تظاهرة دمشق وسلوك بعض المثقفين القمعي
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 8197
المحور: المجتمع المدني
بخصوص مظاهرة يوم أمس في ساحة الأمويين بدمشق والمطالبة بدولة مدنية ديمقراطية علمانية، لا دينية طائفية ولا عسكرية هو حق شرعي لكل المواطنين السوريين، بمن فيهم مؤيدو النظام السابق، نعم ربما فعلاً يكون الوقت ما زال مبكراً لمثل هذه المظاهرات حيث الحكومة الجديدة في بدايات عهدها وتشكلها، ولم نعرف خيرها من شرها، كما يقال، وبالتالي هي تحتاج لبعض الوقت والفرص ليتأكد أحدنا حول نيتها في شكل الحكم القادم! وكذلك أن الناس؛ الأغلبية المؤيدة للثورة أو بالأحرى للإنقلاب، ما زالت تحاول مداواة جراحها بخصوص المعتقلين والمفقودين وهي مشغولة بذاك الملف الإنساني الذي يشغل الشارع السوري والعالم عموماً!
وبالتالي فإن الظرف غير مناسب لمثل هكذا مظاهرة وجاءت للكثيرين كنوع من الاستفزاز أو على الأقل هكذا فهم من قبل الأغلبية المؤيدة للثورة/الانقلاب، لكن إتهام كل من حضر لساحة الأمويين وكأنهم طابور خامس للنظام السابق، وخاصةً من قبل من يعتبر نفسه مثقفاً ومحسوباً على التيارات الديمقراطية الليبرالية فهي الكارثة وتؤكد؛ بأن الذهنية الشرقية عموماً لا تقبل الرأي الآخر وأن كل ادعاءاتنا عن الليبرالية والديمقراطية مزيف تماماً، أو على الأقل مطالبنا للديمقراطية هي لأنفسنا وحينما نكون في المعارضة، لكن حينما نصبح في السلطة سنكشف عن وجهنا الحقيقي حيث السلوك الاستبدادي القمعي للآخر!!
وبالمناسبة وجود بعض جماعات النظام القديم في المظاهرة لا يعطي الحق لمن أعترض على المظاهرة، بوصفها على أنها ثورة مضادة، بل هو تعبير عن تخوف الناس من إعادة تجربة نظام الاستبداد وهذه المرة مع دولة دينية، بعد أن ذقنا طعم المرارة والاستبداد مع الطغمة العسكريتارية، وخاصةً بعد أن تسربت الكثير من الفيديوهات عن سلوك لأفراد من جماعة الثورة وهم يمارسون سلوك إنتقامي، بل وإرهابي لا تختلف عن سلوكيات جماعة د1عش مع الآخر المختلف طائفياً عقائدياً! وكذلك تصريحات بعض القادة الجدد بخصوص المرأة، وأيضاً الاستفراد بإتخاذ القرارات دون النظر للتنوع المجتمعي السوري ثقافياً، إثنياً ودينياً بحيث كلها جعلت الناس تخرج لتقول كلمتها بخصوص مستقبلهم ومستقبل بلدهم في المرحلة القادمة.
وبالتالي كان من الأولى هو عدم وصف كل من وقف في ساحة الأمويين بمعاداة التغيير وبالطابور الخامس للنظام البائد، وإذ كان من بين من يقودها بعض قيادات ذاك النظام حيث من حق الجميع أن يقرر شكل النظام القادم، بمن فيهم موالي ومؤيدي النظام السابق وإلا فإن الثورة/الانقلاب ليست إلا استبدال نظام قمعي عسكري بآخر قمعي ديني! وإذا كان هناك من هو متورط بجرائم من بين هؤلاء الذين كانوا في مقدمة المتظاهرين، فإن هؤلاء يحالون للمحاكم لينالوا الجزاء العادل، طبعاً بعد أن تعود تلك المؤسسات للعمل وذلك عند الاتفاق على حكومة وحدة وطنية وإقرار دستور جديد للبلاد، لا وفق المحاكم الشرعية لهيئة تحرير الشام أو لحكم أشخاص بحيث يتم تطبيق الأحكام في الشارع وكأننا في أفغانستان أخرى.[1]