رسالةٌ من بين النيران
لا أنكر أن مشهد النيران المستعرة وهي تجتاح الأراضي وتفتك بالمحاصيل الزراعية كان مرعباً ومخيفاً.
قد يقول قائلٌ إنها الحرب، وأن في الحروب دائماً ما يدفع المنتصر أغلى الأثمان، وتكثر الأعداء من حوله؛ بيد أنه وكما نعلم جميعاً أن للحروب قواعد وضوابط تنظمها، ومواثيق دولية تُلزِم الغزاة والأطراف المتحاربة، ويجب التَقيُّدَ بها، ولكن أليس غريباً أن هؤلاء الطغاة والأعداء لم يلتزموا حتى بالقواعد التي فرضها عليهم الدين الإسلامي الذي ينادون به؛ من قبيل” لا تغدروا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً ولا تقربوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تقطعوا مُثمراً ولا تخربوا عامراً). ناهيك عن الحرق الذي يُحرِّمُهُ جميع الشرائع السماوية؟؟.
لم أتوقع يوماً أن يبلغ أفعال هؤلاء درجة ارتكاب الموبقات؛ بل تجاوزوا بذلك شنائع نيرون الذي أحرق روما كما هم أرادوا إحراق مدننا وبيوتنا ودُورِنا؛ فمات نيرون ولم تمت روما.
كانت الحناجر ملآى بغصات الحزن الممزوج بالفرح عندما كان يتدافع الرجال والنساء والشباب والشابات متجاوزين قوقعة التحزب والأحزاب لمؤازرة فِرقِ الإطفاء لإخماد نار الحقد التي تغذيها تصريحات أولئك العضاريط ( الذي يعمل فقط لأكل بطنه) والاُجراء في بلاط السلطان العثماني الجديد المهزوم داخلياً وخارجياً.
رسمت هذه المشاهد الأليمة التي حملت بين طياتها طابع الإبادة؛ خرائط جديدة لشعوب الشمالي السوري عموماً، وكشفت عن مدى متانة رابطة الدم و وحدة المصير بين الكرد خصوصاً، والعيش المشترك مع جميع المكونات السورية، وأكدت على أنه مهما استعرت نيران الأحقاد علينا نزداد يقيناً بأن المشروع الديمقراطي الذي نطرحه لحل المسألة السورية هو الأنجح والأصلح؛ بل نزداد ثباتاً بأننا الجذر التكعيبي في حل المعادلة السورية، ولا يمكن القفز من فوقنا لإيجاد حلول مُفصَّلةٍ على مقاسات المتربصين بكل مكونات الشعب السوري، فموتوا بغيظكم أيها العتاة الفاشيِّون؛ ها قد أزلتم كل العوائق التي كانت تعترض وحدة موقفنا وكياننا، و وحدتمونا على كل القضايا دون أن تدركوا معنى أفعالكم الشنيعة؛ فرب ضارة نافعة و وقعت على وجوهكم كالصاعقة.
قد يشذ البعض منا ليذهب ويعيش في زرائب الأعداء، ولكن قافلتنا تسير، والتاريخ علّمنا أن الشعوب الحرة لا تموت مهما تعرضت للظلم والطغيان، ولا بد أن الليل سينجلي وأن القيد سينكسر.
خلاصة القول: الأعمال المشينة التي تقوم بها الجماعات الإرهابية والخلايا النائمة التي تقودها النظام التركي هدفها التشهير بهذه الإدارة الذاتية من خلال ضرب اقتصادها في قوت يوم المواطنين، وإظهارها على أنها غير قادرة على حماية المواطنين والحفاظ على أرزاقهم، واختلاق الفتن عبر بعض الأقلام و وسائل الإعلام المأجورة؛ مما يستوجب القيام ببعض الإجراءات التطمينية والبدء بحملةِ توعيةٍ مضادةٍ لهذه الأجندات لإفشال مخطط المتربصين بمشروعنا الديمقراطي من جديد في عدم تحقيق المآرب التي لم يستطيعوا كسبها عبر الحرب والتدمير والتهجير، وسد الطريق أمام الذرائع والافتراءات التي تعمل عليها مكناتهم الإعلامية.[1]