كيف نصل إلى حالة النقاء السياسي؟
رحلة إلى الوجع الكردي
المعارضة في مجتمعات الشرق الأوسط وفي سوريا تحديداً ليست إلا وجهاً من ثلاث، إما راضية مرضية، قريبة من السلطات وتريد كسب ودها فيغدق عليها، و تكون على الأغلب من صناعته المحلية ونتيجة تكرمه على المجتمع بإفراز هذا النوع من المعارضة، وهي بالمقابل تميل إلى الحكام وتستعطفهم لتنال رضاهم وتحقق أهدافهم، الاسم معارض والمسمى حيادي إيجابي.
والنوع الثاني والتي تسمى بالمعارضة الوطنية غالباً ما يعيش أصحابها في المنافي وفي الغربة بعيدين عن الواقع، وعادة ما تلجأ إلى الاعتراض من خلال الصمت ويمارسون دور العصا التي في يد الآخرين ضد السلطة, البعض منهم يدرك ذلك جيداً ويظل يستغله لصالحه. وبين هذه المعارضة وتلك ينقشع الضباب عن معارضة أخرى وهي نوع من المعارضة يحاول داعموها القيام بأدوار المناورة والمراوغة، وهي تحاول التوفيق بين جميع الأطراف باستنادها إلى الواقعية أكثر من غيرها وتنبذ التقوقع داخل الذات أو المجموعات، تحاول استغلال الواقع تحت عباءة الديمقراطية لإثبات وجودها مع استخدامها لبعض الوسائل الديمقراطية، تحاول أن تشعر الجماهير بأن الأمس كان أفضلاً من سابقه واليوم أفضل من الأمس وأن الغد سيكون أفضل من اليوم.
هذا النوع من المعارضة تكون مطالبها مقبولة نوعاً ما من السلطات ومن الجماهير، وتتضارب الآراء حول هذه المعارضة فمنهم من يصنفها بالمعارضة التي تعطي شرعية ومصداقية للسلطة، ومنهم من يعتبرها معارضة جريئة وشجاعة ومتفائلة تراهن على عامل الزمن وأنها تستحق الاعتماد عليها.
كل صنف من هذه الأصناف من المعارضة يبحث عن أوراقه على خارطة المجتمع السوري، وتبقى البيئة المحيطة والظروف الموضوعية أهم عناصر استمرار أشكال المعارضة مهما كانت أهدافها.
وما يهمنا هنا أن المشهد السياسي السوري مازال عابساً كئيباً، تجتاحه وتنخر جسده أزمات، وتغيب الرؤيا الواضحة في قيادة السفينة حيناً و التهرب من المشاريع الحقيقية أحياناً… أزمة السلطة لا غبار عليها لكن الحديث هنا عن أزمة المعارضة، وافتقارها لأي مشروع للحل ليس هذا فحسب بل ترفض أي مشروع واضح يقترب من الحل، بصراحة, مع اقتناعنا بأزمة النظام، وأزمة المعارضة، هل يمكن الحديث أيضا عن أزمة الجماهير حتى تكتمل الصورة، أو أزمة المجتمع وعجزه في البحث عن أبواب النجاة والتجاوز والبناء؟
روح الانتماء الجارفة كم نحتاج إليها بشدة اليوم, حيث تسود المعارضة لمجرد المعارضة, ونحن الآن نستقبل أياماً مهمة وبغض النظر عن اتفاقنا واختلافنا فهي مرحلة مهمة جداً قد بلغناها وتتطلب العمل من كل الأطراف والتفكير الجدي للوصول على مبادرات تؤدي إلى التجميع لا الفرقة, وأن نبتعد عن التجريح وليس الانتقاد, فنحن نحتاج لترجمة روح الانتماء في العمل وليس في المعارضة, نحتاج الوصول إلى حالة النقاء السياسي…[1]