تركيا والديمقراطي الكردستاني يسعيان لإشراك العراق في الهجمات ضد الكريلا
كويلو أوغلو:
رجح الصحفي عزيز كويلو أوغلو أن دولة الاحتلال التركي لن تحقق أي نتائج إن شنت هجوماً ضد قوات الدفاع الشعبي، حتى وإن شارك فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل مباشر، وقال إن تركيا استخدمت ذروة قوتها ولم تحقق شيئاً، كما كشف مساعيهما لإشراك الدولة العراقية في الهجمات ضد الدفاع الشعبي (الكريلا).
أوضح الصحفي عزيز كويلو أوغلو في حوار لوكالتنا، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني انخرط بشكل فعال ضمن المخططات التركية، وقال: يمكننا القول إن الحزب الديمقراطي الكردستاني خضع لسياسة دولة الاحتلال التركي بشكل مباشر بعد الاستفتاء عام 2017. ويتحرك بموجب سياسة دولة الاحتلال التركي.
وأشار كويلو أوغلو إلى أن بناء حكومة الكاظمي المنتهية ولايته لجدار عازل بين روج آفا وشنكال لا علاقة له بداعش أبداً، وقال: إن كان الهدف هو داعش كما يدّعون، فداعش ينشط وبشكل كبير في المناطق الواقعة ما بين دير الزور والعراق، الأجدر بناء الجدار جنوب دير الزور في منطقة الأنبار.
وفيما يلي نص الحوار:
* كثف الحزب الديمقراطي الكردستاني مؤخراً تحركاته في مناطق الدفاع المشروع، عقب سلسلة تحركات دبلوماسية، حيث اجتمع مسؤوله مع مسؤولين أتراك وألمان، كيف تنظرون إلى هذه التحركات السياسية والعسكرية؟
تحركات الحزب الديمقراطي الكردستاني ليست بالجديدة، إلا أن مستواها قد تغير في الآونة الأخيرة. حيث إن له تحركات مع دولة الاحتلال التركي ضد قوات الدفاع الشعبي، وهي على المستوى العسكري، وبشكل خاص في المواقع والمناطق التي تتمركز فيها قوات الدفاع الشعبي (الكريلا)، وقد نصبَ كمائن لمقاتلي قوات الدفاع الشعبي، استشهد على إثرها 5 مقاتلين في منطقة خليفان.
يسعى الديمقراطي الكردستاني إلى إحداث نقلة في سياسته الآن، وهذه النقلة هي على المستوى العسكري، أي التحرك مع دولة الاحتلال التركي عسكرياً ضد مقاتلي قوات الدفاع الشعبي على غرار ما حدث عام 1992، حيث شنت دولة الاحتلال والديمقراطي الكردستاني هجوماً ضد مقاتلي الدفاع الشعبي، وكان هناك ضحايا من الجانبين.
وفي عام 1995 انخرط الديمقراطي الكردستاني مجدداً مع دولة الاحتلال التركي في الهجوم على مقاتلي الدفاع الشعبي، وفي عام 1997 أيضاً، واستمرت هذه السياسة حتى عام 2000.
بعد عام 2000 حدث تغيير طفيف في سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني. ففي عام 2003 وبعد انهيار نظام صدام حسين، والتغيير الذي طرأ على الدولة العراقية، وتأسيس حكومة فيدرالية في جنوب كردستان، كانت هناك مرونة في سياسة الديمقراطي الكردستاني.
في عامي 2007 و2008 شنت دولة الاحتلال التركي هجمات عنيفة ضد قوات الدفاع الشعبي، وبهذه الهجمات غيّر الديمقراطي الكردستاني سياساته مجدداً، وبشكلٍ خاص في الأعوام الأخيرة الماضية وبالتحديد عام 2015، حيث انخرط بشكل فعال في المخططات التركية، ويمكننا القول إن الحزب الديمقراطي الكردستاني خضع لسياسة دولة الاحتلال التركي بشكل مباشر بعد استفتاء عام 2017. ويتحرك بموجب هذه السياسة. الآن يأخذ الحزب مكانه ضمن المخططات التي تحاك ضد مناطق الدفاع المشروع، وقد اتخذ قرار المشاركة بشكل فعال في الهجمات التي تُشن ضد قوات الدفاع الشعبي، هذا من جهة.
