إرادة القائد انتصرت على المؤامرة
محمد خلو
مع مرور الذكرى السنوية الخامسة والعشرين للمؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان، ندين ونستنكر هذه المؤامرة التي حيكت بخطوات لا تمت للإنسانية وحقوق الإنسان بِصِلة، وكانت تهدف ببنيتها إلى استمرار الإبادة على ا#لشعب الكردي# والشعوب التواقة للحرية، ازداد مخاوف القوى المتآمرة من تنامي فكر الفيلسوف والقائد الأممي عبد الله اوجلان وقيامه بتأسيس حزب سياسي ديمقراطي مجتمعي يجعل من حرية المرأة والمجتمع أساساً له مع المحافظة على الطبيعة الايكولوجية وتطوير مبدأ التشاركية إلى الأممية والديمقراطية الحرة، كل ذلك جعل القُوى المهيمنة متخوفةً من انتشار هذا الفكر الذي أعاد الحياة للشعب الكردي وزرع الثقة والروح فيه من أجل نفض غبار الذل والعبودية، والقيام بالثورة ضد القوى المستعمرة وتنظيم أنفسهم أمام سياسات الإبادة والإنكار والمجازر التي مورست بحقهم عشرات المرات، وكان لأفكار القائد وحلوله المطروحة من أجل إيجاد سبل لإنهاء المشاكل العالقة الناتجة عن الفكر الرأسمالي الوحشي على رقاب الشعوب. والهدف من المؤامرة كان إنهاء فكر وفلسفة القائد عبر الضغط الدولي على القائد عبدالله اوجلان وحبك المؤامرة الدولية لاختطافه عن طريق الاستخبارات التركية والمخابرات العالمية للقوى الرأسمالية، لقد تمكنت هذه القوى من اختطاف القائد وأسره كجسد، ولكنها فشلت في النيل من قوة القائد الفكرية والفلسفية والتي انتشرت يوماً بعد يوم وأثبت قدرته على مواجهة كل التحديات، وتبين لكل الدول المتآمرة بأنها أسرت جسد القائد فقط، وهُزِمَت أمام إرادة وفكر الحر للقائد، والدليل هي التجربة المستمرة والنجاح المتحقق بتوجيهات القائد والفكر الخاص بفلسفة الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب.
يمكننا الربط بين وضع القائد أثناء المؤامرة ووضع الكرد في الوقت الحالي، ونقصد هنا الكُردي الحر وصاحب فكر وفلسفة وتنظيم حر، الذين أصبحوا بمثابة خطر كبير يهدد عرش السلطة القومية والهيمنة الرأسمالية والقوى الاستعمارية، ونرى بأن المؤامرة ما تزال مستمرة بأوج قوَّتها ضد مكتسبات ثورتنا ووجودنا، وهي ستفشل كما فشلت سابقاً بإرادة القائد والشعب الكردي الحر.
ويُعد اعتقال المفكر والقائد عبد الله أوجلان، عبر مؤامرة دولية شاركت فيها أجهزة استخبارات إقليمية ودولية تحت إشراف المخابرات الأمريكية ال (سي آي إيه) والموساد الإسرائيلي، والغلاديو، جريمة بحق الشعب الكردي، كون القائد عبد الله أوجلان يقود نضال هذا الشعب في سبيل نيل حريته وإثبات وجوده بين شعوب وأمم العالم، وجريمة بحق الإنسانية جمعاء، كون فكر وفلسفة القائد أوجلان وضعت خارطة طريق أمام الشعوب المحبة للسلام والتواقة لحريتها وتحقيق ذاتها وإدارة نفسها بنفسها.
تم اعتقال القائد عبد الله أوجلان، إلا أنه واصل نضاله في سجنه بإمرالي، وأفرغ المؤامرة الدولية من مضمونها عبر طرح مفهوم الأمة الديمقراطية، وتطوير مفهوم حرب الشعب الثورية التي وصلت لأوجها الآن في عموم كردستان، وبشكلٍ خاص في روج آفا وشمال وشرق سوريا، حيث تبنى الآلاف من المثقفين والباحثين والأكاديميين في الشرق الأوسط والعالم أفكار وفلسفة القائد عبد الله أوجلان.
