الأسم: جيهان بلكين
تاريخ الولادة: 1996
تاريخ الإستشهاد: 2024
مكان الولادة: ميردين
مكان الإستشهاد: بطائرة مسيّرة على طريق سد تشرين- صرين
=KTML_Bold=السيرة الذاتية=KTML_End=
الصحفية جيهان بلكين
يُقال إن: لكُلِّ إنسانٍ من اسمه نصيب، فاسم زميلتنا جيهان (أي العالم) يظل مسطراً في تاريخ شعب كردستان وبشكلٍ خاص إقليم شمال وشرق سوريا الذي عرف جيهان من كثب، فلا توجد مدينة إلا وزارتها جيهان وتركت بصمتها هناك، ولا يوجد سياسي إلا وحاورته جيهان، ولا يوجد قيادي عسكري إلا وأدارت جيهان نقاشاً معه. لقد تحولت إلى أيقونة الكفاح في سبيل قضية شعبها.
نشأت زميلتنا جيهان محمد نسين بلكين في كنف أسرة بمدينة مدياد في منطقة ميردين بشمال كردستان، في مرحلة كان نضال حركة حرية كردستان في ذروته في شمال كردستان وعموم جغرافية كردستان عام 1996.
درست جيهان في مدارس مدينة مدياد المراحل الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية، وعرفت بشغفها وكثرة حركتها بين مقاعد الدراسة، بعدها انتقلت إلى مدينة آمد لدراسة الحقوق هناك، عام 2013، وهناك بدأت أولى مراحل نضالها ضمن صفوف نضال الشعب الكردي وقضيته العادلة، ففي عام 2014، انخرطت في مجال الإعلام إلى جانب دراستها في كلية الحقوق، حيث بدأت بتوزيع الصحف التي كانت تصدر من قبل الإعلام الحر، (أوزكور كوندم) و(آزاديا ولات).
جيهان بلكين كانت ترى عملية توزيع الصحف التي استمرت 3 سنوات، كفاحاً على طريق الحرية والديمقراطية؛ فتلك الصحف كانت مختلفة تماماً عن الصحافة التركية التي كانت تنطق فقط باسم السلطة وتنكر وجود باقي المكونات، وتمارس حرباً إعلامية شرسة ضد نضال الشعب الكردي ومناضليه، وكانت تتعرض لمضايقات جمّة من قبل السلطات، التي أغلقت صحيفة آزاديا ولات صيف عام 2016، إلا أن ذلك لم يثنِها عن نضالها.
ونتيجة للمضايقات التي تعرضت لها جيهان بلكين، وتأثرها بثورة 19 تموز 2012 في شمال وشرق سوريا، توجهت إلى روج آفا منتصف عام 2017، واتخذت مكانها ضمن وكالتنا وكالة أنباء هاوار.
تميزت جيهان بلكين بشغفها الدائم بالتطور والعمل بجد ضمن كل الظروف والشروط، ولم تتوانَ لحظة واحدة عن إتمام عملها بشكلٍ متكامل.
عملت زميلتنا جيهان بلكين في بادئ الأمر كمراسلة في منطقة قامشلو التي تعرف بمركز سياسة الكرد في شمال وشرق سوريا، تطورت بشكل سريع في العمل، وبما أن العمل الإعلامي يتطلب شبكة مصادر واسعة، لذلك لم تكلّ ولم تملّ في البحث بين عموم مكونات المنطقة من الكرد والعرب والسريان والشخصيات المعروفة والوطنية والأحزاب والقوى والكيانات التنظيمية، بالإضافة لتوسيع شبكتها الإعلامية في عموم كردستان.
جلُّ اهتمام جيهان بلكين كان ينصب في الدرجة الأولى على تسليط الضوء على نظام التعذيب والإبادة المفروض على القائد عبد الله أوجلان، والسياسة التي تمارس بحقه وحق شعوب كردستان، بالإضافة للتطورات الميدانية على المستوى العسكري والسياسي.