أما من الجهة الأخرى يتبع الديمقراطي الكردستاني سياسة واضحة للعيان في العراق؛ إذ لم يكن له دور فعال في السياسة العراقية قبل الآن، ولم يكن يتدخل فيها، بل كان يظهر نفسه كمنطقة فيدرالية ضمن جنوب كردستان، وبعد الانتخابات العراقية الأخيرة غيّر الديمقراطي الكردستاني سياساته ويسعى الآن أن يكون فعالاً ضمن السياسة العراقية المركزية، لذلك خرق الاتفاقية الاستراتيجية بينه وبين الاتحاد الوطني الكردستاني، ويسعى إلى تغيير التحالفات الموجودة ضمن العراق تماشياً مع سياسة دولة الاحتلال التركي التي تسعى إلى أن تكون مسيطرة على السياسة العراقية.
* التحركات الأخيرة. الانقسام الحاصل في العراق. ومساعي الديمقراطي الكردستاني لفرض مرشحه لمنصب الرئاسة العراقية، هل هناك أي صلة بين التطورات الحاصلة في العراق وجنوب كردستان؟
الديمقراطي الكردستاني يحاول الآن أن يكون ذا دور وتأثير ضمن الحكومة العراقية المركزية، ويسعى إلى أن يكون الهجوم الذي يتم التحضير له بالتعاون مع دولة الاحتلال التركي ضد مقاتلي قوات الدفاع الشعبي على مستوى العراق لا على مستوى الديمقراطي الكردستاني وحده، أي أن يكون الهجوم باسم الدولة العراقية، ومساعيه الأخيرة لأن يكون ضمن الحكومة العراقية المركزية هي لهذا الغرض، كما أن القوى السنية المتمثلة بالحلبوسي وخميس الخنجر لديهم محاولة في هذه السياسة.
أردوغان سابقاً قال إن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة سيجلب معه أشياء جيدة. ما يود أردوغان قوله هو: إننا اتفقنا وعلى هذا الأساس سنتحرك معاً، مع بعضنا البعض ضمن التحالف الجديد الذي شُكِّلَ مؤخراً (تحالف إنقاذ الوطن). تحالف الصدر والحلبوسي والديمقراطي. واللقاءات الأخيرة (لقاء نيجرفان البارزاني مع أردوغان) تم في هذا الإطار.
أردوغان يُهيئ نفسه بموجب الحكومة العراقية الجديدة، ويسعى لأن يتحرك مع الحكومة العراقية الجديدة، وليكثف تحركاته العسكرية في مناطق الدفاع المشروع، ويشن هجماته بشكل مكثف ضد قوات الدفاع الشعبي بمشاركة مباشرة من الحزب الديمقراطي الكردستاني.
* يتم في الوقت الراهن بناء جدار عازل بين روج آفا وشنكال؛ برأيكم هل هناك أي علاقة بين بناء الجدار والهجمات التي تشن ضد مناطق الدفاع المشروع؟
لم يستطع الديمقراطي الكردستاني التمركز في شنكال وفرض سياساته، لذلك أبرم اتفاقية مع الحكومة العراقية في 9 تشرين الأول 2020، والهدف هو وضع شنكال تحت سيطرة الحكومة المركزية بشكل كامل، ونسف الإدارة الذاتية الديمقراطية هناك.
الديمقراطي الكردستاني يطبق السياسية التركية، والتي مفادها (إن لم أكن أنا، فلن أسمح لأحد غيري). ولا يقبل أن تؤسّس أي إرادة كردية أخرى، وتحارب أي إرادة تتشكل، أينما كانت. حيث تُتَبع هذه السياسة بحق أبناء شنكال الآن، يتم بناء جدار بين روج آفا وشنكال، إذ يسعى الحزب إلى قطع التواصل بين إيزيدي شنكال وروج آفا. الهدف الرئيس هو عزل شنكال والإدارة الذاتية الديمقراطية في شنكال، ومنع وصول أي مساعدة إلى شنكال في حال حدوث أي مكروه، كما حدث في آب عام 2014.
وفي حال انتصار التحالف الجديد (تحالف إنقاذ الوطن) بين الصدر والحلبوسي والديمقراطي، ستتفاقم الأزمة، ففي حال نسف الإدارة الذاتية الديمقراطية في شنكال، وحل قواته العسكرية والأمنية، وربطه بالحكومة المركزية سيعرض شنكال لهجمات كبيرة.
