ال s400 أدخل في ربوع الناتو..!
طهران وواشنطن.. فُرص الحرب والسلم
دوست ميرخان –
جملة من التساؤلات تطرح نفسها في ظل التنافر الحاصل بين تركيا وحلف الشمال الاطلسي “الناتو” وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية على خلفية شراء النظام التركي لمنظومة s400 الروسية، وقضايا أخرى تتعلق بسلوك النظام التركي على صعيد السياسة الخارجية والداخلية.
هذه التساؤلات تفرض نفسها في وقتٍ بدأ نظام أردوغان يهتز من الداخل (خسارة اسطنبول، نزعات وتشقق في جسم العدالة والتنمية. من بينهم مؤسسين للحزب وآخرون أوصلوا أردوغان إلى الحكم) وملفي الأزمة الاقتصادية وتمويل الإرهاب على الصعيد الإقليمي والعالمي، ناهيك عن الصورة السيئة للنظام التركي فيما يتعلق بالممارسات الديكتاتورية و قضية حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية.
هذه التساؤلات هي:
ماهي العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة على تركيا على خلفية التزحلق التركي على الجليد الروسي، خاصة فيما يتعلق بمنظومة s400. وهل سيتحمل أردوغان تداعيات هذه العقوبات على الداخل التركي خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والعملة التركية. لماذا بدأ المقربين من أردوغان بالفض عنه، “الذي خسر الانتخابات مرتين في اسطنبول؟ هل سيخسر تركيا كما قالها أردوغان ذات مرة؟. الأمر الذي يشي ببدء العد التنازلي لرحيل أردوغان وحزبه عن السلطة…
تداعيات ال s400 وشكل العقوبات التي سيفرضها الناتو على تركيا
بحسب أغلب المحللين المهتمين بالشأن التركي فأن هناك عقوبات مخففة سيفرضه الناتو على تركيا في حال عدم قيام أردوغان بتغيير سلوكه تجاه دول الحلف ( التنقيب عن الغاز في مياه قبرص) العلاقة مع روسيا وصفقة الصواريخ، وهذه العقوبات جُلّها ستكون اقتصادية وبالتالي ستؤثر على الاقتصاد التركي المهزوز أصلاً(وقف القروض الأوروبية للبنك التركي
كذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، ففي لقاء ترامب مع أردوغان في أوساكا نهاية شهر حزيران المنصرم وعد ترامب أردوغان بأن “العقوبات مخففة”، لكن ماذا لو أدار أردوغان وجهه لهذه الليونة التي أظهرها الناتو وترامب. هل سيأخذ العقوبات منحىً آخر وبالتالي جفاء العلاقات بينهما. في ظل عناد أردوغان الذي يحاول إعادة بناء الثقة داخلياً ومن جهة أخرى التأثير على الداخل الأمريكي في الوقت الذي يستعد فيه ترامب لخوض دورة انتخابية ثانية.
لعب أردوغان المزدوج سيقلل من فُرص بقائه
إلى اللحظة لم يفِ أردوغان بوعوده لروسيا فيما يتعلق بإدلب وملف جبهة النصرة، هذا الملف الذي يستأثر به النظام التركي كأداة في وجه وروسيا وإيران والنظام السوري. فبحجة هذا الملف يتدخل النظام التركي إلى أبعد نقطة استراتيجية محاذاةً للنفوذ الروسي والايراني على الأرض. وبالتالي خروج إدلب من يد أردوغان سيفقده فرصة كبيرة على استمرارية البقاء في العمق السوري، بالرغم من احتلاله جرابلس والباب واعزاز وعفرين والأخيرة تتعلق بالعلاقة مع التحالف الدولي وملف شمال شرق سوريا أي أنها تمثل ورقة ضغط على الإدارة الذاتية الديمقراطية عموماً وعلى المكاسب التي حققها الشعب الكردي بدماء أبنائه إلى جانب بقية المكونات.
من جهة أخرى تعلم تركيا بأنها لن تدوم طويلاً في سوريا بالصورة التي هي عليها الآن وإن ما يسمى ب”الائتلاف السوري المعارض” المنتهي صالحيته داخلياً وإقليمياً ودولياً والذي لم يعد يمتلك أية ورقة للتفاوض مع النظام السوري، لن يكون قادراً على حماية مناطق الاحتلال التركي وبالتالي الحفاظ على ” الممتلكات” لذا فأن أردوغان يسعى لأن يحقق هذه الأهداف بنفسه وبجيشه، وبالتالي لن يتراجع عن صفقة S400 مع روسيا، حتى لو دخل في احتدامٍ شديدٍ مع الغرب ومع الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً، والتي لن تتقبل أمر خسارة دولة كتركيا تحقق لها العديد من الأهداف عوضاً عنها، بالرغم من القلق الغربي من النظام التركي الذي يرعى التنظيمات الارهابية وفي مقدمتهم الإخوان المسلمين.
