تعليقات وتوضيحات حول الأيديولوجيا والتكنولوجيا!
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 8131
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
يوم أمس نشرت بوستاً قلت فيه، بأن إذا أردت أن تنتصر على خصمك وعدوك، عليك أن تحاربه بنفس الأدوات والأساليب، بل وتتفوق عليه في تلك الحقول والساحات.. واليوم فإن أمريكا والغرب عموماً تحارب بالتكنولوجيا، فكيف ستغلبه وكل ما تملكه هو الأيديولوجيا؟! لا تدفعوا شعوبكم مجدداً للإنتحار!! طبعاً جاء البوست لنقول: بأن على أصحاب الأيديولوجيات المختلفة أن لا يستخدموا فلسفاتهم لتبرير مغامراتهم العسكرية، كما تفعلها اليوم كل من حماس وحزب الله للتغطية على فشلهم بعد أن تسببوا بالمقتلة والتهجير لشعبهم في غزة وجنوب لبنان.
نعم ندرك بأن لا شعب ولا حركة بدون فلسفة ونظريات وقناعات أيديولوجية وعندما نقول؛ بأن علينا أن نحارب الخصم بنفس الأدوات والأساليب ونتفوق عليه، فإننا لسنا بجاهلين عن الواقع ومدى تفوق أعدائنا تكنولوجياً علينا وبالتالي فلن يكون بمقدورنا كحركات سياسية وشعوب متخلفة، بأن سيكون بمقدورنا خلال فترة قصيرة أن نبذ الغرب الأمريكي ونتفوق عليه تقنياً تكنولوجياً وبالتالي سنحاربه بالتكنولوجيا، لا أبداً ولكن وبنفس الوقت لا نريد من هذه الحركات والأحزاب الأيديولوجية أن تغامر ببعض العمليات العسكرية ويجعلها الأعداء مبرراً لعدوانهم وهمجيتهم ضد شعوبنا وتمارس بحقنا القتل والتدمير والتهجير وتأتي بعدها أصحاب الأيديولوجيات ويبرروا مغامراتهم العسكرية، كما تفعلها حماس وحزب الله وقبلهم العمال الكردستاني عندما حفر الخنادق حول بعض مدن باكوري كردستان (تركيا) وإعلان الفيدرالية والإدارة الذاتية مما جعلت الطائرات التركية تدك تلك المدن ومواطنيها!
لكن ورغم كل هذه الحقائق الواضحة، إلا إننا تفاجأنا بعدد من الردود الأيديولوجية التي جاءت كتعليقات على البوست السابق، وسوف نضع البعض منها هنا وردنا عليهم، لنكشف حجم الاستلاب الفكري الأيديولوجي لشريحة واسعة من مجتمعاتنا ومن دون الكشف عن أسماء المعلقين حيث القضية ليست شخصية، بل هي للتنوير ومحاولة لنقاش الأفكار وليس لمقاصد شخصية في الإساءة، بل لغاية الاستفادة والوصول لم هو فيه الفائدة لشعبنا وقضايانا الوطنية، وكان تعليق أحدهم يتركز حول سلوكيات العمال الكردستاني عموماً وليتوّجه بالأخير ويقول: الايديولوجية ليست جريمة !!!. مما دفعني لأن أكتب له قائلاً:
إذاً إذهب وأحفر الخنادق حول نصيبين وماردين وآمد وأعلن إدارتك الذاتية ولتأتي طائرات تركيا وتدمر المدن وترحل شعبنا ومن ثم برر تهورك ومغامرتك من خلال بروباغندا أيديولوجية، بل وترجى العالم لكي يتدخلوا ويوقفوا العدوان، كما فعل الحزب قبل سنوات وكما تفعلها اليوم حماس وحزب الله.. فعلاً صدق من قال؛ العقل زينة، عزي عندما نقول لا يمكن أن تتفوق على الخصم بالأيديولوجيا، فإننا لا نقصد أن تتخلى عن فلسفتك، بل تعرف كيف تستخدمه لتحقيق نجاحات سياسية لا أن تبرر مغامراتك العسكرية
أما التعليق الآخر، فقد جاء كما يلي؛ على فكرة ماموستا الغرب بتكنولوجيتها أيضا تتبنى أيديولوجيا الرأسمالية. بمعنى أيديولوجيا مقابل أيديولوجيا. فكتبت له الرد التالي: نعم ولكن تدعمها تكنولوجيا متفوقة وكذلك قوة اقتصادية هائلة ومجتمع مدني ديمقراطي، وذلك بعكس أيديولوجياتنا التي تفتقر لكل ما سبق وتريد فوقها تكريس الاستبداد!! وجاء آخر متسائلاً بطريقة تهكمية؛ مسئلة تكنولوجيا وايدولوجيا اريد ان اعرف من يقود هذة التكنولوجيا هل من المعقول تكنولوجيا بدون ايدولوجيا يدار تكنولوجيا بأيدولوجيا يا فهمانين مع احترامي. فكتبت له وبلهجته التالي؛ يا فهمان تلك التكنولوجيا تقودها أيديولوجيا تعطي مساحة كافية من الحرية والمدعومة بقوانين مدنية ديمقراطية وقوة اقتصادية عملاقة وليس فلسفات ونظريات تكرس عبودية القائد وتؤسس لنظم سياسية ديكتاتورية أقرب لحالة كوريا الشمالية.. مع الاحترام
