دور المهرجانات السينمائية في دعم القضايا القومية والوطنية: دراسة حالة الشعب الكوردي
خالد علي سليفاني
شاعر وكاتب ومترجم
(Khaled Ali Silevani)
الحوار المتمدن-العدد: 8189
المحور: القضية الكردية
تُعد المهرجانات السينمائية من أبرز الأدوات الثقافية التي تمزج بين الفن والرسالة، مما يجعلها وسيلة فعّالة لنقل هموم الشعوب وقضاياها إلى العالم. بالنسبة لشعب مثل الشعب الكوردي، الذي عانى من الظلم والإقصاء عبر التاريخ، فإن استثمار هذه الفعاليات لا يقتصر على الإبداع الفني فحسب، بل يمتد ليكون حافزًا للتغيير، وحافلاً برسائل تعبر عن النضال والطموح القومي.
كيف يمكن توظيف المهرجانات لخدمة القضايا القومية؟
1. اختيار الشخصيات المؤثرة بعناية
إن دعوة شخصيات بارزة للمشاركة في المهرجان يجب أن تخضع لمعايير دقيقة، حيث يمكن اختيار شخصيات فنية وسياسية معروفة بدعمها للقضايا القومية الكوردية. على سبيل المثال، بعض المهرجانات السينمائية الدولية مثل مهرجان كان أو برلين، غالبًا ما تدعو شخصيات ذات مواقف مؤثرة حول قضايا حقوق الإنسان. هذه النماذج تبرز أهمية اختيار الضيوف الذين يستطيعون تعزيز الوعي الدولي بالقضية الكوردية.
وفي حال تمت دعوة شخصيات غير مطّلعة على القضية الكوردية، يمكن تحويل هذه الدعوة إلى فرصة لبناء الجسور من خلال تنظيم لقاءات إعلامية أو جلسات حوارية تعرفهم على تاريخ الشعب الكوردي وتحدياته، مما يكسب تعاطفهم ودعمهم.
2. إدارة السرد الإعلامي بشكل محكم
في كل مهرجان سينمائي، يُعد الإعلام شريكًا أساسيًا في نجاح الحدث وتأثيره. لذا، يجب التخطيط بعناية لنقل الرسائل القومية عبر وسائل الإعلام المختلفة. يمكن تحقيق ذلك من خلال:
تنظيم مؤتمرات صحفية يتم فيها تسليط الضوء على التراث الكوردي والمعاناة التاريخية للشعب.
الترويج لأفلام تعكس النضال الكوردي ضمن فعاليات المهرجان.
تقديم قصص نجاح تُبرز الهوية الكوردية بأسلوب إيجابي.
3. استخدام السينما كمنصة للتغيير
السينما ليست فقط أداة ترفيه، بل وسيلة قوية لإيصال رسائل إنسانية مؤثرة. يمكن إنتاج أفلام وثائقية وسردية تعكس المحطات التاريخية للنضال الكوردي، مثل التهجير القسري أو الثورات القومية والثقافية ولا سيما أن التاريخ الكوردي حافل بالتضحيات وأسمى صور البطولة والفداء. مثال على ذلك فيلم Argo الذي قدّم رؤية سياسية حساسة حول أزمة الرهائن الإيرانيين، مما يوضح كيف يمكن استخدام السينما لتغيير التصورات الدولية.
4. توظيف الكفاءات اللغوية والثقافية
لضمان إيصال الرسائل بفعالية، ينبغي توظيف مترجمين ومثقفين يمتلكون إلمامًا عميقًا بثقافة الضيوف ولغاتهم. هذه الكفاءات تساعد في بناء حوار مثمر يُبرز عمق القضية الكوردية في سياق عالمي.
5. تعزيز التعاون الدولي من خلال السينما
يمكن أن تُثمر المهرجانات السينمائية عن شراكات طويلة الأمد بين الفنانين الكورد ونظرائهم الدوليين. هذه العلاقات قد تؤدي إلى إنتاج أعمال مشتركة تُسلط الضوء على القضايا الكوردية، مثل التعاون في إنتاج أفلام تُعرض في منصات عالمية مثل Netflix أو Amazon Prime.
6. إشراك الجمهور المحلي والدولي في الحوار
إن نجاح أي مهرجان سينمائي يعتمد على تفاعله مع الجمهور. من هنا، يمكن تنظيم ورش عمل أو جلسات نقاش مفتوحة تُناقش القضايا الكوردية من منظور سينمائي. هذه الأنشطة تعزز الوعي وتتيح للجمهور الدولي فرصة لفهم أعمق لتاريخ الشعب الكوردي.
دروس من تجارب أخرى: استثمار المهرجانات لدعم القضايا القومية
المهرجانات الفلسطينية: مثل مهرجان القدس السينمائي الدولي، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وإبراز هويته الثقافية.
المهرجانات الأفريقية: مثل FESPACO في بوركينا فاسو، الذي يدعم القضايا التحررية في القارة الأفريقية ويعزز الهوية الثقافية لشعوبها.
المهرجانات الأرمينية: التي تُبرز معاناة الشعب الأرمني خلال الإبادة الجماعية، مما أسهم في خلق وعي عالمي بالقضية الأرمنية.
ختامًا: نحو مهرجان سينمائي كوردي فعّال
لا تقتصر أهمية المهرجانات السينمائية على كونها فضاءً للإبداع الفني، بل هي فرصة استراتيجية لنقل رسالة الشعب الكوردي إلى العالم. من خلال التخطيط المحكم، واختيار الشخصيات المؤثرة، والاستفادة من القوة الإعلامية للسينما، يمكن أن يتحول أي مهرجان إلى منصة دولية تدافع عن القضية الكوردية، وتسهم في تحقيق العدالة لهذا الشعب الذي عانى كثيرًا عبر التاريخ.[1]