شاركت جيهان بلكين في حملة تحرير مدينة الرقة من مرتزقة داعش، والتي كانت معقلاً لمرتزقة داعش وعاصمته المزعومة، وكانت تقول: مشاركتي في الحملة هي لتسليط الضوء على النضال الذي تخوضه قوات سوريا الديمقراطية ومقاتلات وحدات حماية المرأة في تخليص النساء الإيزيديات اللواتي كن يُبعن في أسواق النخاسة، وتحرير الشعب من ظلم وبطش داعش.
لقد تمكنت جيهان بلكين، خلال تغطيتها لحملة تحرير مدينة الرقة، من تسليط الضوء بشكل لافت على النضال الذي خاضته قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة في تلك الفترة، وتمكنت من إظهار حقيقة نضال القوات العسكرية هناك للرأي العام العالمي، وإظهار القيم الإنسانية التي تتحلى بها وحدات حماية المرأة أثناء تحرير النساء من بطش داعش، وكانت ترى في تحرير كل امرأة خطوة نحو تحقيق بناء مجتمع ديمقراطي حر أساسه حرية المرأة.
جيهان بلكين كانت من النساء الصحفيات اللواتي تعمقن في فلسفة المرأة الحرة، وفكر الأمة الديمقراطية، وكانت تعدّ أي اعتداء على أي امرأة في العالم بمثابة اعتداء على كل النساء. لذلك أخذت على عاتقها تسليط الضوء على الجرائم التي كانت ترتكب بحق النساء في المنطقة وكردستان والعالم. ولها تقارير عدة في ذلك الصدد.
نتيجة لتطورها الملحوظ ضمن العمل في وكالتنا، انتقلت إلى قسم إعداد الملفات الخاصة، الذي يتطلب البحث والتمحيص والاستقصاء، وتمكنت خلال فترة وجيزة من التطور والتقدم ضمن القسم، وأعدّت العشرات من التقارير والملفات المتعلقة بسياسة دولة الاحتلال التركي ضد الكرد منذ قرون وحتى يومنا الراهن، بالإضافة للسياسة التي تمارس بحق القائد عبد الله أوجلان وتفرعات ودهاليز تلك السياسة وأهدافها، ناهيك عن الملفات المتعلقة بنضال المرأة، وسياسة المحتلين وبشكل خاص دولة الاحتلال التركي بحق الكرد.
خلال فترة وجيزة تمكنت من التعرف على معظم الساسة الكرد في عموم كردستان، بالإضافة إلى الحركات النسوية والديمقراطية في عموم العالم، وأجرت لقاءات عدة معهم ووضعت بذلك القضية الكردية والكردستانية على أجنداتهم.
جيهان التي تميزت بمواكبتها لكل التطورات والأحداث، رصدت هجمات دولة الاحتلال التركي على كري سبي وسري كانيه في ال 9 من تشرين الأول عام 2019، ورصدت وحشية دولة الاحتلال التركي التي ارتكبت العشرات من المجازر بحق شعب المنطقة، وكشفتها للعالم، وواصلت رصد تلك الجرائم وأعدّت ملفات عدة في ذلك الصدد.
كما أخذت على عاتقها تغطية الحملات التي أطلقتها قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة ضد خلايا مرتزقة داعش في عموم المنطقة ومخيم الهول. في مسعى منها لتسليط الضوء على وحشية تلك الخلايا التي سعت لنسف الأمن والأمان في عموم مناطق شمال وشرق سوريا.
تميزت جيهان بلكين بحبها لنقل قصص الشعب في عموم المنطقة، وكان لها جانب عاطفي جداً في هذا الصدد، وتتأثر بالأحداث التراجيدية التي عاشها عموم أبناء الشعب وبشكل خاص الشعب الكردي، فجيهان التي كانت تنبض بالحياة توجهت في ال 6 من كانون الأول إلى مقاطعة الطبقة، لرصد حال النازحين قسراً من مقاطعة عفرين والشهباء بعد هجمات دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها في ال 29 من تشرين الثاني، ورصد ما عاشه الشعب وجرائم الاحتلال التركي لنقلها إلى الرأي العام.
