قَسَدْ حُرَّاس الوطن وحُماتِهِ
الصَّفعة الإسطنبولية ومآلاتها
مازالت بعض الأقلام التي ترتزق على فُتات ولائم الحكام الطغاة ترتفع صريرها في كيل الاتهامات بشتى أنواعها لقوَّات سوريا الديمقراطية (قسد) التي قدَّمت عشرات الآلاف من التضحيات للحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وهي بذلك ورغم استرزاقها على أرصفة المعادلات المستحيلة الحل الخارجة من قصور الاستبداد؛ تضع نفسها في خانة المُجرُّدِينَ من الفكر الخلَّاق المبدع الإصلاحي الذي يمكن الاعتماد عليه في استنباط الحلول والوصول عبرها إلى برِّ الأمان والخلاص من الصِّراع الدامي في سوريا؛ بل تسعى بذلك إلى المزيد من خلط الأوراق واختلاق الفوضى العارمة وتجعل من نفسها مطيَّةً رخيصة لأساليب الفاشية بالعَزْفِ على أوتارٍ صَدِئَةٍ يجلِبُ صداها الاشمئزاز للشعب السوري.
المفارقة هنا تكمن في أن مقاربة هؤلاء لقوات سوريا الديمقراطية في خلق الذرائع والحجج والاتهامات الزائفة مستمدة من تقارير كيدية شُغلُها الشاغل تشويه صورة هذه القوات لدى الرأي العام وحاضنتها الشعبية وضرب انجازاتها في العمق، وهي تتماشى بذلك مع الأباطيل التي تُروِّجُها المؤسسات الاستخباراتية التركية في الإطار والمضمون التي تسعى بكل ما لديها من إمكانيات لِنَسْفِ المشروع الديمقراطي الذي ينادي به هذه القوات ومظلّتِها السياسية مجلس سوريا الديمقراطية(مسد) لدمقرطة سوريا دون العودة إلى النظام المركزي وسلطة الأمر الواقع التي حوَّلت سوريا إلى ما آلت إليه من دمار وخراب وتهجير، ومستنبتاً للإرهاب الذي كاد أن يجتاح العالم.
الأخطر من هذا وذاك هو انشغال هذه الأقلام بالتشويش على هذه القوات وقذفها بما لا يقبله العقل والمنطق دون أن تكلف نفسها عناء التقصي والبحث عن الحقائق ولا أن تطّلِع على بواطن الأمور التي تنادي بها قسد في المحافل وعلى المنصات والمسارح الدولية؛ إذ أنها كانت وما زالت تدعو إلى الحوار السوري السوري وترفض أيَّة تدخلات خارجية في الشأن السوري لإيجاد حلول على مقاساتها وفرضها على السوريين داعية إلى إخراج كل القوى الأجنبية من سوريا.
مقارنة المعايير التي تنادي بها قسد على أرض الميدان والواقع بافتراءات تلك الأقلام؛ تبرز حالة المتاجرة بالأوهام التي لا تزيد في القضية السورية سوى التعقيد والابتعاد عن الحل والانزلاق نحو الهاوية، وهي محاولة يائسة للضغط والتأثير على مواقف هذه القوة السورية الوطنية، إذ أن المعطيات الحسيَّة الملموسة والميدانية منذ بدايات الصراع السوري حتى الزمن الراهن تجعل من قسد قوَّة أقلَّ ما يُقال عنها بأنها حُماة الوطن وحراَّسه، والتورم في التحشيد الإعلامي ضد هذه القوات يضمر بين طياته عواقب لا تحمد عقباها وتدل على أن سوريا تُختصر بأشخاص وأفراد وكل من يخالفهم الرأي فهو يُتهمُ بالعمالة والأجير عند الغرب؛ في الوقت الذي هؤلاء هم مَنْ يتراكضون ويتسابقون ويقفون بالصَّف على أبواب هذا الغرب لاسترضائه. فلغة التخوين والمتاجرة بالوطنية المُزيَّفة لم تعد تُفضِي إلى النهايات المنشودة لسوريا، والواقع يقتضي التخلي عن الذهنية القديمة والقبول بالآخر والرضوخ لِما فرضته الحقائق المغيَّبة آنذاك والقبول بها والتي من شأنها أن تودي إلى سوريا جديدة تستوعب وتحتضن الجميع بعيداً عن الطائفية والمذهبية والمناطقية.[1]