سنروي لأطفالنا قصة ثورة لم نحمِها!!
رحلة إلى الوجع الكردي
حقيقة القول، أن ما نعيشه هذه الأيام من اتهامات ومن جرأة البعض في التطاول على دماء الشهداء وعلى مكتسبات شعبنا، ليس بالشيء الجديد على مجتمعنا الذي غرس فيه روح الحقد وروي بجيفة الكراهية والفرقة؛ إن كل ما يحدث من حولنا هو منظمٌ ومبرمج انطلق في البداية خافتاً ثم تصاعدت وتيرته وجرأته.
وهكذا تسقط أوراق التوت تِباعاً، لتعلن عن ولائها الحقيقي وتَكشِفَ بكل صفاقة عن وجهها الدميم، ولترتفع أصوات كانت نشازاً لتنفث سموماً وتنقل جمرات النيران التي حرقت محاصيلنا من حقل إلى آخر.
تكشف لنا الحقيقة عن وجود أناس كنا نظن أنهم ذهبوا إلى غير رجعة كان شعارهم الاستفزاز واللامبالاة وإرضاء الآخرين على حساب مبادئ وثوابت وحتى على أخلاقيات كانوا يتشدقون بها!
أناس يحملون وعياً منقوصاً، يعادون مجتمعهم ويتطاولون على الدماء المقدسة ثم يسترخون على أرائكهم الثمينة يتابعون المشهد وكأنه لا يعنيهم بشيء، ويريحون ضميرهم الميت ببعضٍ من الصراخ أو العويل أحياناً.
لا يخفى على أحد، أن نجاح الثورة واستمرارها اليوم، يكمن في وحدة صفوفها ووقوف كافة فئات المجتمع إلى جانبها، وبالمقابل يكمن فشلها في تشتتها وتخلي بعض ضعاف النفوس عنها لأهداف معادية أو لمصالح شخصية ضيقة.
لقد وفرت الأزمة المستفحلة بيئة ملائمة لبروز هكذا خطابات تزعم الانحياز ل “الشعوب” والعطف على الجماهير “خطابات بيع الأوهام للجماهير”.
إن ظاهرة الاتهام المتصاعدة مؤخراً، هي نتاج طبيعي لاستفحال ملفات ساخنة صاغتها شعور الجماهير بوهن الإدارة الذاتية الديمقراطية في بعض الأمور وصعوبة استمرارها في ظل هذا الضعف، وتململ الجماهير من بعض أشكال الفساد المستشري في مفاصل الإدارة ومن التهاون في بعض الأمور الخدمية. فهل يشكل بروز أطراف توزع الاتهامات هنا وهناك خطراً على الإدارة الذاتية الناشئة يا ترى؟ أم أن هذه الأطراف ستشكل اختباراً حقيقياً للإدارة وتساهم في نقدها (الإدارة) لذاتها ومراجعة أخطائها وتقويم إعوجاجاتها بما يفتح لها آفاقاً جديدة وواعدة وتجديد دمائها من خلال إعادة بناء الهيكل السياسي والتنظيمي لها.
الأزمات والتناقضات عادة ما تشكل مناخاً خصباً لإعلان حروب، ولعل أخطر ما في الموضوع أن يكون هذا الحرب هي “الحرب على الديمقراطية”. وإذا لم نحسب حساباً جيداً للثورة المضادة، فإنها ستأتي على الجميع، وعندها لن يبقى لنا سوى أن نروي لأطفالنا يوماً قصة ثورة لم نستطع حمايتها وعجزنا عن استمرارها حفاظاً على مصالحنا الضيقة.
لحظة تفاؤل موجهة للمشككين والهامشيين… مهما علت أصوات المنظومة القديمة، فكل ما ذهب أدراج الرياح لن يعود مجدداً فكفاكم أحلاماً!! لأن مكونات شعبنا السوري قد ذاقت طعم الحرية ودفعت الثمن باهظاً من أجلها، وستبقى هذه المكونات تدافع عن مكتسباتها رغم الصرير النشاز لأقلام بعض الساقطين…والتاريخ لا يعيد نفسه والشعوب لا تفنى، والأيام القادمة فرصة جديدة لمن تعثر…![1]