القائد أوجالان والحل السوري
حول النقاش المتعلق بالدستور السوري
في لقائَي القائد مع محاميه في الثاني من أيار والثاني والعشرين من الشهر نفسه تطرق القائد إلى حل المعضلة السورية، ففي اللقاء الأول تقدم برؤيته للحل وفي اللقاء الثاني تقدم برؤيته وأعرب عن استعداده للمساهمة في الحل، مما يدل على الأهمية البالغة التي يوليها القائد للشأن السوري وضرورة الحل السياسي للعقدة السورية.
القائد أوجالان أكثر العارفين بشعاب الشرق الأوسط ومكوناته والتعقيدات التاريخية التي هي سبب معاناة شعوبه ومكوناته، فهو من أبناء المنطقة عاش معاناة شعوبها حتى النخاع، وينتمي إلى الشعب الكردي الذي كان ولا يزال يعاني من كل أشكال الظلم والقهر والجَور بما في ذلك إنكار الوجود والهوية والثقافة، وأصبح على مدى تاريخه ضحية للألاعيب والمساومات الدولية. ووجوده في سجن منفرد في جزيرة معزولة عن العالم في ظروف لامثيل لها منذ عشرين سنة؛ هو نتيجة لمؤامرة دولية عقاباً له لمحاولته فضح الألاعيب الدولية التي تحاك ضد شعوب المنطقة وتنوير الطريق أمام الشعوب للتخلص مما يحاك لها، وكأن ذلك لا يكفي ففرضت تلك القوى عزلة جائرة تتناقض مع جميع القوانين والمقاييس الدولية والمحلية بما فيها القوانين التركية، بحرمانه من لقاء المحامين والأسرة على مدى ثماني سنوات.
عندما اضطرت الدولة التركية إلى السماح بزيارته تحت ضغط مقاومة لامثيل لها عبر التاريخ أبداها الشعب الكردي، أول موضوع تطرق إليه القائد هو الشأن السوري والثاني الديموقراطية في تركيا، مما يشير إلى الأهمية البالغة التي يوليها القائد للشأن السوري وللأزمة التي تعاني منها شعوب الشرق الأوسط. فهو منذ البداية أكد دائماً على أن الإستقرار لايمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط من دون حل القضية الكردية، وبفضل نظرياته وأفكاره وفلسفته أصبح #الشعب الكردي# طليعة شعوب المنطقة على مسار تحقيق الديموقراطية في المنطقة، والشعب الكردي في روجافا استطاع الصمود وسط العاصفة الهوجاء التي تعصف بالمنطقة، وتصدى للإرهاب الأسود الذي أراد إجتثاث كل ما يمت إلى الإنسانية من حضارة وأصالة ومعايير من الجذور ليعود بالبشرية إلى عصر الكهوف، وأثبت أنه مرتبط بالقيم الإنسانية ومدافع عنها إلى درجة التضحية بدماء أبنائه. ثم استطاع إنشاء نظام ديموقراطي يعتمد أخوة الشعوب والحياة المشتركة ضمن براديغما الأمة الديموقراطية التي طرحها القائد أوجالان بالذات.
في الشأن السوري أكد القائد على نقطتين أولها اعتماد الوسائل الديموقراطية في حل الأزمة السورية وتوفير الضمانات الدستورية، وثانيهما مراعاة حساسيات الجوار. وهذا ما جعل الإدارة الذاتية ومؤسساتها تَطمَئن أنها تسير على الطريق الصحيح رغم النواقص والتقصير الحاصل في الممارسة العملية. فالقائد أوجالان يعلم جيداً أن عدم توفر الضمانات الدستورية لما يتأسس يضع كل شيء في مهب الريح، وهو يعلم أيضاً أن القوة العسكرية التي دافعت وحققت الانتصارات هي قوة دفاع مشروع عن الذات، وهذه القوة لم تكن معتدية في أي وقت من الأوقات ولهذا لا يمكن أن تعتدي على الجوار أو أن تكون آلة لتنفيذ ما يتناقض مع تطلعات الشعوب وتآخيها وعيشها المشترك. ويمكن تناول رؤية القائد بشكل عام على أنها تحذير من أي انزلاق عن مسار براديغما الأمة الديموقراطية والدفاع المشروع عن الذات.[1]