الوضع الراهن والمستجدات
دجوار أحمد آغا
إن أردنا أن نقيِّم الوضع الراهن ونحلله وفق المعطيات الموجودة والحقائق التي أفرد لها القائد والمفكر عبد الله أوجلان معظم كتاباته ونضاله من أجلها، نستطيع القول: إننا اليوم في خِضَّم صراع مريرٍ وقاسٍ من أجل دف الانسانية قُدُماً الى العودة لروحها التي فقدتها في بوتقة الحداثة الرأسمالية التي أضحت مثل الوحش المفترس وتلتهم كل ما تراه.
الحملة العالمية التي انطلقت في #10-10-2023# من أجل الحرية لعبد الله أوجلان والحل السياسي للقضية الكردية ، أعطت زخماً كبيراً للحراك السياسي والشعبي السلمي، ودفعت بالكثير من المؤسسات والمنظمات الحقوقية إلى التحرك بشكل أكثر من ذي قبل. هذه الحملة أكّدت لنا من جديد أن جوهر الانسانية النبيل لم يفقد معناه ولا بريقه الذي تلتمسه الشعوب للتضامن والتكاتف معاً في مواجهة غول رأسمال المفترس الذي يهمه بالدرجة الأولى ربحه الأعظمي ولا شيء سواه.
بالإضافة الى أن ما يجري في غزة من دمار وقتل وخراب إنما هو بفعل هذه الحداثة الرأسمالية والتي تستند الى مفهوم الدولة القومية وبالتالي تؤجج الصراعات والنزاعات العرقية والمذهبية والطائفية في مختلف المناطق وعلى وجه الخصوص في الشرق الأوسط. فمن تسبب بالصراع الروسي الأوكراني هو نفسه من يُصِرُّ على ابقاء الشرق الأوسط في حالة حرب مستمرة وعدم استقرار للأوضاع لكي يواصل نهبه لثروات شعوب المنطقة ويُرَسِّخَ وجوده الذي ليس بالضرورة أن يكون عسكرياً، بل سياسياً، اقتصادياً، والأخطر منهما ترسيخ وجوده ثقافياً.
مستجدات الحروب التي تجري في المنطقة، تكمن في المقاومة البطولية التي تبديها قوات الدفاع الشعبي ووحدات حماية المرأة في مواجهة الهجوم الوحشي والهمجي الذي تشنه القوات التركية على مناطق الدفاع المشروع. هذه المقاومة التي أوقعت ضربات موجعة ومؤلمة جداً بالعدو وكبدته خسائر كبيرة يخفيها عن الشعب التركي، بالإضافة إلى قدرة قوات سوريا الديمقراطية إفشال المخطط الذي رسمته هذه القوى لمناطق شمال وشرق سوريا من خلال أحداث دير الزور والتي سارعت قوات سوريا الديمقراطية الى القضاء على المجموعات المسلحة المتسللة من مناطق سيطرة النظام السوري وبدعم منه ومن المليشيات الإيرانية، كما ساهمت الدبلوماسية المتزنة والمتوازية التي تقوم بها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، في كشف هذه المؤامرات التي تُحاك ضد إرادة شعوب المنطقة، هذه الشعوب التي اتفقت فيما بينها على العيش المشترك دونما أي اعتداء على أحد ولا تشكيل أي تهديد ضد أحد، بل على العكس من ذلك، فدوما إلى تعزيز روابط الصداقة والتعاون مع الجميع دون استثناء، حتى أن الإدارة الذاتية مدّت يدها إلى حكومة دمشق في مسعىً منها لإنهاء الأزمة السورية عبر الحوار السلمي السياسي، ولكن دون جدوى. رغم ذلك فإن هذه الدبلوماسية عزَّزَت من حضور الإدارة الذاتية على المشهد السياسي الدولي. [1]