بناء الجدار العازل بين روج آفا وشنكال لا علاقة له بداعش أبداً؛ إن كان الهدف هو داعش كما يدّعون، فإن الأخير ينشط وبشكل كبير في المناطق الواقعة بين دير الزور والعراق، الأجدر بناء الجدار جنوب دير الزور في منطقة الأنبار.
هناك علاقة مباشرة بين بناء الجدار العازل بين روج آفا وشنكال، والهجمات التي تشن ضد مناطق الدفاع المشروع.
* كيف تقيّمون الوضع بشكل عام؛ التحرك العسكري الروسي في أوكرانيا، وتهديداته على الغاز المرسل إلى أوروبا. روسيا وأوكرانيا من كبرى الدول المصدرة للقمح في العالم. غنى جنوب كردستان بالنفط والثروات. ومساعي ضخ نفط جنوب كردستان إلى أوروبا عن طريق تركيا. كما أن هناك معلومات حول دور لإسرائيل في هذا الإطار أيضاً. إن كانت هذه المعلومات صحيحة وتحققت مطالب أميركا وأوروبا، برأيكم ما هي مطالب تركيا والديمقراطي الكردستاني؟
للتحرك العسكري الروسي في أوكرانيا تأثير محلي وإقليمي والتأثير الأكبر هو تأثير عالمي. في الحرب العالمية الأولى وُضِعت الحدود الدولية للدول في جنوب أفريقيا والشرق الأوسط، وفي الحرب العالمية الثانية تم تحديد شكل الدول المحيطة بروسيا (دول الاتحاد السوفيتي مثل أوكرانيا ومولدوفا وبيلاروسيا.. الخ). وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عادت الدولة القومية إلى الواجهة من جديد في شرقي أوروبا.
أما بالنسبة إلى أوكرانيا فهي مهمة. روسيا ترى أن أوكرانيا جزء منها، كييف كانت عاصمة الإمبراطورية الروسية قبل 400 عام، التحرك الروسي في أوكرانيا له تأثير كبير على التوازنات العالمية، وبشكل خاص على كل ما هو متعلق بالقمح، وسيكون له تأثير سلبي على الوضع المعيشي خلال فصل الصيف. نتيجة الحرب الدائرة لم تستطع أوكرانيا زراعة المحاصيل، كما أن روسيا أوضحت أنها لن تقوم ببيع محصول القمح للخارج، ما سيكون له تأثير كبير على الداخل والخارج أيضاً.
كما أن التحرك الروسي يؤثر على قطاع الطاقة، حيث زودت روسيا أوروبا بخطي غاز قبل الآن، أحدهما كان في الخدمة والثاني قيد الدخول في الخدمة، إلا أن روسيا أوقفت العمل عليه الآن. لذلك لن يدخل الغاز الروسي إلى أوروبا كالسابق، وبشكل خاص بعد إقرار روسيا عدم بيع الغاز بالدولار بل بعملتها الروبل، وهذا ما سيؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد العالمي الذي وضع الدولار أساساً في التعامل منذ السبعينات. كما أن الصراع الروسي - والناتو سيؤثر على الوضع في الشرق الأوسط أيضاً.
أوروبا الآن تسعى إلى إيجاد خطوط إمداد غاز جديدة بديلة لروسيا. تركيا تؤدي الآن دوراً في ذلك عبر جنوب كردستان. إسرائيل أيضاً تود أن تؤدي دوراً. في الاتفاق الإسرائيلي المصري، تسعى قبرص واليونان، ولبنان إلى حد ما، والأردن وعبر غاز شرق البحر المتوسط لأداء دور في هذا المجال، وهناك مقايضات في هذا المجال. وهذا سيؤثر على الوضع في المنطقة، وغير مستبعد أن تنشب حروب بين هذه القوى.
إلى الآن لا شيء واضح.
* في 23 نيسان يمر عام كامل على الهجمات التركية ضد مناطق متينا وزاب وحفتانين، ولم تتمكن دولة الاحتلال من تحقيق النتائج المرجوة. بتوقعكم إلام ستلجأ دولة الاحتلال التركي والديمقراطي الكردستاني من أجل تحقيق أهدافهما؟
شنت دولة الاحتلال التركي هجمات عنيفة في 23 نيسان 2021 ضد قوات الدفاع الشعبي، هذه الهجمات هي ضمن مخطط يهدف للقضاء على قوات دفاع الشعبي، وقضية #الشعب الكردي# في باكور كردستان، والقضاء على إرادة الشعب الكردي.
