حزب الاتحاد الديمقراطي؛ موقف من الاسم، ولكل حزب من اسمه نصيب
لم يكن اتخاذ الاسم “الاتحاد الديمقراطي” مسألة سهلة في سياق الإعداد لمؤتمر الحزب الأول، والذي عقد خارج البلاد نتيجة سيطرة النظام على جميع مرافق الحياة، وملاحقته للمؤمنين بالتغيير وبسبب تركيا التي بدأت تتقارب بسرعة حثيثة مع نظام الأسد الابن، وهو من وثق أكثر من ثلاثمائة وستين اتفاقاً مع تركيا جعلت الاقتصاد السوري ملحقاً بالاقتصاد التركي وطغت بضائعها على السوق السوري، وألحق رجال أعمال سوريا بالأتراك، وتوقفت شراكة تاريخية مع روسيا، وتحجمت علاقة صنعها حافظ أسد مع إيران، بسبب هذه الاندفاعة نحو تركيا، وعلى حساب أبناء البلد الكرد وتعبيراً عن الانفصال عن الواقع، والبحث من وراء الصعود التركي عن دور ملحق لرسم سياسة شرق أوسطية للطامحين الجدد.
وكان اختيار الاسم الصحيح لحزب قيد التأسيس له من الأهمية والضرورة بما يتناسب مع أهداف وتطلعات هذا الحزب، والبرامج الموضوعة من قبل لجنة الإعداد والتحضير، التي تمكنت من تحديد النقاط الرئيسة الأساسية والمرتكزات الفعلية للوثائق. إن اطلاق اسم الاتحاد الديمقراطي هو محاولة للتعبير عن آمال وطموحات وتطلعات الشعب في روج آفا وفي سوريا معاً، حيث تعيش أقوام وشعوب واثنيات وأديان ومذاهب وطوائف شتى، هي امتداد شرق أوسط عرف تاريخياً بغناه الحضاري، وتنوعه الاثني، وتعايشه الغني. ثم هناك حاجات العصر التي تنحو نحو الديمقراطية والمشاركة واحترام القيم الانسانية. فكان لابد للاسم أن يستوعب هذه الجوانب بما يمثلها كشكل تنظيمي جديد في المناطق الكردية التي شبعت من أسماء تجسد الاسم القومي دون مضمون منتج، فكان هذا الاسم تجسيداً للابتعاد عن الحركة القومية التقليدية التي اهترأت في تنافساتها وانقساماتها، وخروجاً عن نمط أهداف الدولة القومية التي صنعت الحروب والنزاعات في العصر الحديث. الحركة القومية التي كانت نتاج الرأسمالية وجشعها وسيطرتها على الشعوب ونهبها خيراتهم، والتي ساهمت بتقسيم أراض على شعوب وقوميات متعددة، وحرمت الشعب الكردي من دولته بسبب ارتباطات ومصالح بعيداً عن العدالة والحقوق.
إن اطلاق اسم الاتحاد الديمقراطي كان نتيجة طبيعية للإيمان بأن الديمقراطية هي الحل الأمثل للقضية الكردية والسورية على حد سواء، وأن عدم ذكر الصفة القومية للحزب، والذي استغله مناوئون اتهموه بأنه ليس حزباً كردياً، ولا يملك مشروعاً قومياً. إن الاسم هو دليل على تجاوز من الحزب لأسباب الانقسام، إذ الاسم القومي لم يجعل الأحزاب التقليدية تتوحد، وغياب الثقافة الديمقراطية عنهم جعلهم في مزيد من الانقسام. لذلك كانت الثقافة الديمقراطية ضرورة للمجتمع الكردستاني وضرورة لتعايش هذا المجتمع في محيطه، وتوحده مع المجتمعات التي تعيش انتماءها القومي دون أن يكون على حساب قهر الآخرين، أو السعي لدمج شخصية قومية بأخرى، وبقناعة أوسع أن مجتمعات الشرق الأوسط ليس فيها بلد يمكن أن يعيش منعزلاً بقوميته عن التنوع الاثني والديني والطائفي، حيث تتداخل الثقافات وتتعايش الحضارات منذ أقدم العصور.
الاتحاد الديمقراطي بداية لتاريخ الديمقراطية في الشرق الأوسط ومشروع التحول لسوريا التي تتأخى فيها الشعوب، وبداية اعتراف متبادل يقوم على حقوق الجميع بالأرض المشتركة، وحقوق الجميع بالمشاركة في إدارتها، لتكون سوريا ديمقراطية اسماً وهدفاً.
وفي نظام يسوده مفهوم المواطنة يمكن تحقيق الديمقراطية كتعبير عن شكل من أشكال السيادة. وحين تطلق مفاهيم ايديولوجية عن الأمة فوق الدولة (الحالة الاسلامية) والقومية أكبر من الدولة (الحالة العروبية) لا تقوم دولة المواطنة ولا تتحقق الديمقراطية، وتبقى السيادة منقوصة ويتلاعب الحكام بالمصير، لأن الدولة في هذه الحالة تقوم على أحلام وليس على واقع معاش. من أجل ذلك الديمقراطية وفق مفهوم المواطنة سيتنافس فيها أحزاب وفق برامج ومصالح وتتراجع فيها الهويات الغالبة لأن أي تنافس على حساب الهويات سيلغي جزءاً من المجتمع، وستفوز الهويات الكبرى (العرب قومياً والاسلام السني دينياً) مما يكرس الاستبداد بصورته البعثية أو الاخوانية وكلاهما خارج التاريخ وصورة مشوهة عن الدولة المركزية المتوحشة.
حزب الاتحاد الديمقراطي سعي حثيث لإثبات أن في الديمقراطية حل يجب التمسك بها وانجازها رغم الصعاب ورغم العقول التي غلفتها العنصرية وتحكمت بها.[1]