الإرادات المجتمعة لرسم هوية المستقبل السوري
#القضية الكردية# وتوازنات الدول الإقليمية
يقول تولستوي:(أن تجمع الإرادات هو الذي يصنع الحدث)
حفظ لنا التاريخ مواقف مهمة؛ أنه من عاش في الظلم يوماً لا يمكن أن يكونَ ظالماً، المجتمع السوري بمكوناته المتميزة تعرض إلى أساليب مبرمجة تسببت بانهيارٍ للمجتمع ومؤسساته، ولحقه الحروب والمعارك مع التنظيمات الإرهابية، وأصبحت الجغرافية السورية متاحة للجميع، باستثناء مكونات الشعب السوري الذي استمر في حصاد الخيبة والخذلان، وشُرِعت الأرض السورية للغرباء من الدول المجاورة وغيرها. وبعد مضي هذه السنوات العصيبة ألا يجدر بنا التفكير الجدي المخلص والوطني، بضرورة النهوض بمكونات المجتمع السوري وإعطاءه الحق الطبيعي كي يمضي بتنفيذ مشاريعه الذي آمن بها، وأن يوّثق العلاقات مع ذاته ومع محيطه الإقليمي والدولي بما يفيد المجتمع من حيث توازنه في المنطقة.
قبل أن ندخل في أية تحديات نحن مدعون اليوم إلى صياغة لغة مشتركة تطال المفاهيم القاعدية للحوار، لان المصالح والأهواء من الممكن أن تكون عوامل كارهة ومفرقة، مقارنة مع التحولات التي يشهدها العالم.
نحن بحاجة إلى هويات واقعية حضارية تتلمس طريقها، وتحاول أن تنفذ إلى المستقبل من خلال مقاربة المسائل الحضارية الحداثوية وتبلور رؤى تكاملية بعيدة عن أوهام عفى عليها الزمن، هويات تعمل على تعزيز وتعميق العلاقات والتواصل بين الشعوب والمكونات التي تعي أهمية التكامل، مما يؤهل هذه المكونات لأداء دور فعال لتعزيز السلم بين الشعوب، وتُحقق لها الرفاهية والحرية عبر صيغ التساند والتعاضد وبلورة مفهوم حضاري ذات أبعاد متعددة مترابطة، بالتالي يتطلب هذا الأمر التصدي لتيارات الكراهية والعنصرية والإلغائية والانعزالية والديكتاتورية التي أوجدتها الدول القومية، وذلك ممكن باعتماد حوار الحياة طريقاً بين المكونات المتنوعة لاستخلاص مقاربات مشتركة للتحديات التي تواجه الجميع وتتطلب التواصل والتضامن لما فيه مصلحة مكونات المجتمع وحل المشاكل بطرق سلمية وقانونية، وبإعطاء معنى جديد للإنسان الحر الذي يجسد مفهوم الهوية المنفتحة.
على ضوء ما تقدم إلى أين يتوقع أن يسير مكونات المجتمع السوري بعد أن شعرت بالنكهة الخاصة للعيش المشترك والتي تحكي صور التناغم والتفاعل بينها؟ إذا كنا منصفين توصلنا إلى الإجابة، وهي أن جميع مكونات المجتمع السوري متعطشة اليوم إلى الخطاب العقلاني وإلى المشاريع الديمقراطية التي تلبي طموحه وتؤمّن حقوقه.
وهذا ما جعل الإدارة الذاتية الديمقراطية تلجأ إلى توحيد مكونات المجتمع وحل القضايا الوطنية التي أفرزتها النظم القومية بالعقلانية، على عكس تلك الدول القومية التي تسعى إلى توحيد المجتمع والبيئة المحيطة إكراهاً. فاتخذنا النموذج الديمقراطي أساساً في حل القضايا الوطنية التي هي جزء من أهم القضايا الاجتماعية وذلك انطلاقاً من طبيعة المجتمع والشعوب من جهة وطبيعة الدول القومية من جهة أخرى، وبالتالي أن نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية ليس مجرد خيار حل بل هو أسلوب الحل.[1]