وجاء آخر متوهماً ومخدوعاً بكلام نظري وهو يقول؛ أخ أخ عم تتوهمون بلتكلونوجيا بأنها أقوى من الأيديولوجية صديقي لو حركت الحماس والحزب الله إن كان على المبدء الاديولوجية الديمقراطية لا انتزعت الشرعنة الحرب إسرائيل عليهم والجميع الشعوب العالم يقف إلى جانب شعب فلسطين ولبنان ويطر بإسرائيل بوقف الحرب . أخ من تبعية للجمهور تكنولوجية أخ. ..... فكان الرد عليه بما يلي: وهل تعتقد أن هناك أيديولوجيا ديمقراطية حقاً؛ الأيديولوجيات عموماً قمعية ولا تعطي مساحة حرية للآخر، كونها تريد أن تكون وفق مقاساتها وها هي كلٌ الأيديولوجيات الدينية والماركسية وحتى الديمقراطية التي تنادون بها لا تعطي مساحات كافية من الحرية للأيديولوجيات المخالفة
وأخيراً جاء من ينصحنا، بل يتذاكى ببعض الجمل التي حفظها دون التفكر فيها وهو يقول؛ الهفالات حققوا الكثير رغم محاربة تركيا والرأسمالية من خلفهم لهم . واضطرت امريكا والغرب إلى التحالف مع الهفالات لمحاربة الإرهاب، لا بل وصل الأمر بآخر وهو يشد من وزر هفاله السابق حيث كتب يقول: هفال هؤلاء لا يعرفون من أين تشرق الشمس .. لولا الهفالات لدعس روؤؤس الكورد في كل مكان بما فيهم المنظرين العاطلين عن العمل و العقل... وجوابي لهؤلاء هو التالي: بارك الله بكم إنكم لم تقولوا لنا؛ أن لولا الهفالات لم شرق الشمس علينا، يعني عدم معرفتنا من أين تشرق راح تنبلع أمام هديك، طبعاً مع تقديرنا وإجلالنا لتضحيات أبناء وبنات شعبنا دفاعاً عن الأرض والكرامة، لكن دعونا لا نخدع أنفسنا بهذه الجمل والشعارات الرنانة الطنانة عن إجبار الأمريكان، نعم هؤلاء كانوا بحاجة لقوات على الأرض ووجدوا ضالتهم في الكرد وبالتالي قاموا بدعم قواتنا بعد أن وجدوا فيهم الشجاعة والبسالة والإخلاص، لكن علينا أن ندرك بأن لولا حماية الأمريكان لكانت تركيا وقبل النظام والروس قد قضوا على الإدارة الذاتية، فلا تعملوا لأنفسكم أجنحة ميشان ما تطيروا وإن طرتم ما تعلو كتير عزيزي.
بالمناسبة تركيا طالبت كثيراً من الأمريكان أن تحل محل قوات سوريا الديمقراطية في كل المعارك، لكن الأمريكان رفضوا، ليس لأن قسد أقوى من القوات التركية ولا لكون الأمريكان يحبون الكرد أكثر من الترك، بل لأن لأمريكا غايات ومصالح وراء ذلك فهي من جهة لا تريد أن تبقى تركيا حليفها الوحيد بالمنطقة كي لا تبتزها وتبتز أمريكا وخاصةً من خلال تهديدها لهم بالانحياز للمحور الروسي وبالتالي تعاونت مع الكرد ليصبحوا بعبع لتركيا، فكما الأخيرة تهددهم بالذهاب للروس، ها هم يتحالفون مع الكرد ويهددون تركيا بها، كما أن ومن جهة أخرى لهم مشاريع وأجندات مختلفة عن أجندات تركيا ومنها المشاريع والممرات التجارية والصراع على الجغرافيا وإفقاد تركيا لتلك الميزة كي لا تكون ورقة ضغط على الأوروبيين وأخيراً الخوف من الأيديولوجيا الدينية والتي تتبناه حكومة العدالة وخاصةً بعد أن كشفت عن أنيابها وذلك عندما ركبت موجة الحركات الإسلامية وطرحت شعار العثمنة الجديدة، فأعادت ذكريات الكوارث والمآسي والفظائع التي قامت بها الدولة العثمانية في أوروبا، مما أعاد الكثير من الذكريات المؤلمة للذاكرة التاريخية الأوروبية.
نعم هناك الكثير الذي جعل الأمريكان والأوروبيين يمدون يدهم للكرد ولا ننكر أن بطولة مقاتلينا وتفانيهم وإخلاصهم وتضحياتهم في المعارك كانت إحدى الأسباب، لكن المصالح كانت الأهم حيث هي التي تحرك سياسات هذه الدول وهي التي تقف خلف دعم هؤلاء لشعبنا وإداراتنا في روژآڤا وإقليم كردستان ولولا ذاك الدعم لكان الأعداء قاموا منذ اليوم الأول بالهجوم والقضاء على التجربتين وفي المهد، ولذلك دعكم من الشعارات الكبيرة والتي تخدعون بها أنفسكم؛ يعني فعلاً ما بعرف كيف أن تركيا ومن خلفها الرأسمالية العالمية تحاربكم، كما يقول أحدهم ومن ثم يلحقها بالعبارة التالية واضطرت امريكا والغرب إلى التحالف مع الهفالات، يا أخي من يحاربك لا يضطر للتحالف معك، بل إما يخسر أمامك أو ينتصر عليك، مو يتحالف معك.. فعلاً صدق من قال؛ العقل زينة!![1]