قراءة الأحداث بعيون وطنية إيجابية
الدستور الديمقراطي
في خِضَمِّ الأزمة السورية, يتواصل التجاذب على أشده بعد أن تحوَّل كل ما من شأنه جمع شتات الشعوب والمكونات، وتتيح لها إمكانية الحرية إلى أمنيات جارفة .لتنتهي رحلة الأحلام في أستانا وسوتشي و…وعلى النقيض من ذلك كل محاولة لقراءة الأحداث بعيون وطنية إيجابية في بعض المناطق من سوريا سنرى من خلالها أن الديمقراطية تمارس بشكلها الصحيح وهي في أوج بنائها.
فالمسارات الثورية, عادة ما تخلق متغيرات كثيرة ومتنوعة وأحياناً صادمة، فيسقط بعض النخب في الطريق، وتسقط بعض الأقنعة حيناً، وتتعدد الأطراف لتتوحد في الأهداف، وتتنوع الأيديولوجيات ويلتقي الجميع على مشروع ديمقراطي متوهج آحياناً أخرى.
وبناء عليه, سوف لن يحالف الحظ المشاريع المطروحة لحل الأزمات في منطقة الشرق الأوسط لأنها بمجملها ترتكز إلى أجندات الدول القومية, ولأن مثل هذه الحلول هي التي زجت بشعوب ومكونات المنطقة إلى المزيد من التعقيد والتناقضات وزادت من تفاقم الأزمات وتشابكها, فهذه الحلول (الخطط) لم تستطع إنقاذ الشعوب والمكونات وحتى الدول من الأزمات التي باتت وبالاً على الجميع, لأنها لم تستطع تجنب الحروب وسفك الدماء, نظراً لإصابة الدول القومية ذاتها بالعطب والخلل بسبب منطقها الذي يصعب عليها أداء دور منطقي في الأزمات. وعليه فمن المحال أن تتوفر لديها فرصة للحل ما لم تقوم بتجاوز الذهنيات السابقة التي ترعرعت عليها, فكل المحاولات البائسة لإيجاد حلول من قبل البعض لن تستطيع الصمود أو التقدم إلى أبعد من حالة الفوضى التي لا مخرج منها. وهذا ما وضع المنطقة وسوريا خاصة في أزمة تزداد تفاقماً وتشابكاً؛ دون أن يغيب عن بالنا, إلى دور الحداثة الرأسمالية في تجريد الإنسان من الماضي والحاضر والمستقبل وتحويله إلى مستهلك للحظة الحاضر …
هنا نجد أن ذهنية الأمة الديمقراطية والحل الديمقراطي هو النموذج القديم الجديد المفعم بالمساواة والحرية والديمقراطية والأنسب لتجاوز الأزمة العارمة في سوريا والمنطقة وهو النموذج الذي يفتح الدروب المؤدية إلى استتباب الأمن والسلام ويعيد الحقوق إلى أصحابها، والنموذج الذي لا مكان للزائفين فيه؛ ينير الدرب إلى الحقيقية التي تستوجب وهب الذات لها.
لقد منح السائرون على هذا الدرب كل الإيجابيات، ووهبوا ذاتهم له لأنهم وجدوا أن لا حل أكثر مثالية منه, لهذا نجدهم يسيرون على هذا الدرب بقوة لا تتزعزع وبأسلوب يتماشى مع الواقع التاريخي والاجتماعي للشعوب والمكونات، وبناء على ذلك يتعين على هذه الشعوب والمكونات تبني المشروع الديمقراطي وتطبيقه على أرض الواقع على أنه تركيبة جديدة وزبدة الحلول.
بالمحصلة؛ إن عملية الاستقطاب والفرز الأيديولوجي تُعتبر إحدى النتائج الهامة للثورات، لأنها تمثل البداية الحقيقية لها؛ بعد أن غاب عنها البُعد الأخلاقي، وكل ثورة لا تحمل الجوهر الأخلاقي في مسارها وفي أهدافها؛ هي ثورة مبتورة ومغشوشة…[1]