لذلك أصبحت النتائج الكارثية للمؤامرة وتظهر بوادرها في الحرب التي حصلت وخلل التوازن الدولي ضمن الشرق الاوسط من الحروب الباردة والتنافس الاستعماري بين القطبين وهما كل من روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية وأيضاً الصين، وكل ذلك نتج عن الأطماع وتنامي الازمة الاقتصادية العالمية نتيجة لبناء العالم على الأسس الاقتصادية وتكديس رؤوس الأموال وكسب المال وتنشيط سياسة الجشع الاقتصادي وتدمير البيئة بشكل عام والاعتماد على طاقات انتاجية أكبر من أجل كسب مال أكثر، والتنافس الشديد بين المجتمع الرأسمالي وأثره على حياة الانسان وصحته والبيئة والطبيعة والتنامي المخيف لتجار السلاح والصناعة المتوحشة وازدياد الكوارث الطبيعية والتصحر، حيث أصبحت البشرية مثل الروبوتات، وكما في تحليلات القائد حيث قال: “أصبح مجتمع رأس المال كالوحش الطليق الذي يريد أن يأكل نفسه ويفترسه، من الناحية الاقتصادية والمجتمعية والايكولوجية، أما من حيث الحروب والويلات التي عانى ويعاني منها الشعوب في الشرق الأوسط، فإن كل ذلك على حساب شعوبه ومكوناته، شعوب الشرق الأوسط هي شعوب عريقة وأصيلة ولها تاريخ كبير في التعايش الأخوي، ولكن التنافس الذي حصل بينها، نتج عنه تجزئة خرائط الشرق الأوسط وتقسيمه بحسب اللون والعرق والطائفة والمذهب، ووضع حدود سياسية من أجل أن تصبح إعلاماً لتلك الدول المصطنعة، من أجل زج المناطق الجغرافية في الشرق الأوسط بصراعات دائمة تجعله غارقاً بالظلام عبر الزمان والمكان”.
أسر القائد وحجبه عن العالم، جعل الدول الرأسمالية يتوهمون بأن مشروع فلسفة أخوة الشعوب قد تم القضاء عليه، لكنهم تفاجئوا بقوة ذلك الفكر ونجاحه في تحقيق أول تجربة ديمقراطية من خلال مشروع الأمة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، مما أفشل مشروع الشرق الاوسط الجديد الأمريكي ومشروع الهلال الشيعي الإيراني ومشروع الترك عثماني وغيره من المشاريع التي حاولت النيل من إرادة الشعوب واستغلالهم، لذلك فإن قوة ذلك الفكر أفشل تلك المؤامرة وستكسر العزلة وتحقق الحرية الجسدية للقائد.
إن الحداثة الرأسمالية مع تركيا شركاء في المؤامرة، وهم ايضاً لا يستطيعون إظهار ذلك بسبب الخوف من شعوبهم ومن تنامي فكرة أخوة الشعوب في روج آفا وكردستان إلى كافة الشرق الاوسط والعالم، حيث إن هذا المشروع، هو مشروع انساني حقيقي ديمقراطي بحت يحارب الفساد والسلطات الفاسدة ويبني أسس أخلاقية مجتمعية حقيقية بالتعاون مع أسس حرية المرأة والمجتمع والبيئة والثقافة، هو فكر مبني على صون حقوق وكرامة الفرد والمجتمع دون ظلم أو حرب أو فقر أو تهميش لأي ذرة من ذرات الكون والمجتمع، وانطلق من الفرد واعتبره مصغراً وأعطى لهذا المشروع معنى حقيقي عندما ضحى فيه الآلاف من الشهداء رجال ونساء من كافة انحاء العالم ليصبح الفكر الحقيقي والأول بين العالم والجهة التي يقصدها كل المظلومين والتائهين في العالم، سيتحقق ذلك النصر عبر الزمن والاجيال؛ لأن المجتمع الرأسمالي لا يملك حلولاً لأخطائه وكوارثه ولا يملك مشاريع تدخل في خدمة الشعوب، إنما تهدف إلى التفرقة والتشتت، وقامت الحداثة الرأسمالية العالمية بإنشاء العديد من المنظمات والجمعيات الحقوقية والإنسانية التي تديرها حسب مصالحها البرجوازية ولا تفيد الشعوب إلا من خلال شعاراتها وعناوينها.
إن الدول التي حاكت المؤامرة الدولية على القائد أوجلان وعلى رأسها تركيا، اعتقدت أنها من خلال اعتقاله سيضعون حداً لنضال الشعب الكردي وقضيته، ولكن باءت جميع خططهم بالفشل، الآلاف من الأشخاص من كرد وعرب وسريان ضحوا بأرواحهم في سبيل تحرير القائد عبد الله أوجلان، فقد انتشر فكره في كامل الشرق الأوسط وهو مفتاح حلول جميع الأزمات التي تواجهها هذه المنطقة، ونؤكد على نشر فكر القائد أوجلان والسير على أساس فلسفته حتى تحقيق الحرية لكافة الشعوب المضطهدة والمظلومة.[1]