وبعد تكثيف دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها لهجماتهم على منبج وجسر قرقوزاق وسد تشرين جنوب كوباني، ارتأت نقل المقاومة التي يبديها مقاتلو قوات مجلس منبج العسكري للرأي العام، ورصد كفاح المرأة ضمن صفوف وحدات حماية المرأة، وآخر لقاء أجرته كان مع إحدى قيادات جبهة القتال في ريف مدينة كوباني روج أنكيزك.
ظلت زميلتنا مواظبة على عملها حتى اللحظات الأخيرة قبل استهدافهم من قبل جيش الاحتلال التركي بطائرة مسيّرة على طريق سد تشرين- صرين، أثناء عودتهم من جبهة سد تشرين هي وزميلنا ناظم داشتان في تمام الساعة ال 15.20، يوم ال 19 من كانون الأول؛ وارتقيا إلى مرتبة الشهادة، على خطا مظلوم دوغان مؤسس الإعلام الحر، وخليل داغ، وغربت ألي ارسوز، ومصطفى محمد، ورزكار دنيز، ودليشان إيبش، وهوكر محمد وسعد أحمد وعصام عبد الله.
لقد تميزت زميلتنا ورفيقة دربنا، جيهان بلكين طيلة عملها ضمن وكالتنا، بعنفوانها وكبريائها بنضالها، حيث كانت تتخذ من الشهيدة غربت ألي ارسوز التي وضعت اللبنة الأولى لإعلام المرأة في كردستان قدوة لها، ومن الشهيد سيد أفران مثلاً لها.
جيهان بلكين صاحبة الابتسامة الجميلة، تركت إرثاً كبيراً للصحافة الكردية والكردستانية، بثباتها وتفانيها وإخلاصها الذي لا غبار عليه.
وكما يُقال إن: لكُلِّ إنسانٍ من اسمه نصيب، فاسم جيهان (أي العالم) يظل مسطراً في تاريخ شعب المنطقة، الذي عرف جيهان من كثب، فلا توجد مدينة إلا وزارتها جيهان وتركت بصمتها هناك، ولا يوجد سياسي إلا وحاورته جيهان، ولا يوجد قيادي عسكري إلا وأدارت جيهان نقاشاً معه.
البعض مما قالته جيهان بلكين:
إن ما جعلني أثابر في عملي هو أننا لسنا وحدنا، هناك شعب كامل يقف خلفنا لديه طموحات وآمال، هذا الشعب يتعرض للظلم والاضطهاد، وواجبنا الأساسي تسليط الضوء على هذه النقطة، وهناك قضية عادلة ومحقة ومحل فخر لكل شخص أن يسلط الضوء على هذه القضية وهذا الشعب؛ وهذا ما جعلني أظل واقفة على قدمي وأواظب على عملي.
خلال عملي في شمال وشرق سوريا، تعرفت على أشخاص رائعين كثر، تراب روج آفا ذو قيمة عظيمة لدي، لقد دفن فيه أشخاص عرفتهم من كثب، أشخاص كنت تهاب النظر إليهم دفنّاهم في هذا التراب، كالرفيقة دلشان، ورزكار وسعد والعشرات من أمثالهم.
إنه لفخر عظيم أن تزاول العمل مع هؤلاء العظماء، والأهم أننا عاهدنا زملاءنا بأننا لن نترك مسيرتهم، عاهدنا الرفيق سيد والرفيقة كولي.
إلى زملائي الأعزاء يجب أن ندرك حقيقة ما يجري على أرض الواقع، أن ندرك حقيقة السياسات التي تمارس بحق كردستان، أن نرصد ما يجري في كردستان وأن نشاركه مع الرأي العام العالمي.
أن نرصد ونوثق الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا، أن نظهر للعالم أجمع نفاق المستعمرين والمحتلين لأرضنا.
(أ ب)
ANHA
[1]