يمر عام كامل على هذه الهجمات، وما ظهر أن دولة الاحتلال التركي وبالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني لم تستطع تحقيق أي نتائج تذكر، على العكس تلقت ضربات كبيرة وموجعة.
من الآن وصاعداً، حتى وإن شارك الحزب الديمقراطي في الهجمات بشكل مباشر، فالنتائج - التي يمكن أن تحققها تركيا التي استخدمت الأسلحة الكيماوية خلال الهجمات الأخيرة - ستكون غير واضحة. برأيي لا يمكن أن يحدث أي تطور جدي من الناحية العسكرية، وستتلقى دولة الاحتلال التركي ضربات موجعة أخرى، ولن تستطيع تحقيق أي إنجاز.
دخلت قوات الدفاع الشعبي العام الجديد بمعنويات عالية، وهذا سيؤثر على مجريات الحرب العسكرية.
* بالرغم من الرفض الشعبي لتعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني مع دولة الاحتلال التركي، إلا أن هناك صمت من الناحية السياسية، برأيكم ما سبب هذا الصمت، وما هي نتائجه القريبة والبعيدة؟
في الحقيقة لا يوجد صمت حيال تعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني مع دولة الاحتلال التركي، هناك ردود فعل كبيرة في أجزاء كردستان الأربعة يومياً هناك مظاهرات ونشاطات منددة بهذا التعاون. لكن هناك صمت من قبل المجتمع الدولي، لأن الأخير منح دوراً لدولة الاحتلال التركي، وبعد التدخل الروسي في أوكرانيا تسعى تركيا لأداء دور آخر، تسعى لأن تتحول إلى مركز للمباحثات الروسية الأوكرانية، مقابل الصمت حيال المجازر والهجمات التي يرتكبها بحق الشعب الكردي الذي لم يستطيع حتى الآن كسر هذا الصمت. كما أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يؤدي دوراً في ذلك أيضاً، حيث يشرعن الهجمات التركية في المحافل الدولية، ويسعى عبر سياساته للقول: لا مشكلة لتركيا مع الكرد إنما مشكلتهم مع حزب العمال الكردستاني.
المجتمع الدولي الآن منشغل بما يحدث في أوكرانيا، وتركيا تؤدي دوراً كبيراً في الحرب الأوكرانية، وبشكل خاص عبر دعم أوكرانيا بالطائرات المسيّرة، بالإضافة إلى المشاركة في مركز العمليات. تركيا تدعم أوكرانيا من كافة الجوانب، وفي العلن تظهر الحياد. وروسيا راضية عن هذا الدور الذي تلعبه تركيا إلى حد ما، لأنها لا تود أن تتصادم مع تركيا التي لم تشارك في العقوبات التي فرضت على روسيا من قبل المجتمع الدولي.
* لربما من المبكر أن نتحدث عن نتائج هجوم كامل لدولة الاحتلال التركي ضد قوات الدفاع الشعبي، ولكن في حال شنت الهجوم برأيكم هل ستتمكن من تحقيق نتائج تذكر؟
بالنسبة للهجمات التركية ضد مناطق الدفاع المشروع هي مستمرة حتى الآن، لا أعتقد أنها ستكون أكبر من هجمات عام 2021، لأن تركيا استخدمت ذروة قوتها عام 2021. حتى أنها استخدمت الأسلحة الكيماوية، إلا أن مشاركة الديمقراطي الكردستاني ستكون بمثابة كارثة لعموم الشعب الكردي.
* كيف يمكن إيقاف تعاون الديمقراطي الكردستاني مع دولة الاحتلال التركي، وما هو المطلوب من الشعب والقوى السياسية؟
تركيا تسعى إلى شن هجمات جديدة، والديمقراطي الكردستاني مستعد للتعاون معها. تم كشف المخطط الأخير ودور الحزب الديمقراطي الكردستاني ضمنه، وكشف هذا المخطط قد يعرقل مشاركة الديمقراطي إلى حد ما. تم كشف حقيقة الديمقراطي أمام الرأي العام الكردي الذي أبدى ردة فعل قوية. شاهدنا بيانات من السياسيين والمثقفين والشعب، مما يشكل ضغطاً على الديمقراطي. واحتمالات شن الهجوم بات أقل، وقد يتم تأجيلها إلى ما بعد عيد الفطر.
[1]