ذا فأن النظام التركي يتوجه بهذه السياسة المتعددة الوجوه، واللعب على أكثر من وتر من أجل تحقيق هدفها التوسعي والحفاظ على ما تحقق في سوريا كي لا يرتد ذلك على نظام العدالة والتنمية وعلى الداخل التركي عموماً في حال خسارة أردوغان على صعيد الأزمة السورية خصوصاً وعلى صعيد علاقات الدولية لتركيا.
ولبعض المحللين وجهة نظر أبعد وهي تتعلق بالرد الأمريكي “الثقيل” على تصرفات تركيا وصفقة الصواريخ الروسية. ففي حال لو تصرفت الولايات المتحدة وفق قانون الأمن والشراكة في شرق البحر المتوسط)، فقد يندلع نزاع كبير بين تركيا وقبرص واليونان و(بعض الدول) في الاتحاد الأوروبي، كنتيجة لسلوك تركيا تجاه جيرانها الأوربيين. هذه إحدى الوسائل التي يتملكها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ضد تركيا.
وقد ظهر أولى المؤشرات من المجلس الأوروبي الذي اعتمد قراراً في #15-07-2019# ، والذي يهدف إلى خفض التعاون مع تركيا على خلفية تنقيبها عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخاصة بقبرص، ويقضي بفرض حزمة عقوبات عليها.
ملخص القرار الأوروبي “الإنذار”
على خلفية مواصلة أنقرة التنقيب قبالة سواحل قبرص اليونانية سيتخذ المجلس الأوروبي مجموعة من العقوبات بحق تركيا في حال عدم تراجعها:
– يقرر المجلس تعليق المفاوضات حول الاتفاق الشامل للنقل الجوي ويوافق على عدم عقد مجلس الشراكة والاجتماعات الأخرى رفيعة المستوى الجارية في إطار الحوار بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
– كما وافق المجلس “على اقتراح المفوضية بتخفيض المساعدات المقدمة لتركيا للعام 2020″، ودعا، وحذر المجلس في البند الخامس من القرار توسيع العقوبات.
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فأن s400 ليست مجرد مسألة عسكرية أو سياسية فقط؛ المسألة تتعلق بعلاقة تركيا بحلف الناتو بشكلٍ عام وبالولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ خاص، خاصة فيما يتعلق بمحاولة روسيا إحداث شرخٍ بين دول الحلف.
البيت الأبيض وفي ردٍّ رسميٍ على هذه المسألة أكد على تعليق مشاركة تركيا في برنامج المقاتلات الأمريكية “F-35” واستبعاد تركيا من الناتو، وذلك حسب التصريح الذي أدلى به مساعدة وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الاقتناء والدعم الذاتي “إيلين لورد” والتي قالت في مؤتمر صحفي خاص عقده البنتاغون حول هذا الأمر: “أولاً، لدى الولايات المتحدة ثقة تامة ببرنامج F-35 وسلسلة الصادرات. ثانياً، الولايات المتحدة وباقي الأطراف الشركاء في برنامج F-35 موحدة في قرارها تعليق مشاركة تركيا فيه، وإطلاق العملية الرسمية لإبعادها من المشروع”.
هذا الصراع بين أنقرة وواشنطن عُدَّ انتصاراً ساحقاً لروسيا ضد الولايات المتحدة وحلف الناتو الذي يقلق كثيراً خاصة لو زوّدت موسكو أنقرة بأنظمة رادار من الجيل الأكثر تطوراً إلى جانب S400، ونشرت عناصر روسية في القوات الجوية وشبكة الدفاع الجوي في تركيا، فسيفقد الناتو بالكامل ثقته في قدرة تركيا على أن تكون طرفاً يُعتدّ به في حال اندلاع أزمة عسكرية. وسيشكّل هذا الأمر إنجازاً كبيراً لروسيا، بيد أنه سيُحدث تغييرات عميقة في سياسة الدفاع الجوي لحلف الناتو. لكن تبعاتها على تركيا ستكون ثقيلة جداً على الصعيد السياسي والاقتصادي، وربما يكلف أردوغان عرشه.[1]