أي دور للمثقفين في مؤسساتنا..
رحلة إلى الوجع الكردي
هل يمكن أن نتقبل من المثقف اليوم وخاصة من المثقف الكردي أن يقول كلمته ثم ينزوي إلى منفاه الداخلي؟ هل يحق للمثقف أن يتغافل عن أمور يجدها هو من الأخطاء جسيمة؟ هل يحق للمثقف أن يدير ظهره للخطأ؛ ليس لضعف فيه، ولكن إدراكاً منه بالعواقب الوخيمة التي قد تلحق به جراء تدخله فيها؟ هل بإمكان المثقف أن يقوم بواجباته الطبيعية وكل ما يقع على كاهله في المجتمع من(مسؤوليات مجتمعية) وصوته مبحوح وغير مسموع؟ هل بإمكانه العمل على إجراء تغييرات في المجتمع وإصلاح هندسة بناء المجتمع وهو على هذه الحالة؟
ينبغي أن نفكر ملياً في إيجاد الطرق العملية لتطبيق الأفكار وتحويل النظريات للوصول إلى سياسة ثابتة ومتوازنة.
بإمكان الجميع تشخيص الأخطاء، وتحديد الفجوات في الاستراتيجيات، ولكن تشخيص الخطأ والتغاضي عنه ليس من صفات المثقف؛ فهو بطبعه يواجه الخطأ ويضع استراتيجيات الحل، وهذا ما لمسته من مناشدة أحد المثقفين للإدارة الذاتية الديمقراطية مؤخراً.
مثقفنا هذا؛ لبَّى حدة النيران المتأججة في داخله، شأنه شأن العديد من مثقفينا الذين أعلنوا الانتماء للمجتمع وربطوا مصيرهم بمصير المجتمع وذابوا فيه.
أشار مثقفُنا إلى موضع من مواضع الخلل في أسلوب الإدارة, ووضع اقتراحه للحل بشكل يرضي الجميع. لا أنكر أن مناشدته هذه لم تجد آذاناً صاغية ولكنه عمل بما تمليه عليه وظيفته الثقافية, وحتماً سيجد يوماً من يستمع له ولغيره من المثقفين, وكل خوفي أن يكون ذلك بعد فوات الأوان….
إلى كل من هو جالس أمام مكتبه يكتب وينتقد. إلى كل من يعتقد أن هروبه وعدم اندماجه في أي عمل يبرأ ذمته أمام التاريخ وأمام الشعب والمجتمع؛ اعلموا جميعاً أنه لم يعد هناك مجال للحياد بعد الآن فإما أن تكون مع الحق وتعمل لأجله وتتدخل عندما تجد ذلك من واجبك, وإما أن تكون مع الباطل وتصفق له تمدحه وتُمَجِّدَهُ وتصمت عنه وتهادنه.
الإعلام بمختلف اتجاهاته وأشكاله “المرئي والمسموع والإلكتروني” لم يعد يدلي بغير الأخبار المخيفة والمحبطة, والإعلاميين في هذه الفضائية أو تلك يتفننون في تلميع صورة هذا السياسي أو ذاك ويمجد هذا الطرف ويخون الطرف الآخر, دون اعتبار لما تتطلبه المرحلة والمصلحة العامة للمجتمع.
سلك القضاء الذي علق عليه الجماهير كل آمالها، لينصف المظلوم ويحق الحقوق، نرى بعض هياكله قد انحرفت عن المسار الطبيعي.
والبعض من السادة المسؤولين الذين وضع فيهم الشعب كل الآمال لتحقيق وعود وعهود أقسموا على تحقيقها للجماهير, نراهم يتسابقون للظهور على الفضائيات وفي كل مناسبة تجدهم بين الحضور تاركين خلفهم كل الواجبات والأعمال التي عاهدوا بها الشعب متذرعين بحجج واهية من قبيل” أن وقتهم ضيق (حتى ليس لدينا الوقت لنجلس مع أطفالنا)…فهل هذه من سلوكيات المناضل الثوري؟
وأين دور المثقف من كل ذلك يا رعاكم الله؟؟؟[1]