيه وإدراكه لذاته وقضيته فهذا الإضراب الجماعي لروَّاد الحركة التحررية الكردستانية منذ ما يقارب ال 170يوماً والحراك الشعبي المستمر لقرابة 20 عاماً مطالبين برفع العزلة والتجريد الجائر عن المفكر والقائد الكردستاني عبد الله أوجلان إنما يعد تعبيراً صارخاً لما يمثله من معنى أصيل لقيم الحرية والنضال ليس للشعب الكردي فحسب وإنما على المستوى الإنساني والعالمي.
لقد قيل منذ القِدَم أن الجوع كافر لكن رواد الحركة الكردستانية وابتداءً من الرعيل الأول مظلوم، كمال، خيري، فرهاد… واستمراراً لنهجهم في المقاومة حتى الرمق الأخير التي نشهدها في يومنا الراهن من مقاومة ليلى كوفن وناصر وتيمور ورفاقهم الذين تجاوز عددهم السبعة آلاف مضرب عن الطعام جعلوا من الجوع مقاومة وثائراً وإيماناً راسخاً بالنصر من خلف قضبان سجون الاحتلال التركي وخارجها، واستطاعوا بتصميمهم إثباتَ قاعدة أن الحق يُنتزع ولا يُوهب وأن مقاومة المحتل حقٌ وواجبٌ داخل وخارج السجون وأن “الإضراب عن الطعام” شكلٌ من أشكال المواجهة ويجسد ثقافة المقاومة السلمية بالروح والفكر.
إن مقاومة المضربين عن الطعام التي يجسدها رُوَّاد الحرية في عموم كردستان وخارجها تمثل أهمية بالغة في تاريخ حركة التحرر لكردستانية كونها باتت قوة الدفع الذاتية الخارقة التي تعمل على إحياء وبث الروح في الجسد والكيان الكردي وتنتشله من الفناء إلى إثبات الوجود وهي باتت بمثابة الملحمة والمأثرة الأكثر تأثيراً ورقياً في تاريخ مقاومة الشعوب للإنكار والاستعباد و زرع روح المعرفة والوعي بين فئات الشعب بدلاً من الجهل السائد والمترسب في عقله وكيانه وإبداع الجرأة اللا متناهية بدلاً من الخذلان والجبن القابع في الشخصية لهذا؛ فمقاومة المضربين عن الطعام عبر بطونهم الخاوية في وجه العنجهية التركية تُعد الحافز الأول والأساسي في خلق الإمكانيات العظيمة من ظروف عدمية؛ فهم الذين حولوا السجون إلى ساحات نضالية تُبدى فيها أعظم النضالات والمقاومات الباسلة في سبيل الحياة، وهم الذين زرعوا روح الجرأة اللا متناهية بدلاً من روح الخوف والذعر والخنوع.
إن الميراث والنهج المقاوم الذي يصنعه هؤلاء العظماء يعد بمثابة المنهل الذي لا ينضب ويتجدد في كل لحظة من تاريخ حركة التحرر الكردستانية فما تشهده روج آفا من انتصارات ومكاسب والتي وصلت الى ذروتها في مقاومة العصر بعفرين وكوباني وشنكال ودحر الإرهاب في آخر معاقله في شمال وشرق سوريا ما هي في حقيقة الأمر إلا بزور المقاومة والثقة بالذات المستمدة من شهداء الرابع عشر من تموز ومقولتهم الخالدة (المقاومة حياة) والتي لا تزال مستمرة. بروح مقاومة ونضال البطون الخاوية لسبعة آلاف مضرب عن الطعام ليلى كوفن ورفاقها منذ قرابة الستة أشهر.[1]