مؤامرة 15 شباط
حمدان العبد
إن منطقة الشرق الأوسط منذ أزل التاريخ تعاني من الصراعات والاحتلالات، وذلك نظراً لموقعها الجغرافي الذي يربط كافة القارات، وهي نقطة الوصل بين هذه القارات وممر بري وبحري، وكذلك تمتاز بوجود العديد من الثروات الباطنية التي يحتاجها العالم، وكذلك قد كانت منهلاً للكثير من العلوم الإنسانية والطبية وعلم الفلك، وهي منبع الحضارات في العالم ومهبط الديانات السماوية ومنها انطلقت الثورة الزراعية.
ولذلك، وعبر التاريخ، شهدت هذه المنطقة العديد من الصراعات للسيطرة عليها، ولا بد من الذكر بأن الإمبراطورية الفارسية والدولة العثمانية والاحتلال الفرنسي والبريطاني والايطالي كل منهم قام باحتلال الشرق الأوسط قرابة أربعمائة عام، وما خلفت لهذا العالم سوى المرض والجهل ونهب خيراتها، إلى أن بدأت الحرب العالمية الأولى والتي عملت على تقسيم الشرق الأوسط من خلال معاهدة لوزان ومن ثم اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الشرق الأوسط ووضعت حدود مصطنعة وقسمت الدول العربية إلى اثنا وعشرون دولة، كما قسَّمت كردستان إلى أربعة أجزاء إرضاءً للمحتل المريض (الدولة العثمانية).
وبعد كل هذا عمدت الدولة العثمانية مع بقية الدول الرأسمالية إلى إنهاء كافة الثورات المطالبة بحقوق #الشعب الكردي# وكذلك القضية الفلسطينية وجعل الشرق الأوسط يتصارع فيما بينه. وهنا بدأت المقاومات حيث لابد أن يكون هناك مقاومة عندما يكون هناك احتلال واغتصاب الأراضي ولا بد أن يكون هناك ثورة إذا كان هناك ظلم واستبداد، وقد ظن
العثمانيون أنه بقتل أو اعتقال قادة الثورات ينهون المطالبة بالحقوق واستعادة الأراضي، وينهون الثورات، وأن الحرب العالمية الثانية هي حرب النفط.
وأما حالياً نحن نخوض الحرب العالمية الثالثة وهي حرب الممرات البحرية والبرية، حيث إننا نشهد مُنذ اتفاقية لوزان بدء المؤامرة على شعوب المنطقة، وخاصة القضية الفلسطينية والقضية الكردية، وآخر ما توصلوا إليه هي المؤامرة الدولية بحق القائد والمفكر والفيلسوف عبد الله أوجلان التي تم في #15-02-1999# واعتقاله وتسليمه للدولة التركية ثم الحكم عليه بالإعدام إرضاء لها، ولكن نتيجة الضغط الشعبي من محبيه وأنصاره تم تخفيض الحكم إلى المؤبد.
إن ما يميز فكر القائد عبد الله أوجلان هو إنه قدَّم مشروع ديمقراطي يدعو لبناء الإنسان الحر على أرضه وسيادة وطنه من خلال مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب ومن خلال مشروع ديمقراطي كونفدرالية الشرق الأوسط، ومن خلالها حل القضية الكردية والقضية الفلسطينية ومحاربة الرأسمالية ونشر الأخوة ومحاربة كل أشكال التطرف (القومي، الديني، العرقي… إلخ) والحفاظ على وجود الانسان الحر المبني على الأخلاق الحميدة.
لكن هذه المؤامرة فشلت من كل جوانبها بسبب انتشار فكر القائد عبد الله أوجلان رغم وجوده في السجن، فسرعان ما بادرت دول المؤامرة إلى انتاج أزمات
وصراعات في الشرق الأوسط وما يُسمى بالربيع العربي أو الشرق الأوسط الجديد وإنشاء مجموعات راديكالية لمحاربة كافة المشاريع الديمقراطية وتغييب الوعي لدى هذه الشعوب.
ومن هنا، فإن المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان تعتبر مؤامرة على كافة شعوب المنطقة وليس على شخص المفكر والفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان، واعتقاله اعتقال لكل فكر حرّ ديمقراطي واعتقال كافة شعوب المنطقة المؤمنة بالحرية والكرامة والديمقراطية.
أما حل القضية الكردية في الشرق الأوسط هي تُبنى على التكاتف بين جميع الأحزاب السياسية حول الانخراط في مشروع واحد وهو المطالبة بحقوق الكرد من خلال المشروع السياسي السلمي الديمقراطي والابتعاد عن التطرف المناطقي والسياسي والديني والابتعاد عن تنفيذ الأجندات الخارجية والاعتماد على:
1 التكاتف وتوحيد الرؤى السياسية السلمية.
2 المقاومة المشروعة في وجه الدولة العثمانية والفارسية.
3 إيجاد مشروع استراتيجي عربي داعم للمشروع الكردي الاستراتيجي الموحد مع بقية المكونات الأخرى بالمنطقة وتشكيل جبهة سياسية عسكرية ضد هذه الدول المستعمرة
لضمان حماية الكرد والعرب وكافة مكونات الشعوب في المنطقة.
وإننا نرى بهذا المشروع الحل الأمثل للقضية الكردية والفلسطينية وحل قضايا الشرق الاوسط وإنهاء كافة الصراعات وتشكيل قوة موحدة واستثمار خيرات البلاد للشعوب في الشرق الاوسط على مبدأ بناء الإنسان قبل بناء الأوطان.
وأخيراً أريد أن أستشهد بهذين البيتين من الشعر:
– إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القَدَرْ
– ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
وأقول للقائد والمحبين والأنصار:
عش عزيزاً أو مُتْ وأنت كريمٌ بين طعن القنا وخفق البنودِ[1]