جوهر الحياة السياسية والاجتماعية
القضية الكردية وتوازنات الدول الإقليمية
العديد من الأطراف تنقسم مواقفهم إلى قطبين متنافرين لامجال فيها للحلول الوسط والتفاهم المشترك وخصوصاً إذا كان الطرف الآخر يريد تدمير كل ما بنيته من أجل مآرب شخصية أو لأجندات خارجية.
مثل هذا الشعور يقود إلى تقطيع خيوط الأمل وتمزيق وشائج التفاهم، ومن شأنه أن يزيد في العُقَدِ بدلاً من حلها.. في حين يرى الطرف الآخر العكس تماماً؛ فيرى أن المُلاينة والتسامح والاحترام المطلق هو الطريق الأمثل لتجنب الأخطار التي قد تلحق بالمجتمع جراء التضاد بين الموقفين.
الأسلوب المسالم ينفع مع الطرف الذي يحترم العقل ويجد ضرورة للتفاهم والخلاص من المشاكل بالطرق المعتدلة التي تراعي حقوق الجميع ويُؤمن بأن للجميع حق العيش بسلام أو يُرجى منه ذلك، ولو على المدى البعيد.
إن الحكمة والتعقل يدعواننا للجلوس حول طاولة مستديرة والتحاور بهدوء، وأن نكون إيجابيين أكثر وننظر إلى الأمور بعين باصرة وروح متفائلة وإلى إمكانية الحل والوصول إلى صيغة تجمع الكل وتحفظ ما يتطلع إليه الجميع.
سنوات عدة مرت على انطلاقة الثورة والمشهد السياسي يتدحرج وتتسارع خطواته، لتأتي الإدارة الذاتية الديمقراطية حاملة معها رؤية وتصور “رغم التدافع في الحالة السياسية المتأزمة” لتعطي للمشهد السياسي جرعة أكبر من الوطنية وخدمة المجتمع بجميع مكوناته.
جاءت لتدفع بالمسار السياسي نحو الأفضل والأسرع والأنجع…ولعله قارب في آماله وسعيه وبمشاركة جميع مكونات المجتمع السوري إلى مشروع إنقاذ المجتمع.
بلا شك سعت الإدارة الذاتية الديمقراطية ومنذ البداية إلى لعب دور سياسي مستقبلي بارز يلتقي فيه الأبعاد التكتيكية والاستراتيجية؛ حيث هدفت الإدارة الذاتية إلى تكوين تحالف صلب وواسع بين جميع المكونات المتعايشة، وكان لا بد من عملية فرز ضرورية بين طرفين، طرف الجماعات التي عملت على تدمير سوريا ونهبها لتحقيق أهداف وأجندات خارجية، وطرف النظام بفلوله وأزلامه ومصالحه/ هذان الطرفان المتناقضان في المصالح والمتشابهان في التدمير والإلغاء/، وهذا الفرز بدأ المواطن السوري يتلمس فوائده في مشروع الإدارة الذاتية على كل المستويات وفي كل حين.
إن الإدارة الذاتية الديمقراطية حملت في جوهرها مشروع إنقاذ وبناء يتجاوز إطارها الإجرائي الوطني لتلمس بُعداً استراتيجياً حيوياً بسعيها إلى إعادة الاعتبار للمكونات السورية وإخراجها من الأجندات الخبيثة؛ مرتكزة بذلك على مبادئ ديمقراطية وثوابت الأخلاق والقيم.
الإدارة الذاتية الديمقراطية تمثل جوهر الحياة السياسية والاجتماعية الناجحة إجرائياً واستراتيجياً، حيث يلتقي التاريخ بالجغرافيا وتلتقي المبادئ والثوابت بمصلحة الفرد والمجتمع، حيث تكون الإدارة خدمة للشعب وخاصة الضعيف منه والفقير والعاطل والمظلوم، وليست بحثاً مضنياً عن الكراسي والامتيازات، والإدارة الذاتية الديمقراطية تمثل كل هذه الأبعاد في كل مسيرتها السياسية وفي حراكها وفي مشروعها الحضاري، وهي مسؤولية تتجاوز التاريخ والمجتمع وحل لجميع المشاكل المستعصية.
بالمحصلة بامتلاكنا القدرة والإرادة نستطيع الحفاظ على المكتسبات وتحويل الهزيمة إلى نصر والخسائر إلى مكاسب.. واليوم يتوفر لدينا كل هذه القدرات.[1]