معرض (الكتاب الثالث) تظاهرة ثقافية في زمن الحرب
رحلة إلى الوجع الكردي
نشاطات ثقافية كثيرة توقفت مع بداية الأزمة السورية لعل أهمها المهرجانات الثقافية ومَعارِض الكُتب، أضيفت إليها خروج بعض المراكز الثقافية عن الخدمة…لم تنفذ الفرص بالنسبة إلى المثقفين في مناطق شمال وشرق سوريا؛ فظروف الحرب والمعاناة حثَّت المثقفين بشكل أكبر للحفاظ على ثقافة وتراث المنطقة وديمومة استمرار الفعل الثقافي..
ربما اتسمت بعض النشاطات في البدايات بقلة التنظيم حيناً، وبالانفعالية حيناً آخر، وبالتنظيم والقوة معاً في مناسبات أخرى، لكن مهما يكن الأمر فقد اتجهت العيون دوماً إلى المؤسسات الثقافية وفعالياتها وفاعليتها وخططها، ولعل البعض يسأل هل كانت هذه الخطط الثقافية على قدر المسؤولية ؟.
قريباً من هذا السّؤال وتحديداً تحت عنوان: «مجتمع يقرأ, مجتمع يرتقي» أقامت مؤخراً هيئة الثقافة في إقليم الجزيرة معرض الكتاب (هركول ) بنسخته الثالثة.
المعرض كان حراكاً ثقافياً مميزاً على ساحة شمال وشرق سوريا وساهم في إطلاق مشاريع ثقافية متعددة، كما شجَّع على القراءة من خلال عرض ما يقارب 1200كتاب وعبر باقة من المحاضرات حول الطاولة المستديرة والندوات والتي شارك فيها عدد من المثقفين والشعراء والكُتَّاب، والمهتمين بالشأن العام.
نستطيع القول أن مُنظِّمِي المعرض نجحوا إلى حد ما في تحقيق حالة تواصل بين العقول المشاركة والمتابعين، فالنقاشات التي كانت تدور في سياق المحاضرات والندوات وحول الطاولة المستديرة وكذلك الجرأة الأدبية من قبل الشخصيات المختلفة المشاركة أعطت أهمية لمخرجات المعرض بشكل وجده كثيرون رافداً مهماً من روافد الحركة الثقافية في شمال وشرق سوريا, وربما على ساحة المنطقة بشكل عام.
المعرض عَكَسَ الهوية الحقيقة لأبناء المجتمع الواحد عبر إيمانهم بأعمدة الثقافة كروافع أساسية لبناء المجتمع الديمقراطي المتطور والمتقدم وكأدوات مهمة لمواجهة الأفكار الإرهابية والأفكار الإقصائية، والمشاركة الواسعة في المعرض من قبل العديد من المثقفين والمهتمين ودور النشر خير دليل على حالة وعي متقدم عند أبناء المجتمع بدور الثقافة في النهوض بالواقع والارتقاء به نحو الأفضل، وأن المنطقة بأدبائها ومثقفيها ومفكريها وفنانيها تشكل نفحة في الثقافة, ورافعة من روافع مقاومة شعوب ومكونات المنطقة.
بصراحة؛ تفاعل الجمهور الذواق لمثل هذا النوع من الفعاليات كان واضحاً وعكسه الزيارات اللافتة للوفود، وبصراحة أكثر أن طموح المثقفين وتاريخ المنطقة الأدبي الغني والأهداف التي تُقام من أجلها المعارض والمهرجانات تجعلنا نقول أننا ما زلنا في بداية المشوار، ونحتاج للكثير كي نجعل كل المعارض والمهرجانات فضاءً ثقافياً جميلاً ومنطلقاً للتقارب الفكري والثقافي ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى الوطني والقومي والإنساني بين المجتمعات والشعوب والمثقفين بشكل خاص في كافة أصقاع العالم لما تملكه شعوب المنطقة من مقومات فكرية وثقافية تؤهلها كي تكون حاضنة لنشر ثقافة التسامح والتآخي بين شعوب المنطقة والعالم…[1]