إعداد/ هايستان أحمد
روناهي/ قامشلو: شاعرٌ كرديٌ قدير، ساهم بإغناء التاريخ الكردي وأضاف بكلمات شعره لمساتٍ فريدة، لتصبح بذلك ذكرىً له، الشاعر سيداي تيريج في استذكار وفاته الثامن عشر حيٌّ لا يموت في قلوب الكرد.
يعد شهر آذار شهراً مميزاً ومليئاً بالذكريات الأليمة والانتفاضات بالنسبة للشعب الكردي على وجه الخصوص، فعلى الرغم من أن عيد نوروز المقدس يصادف في آذار ألا أنه مليءٌ أيضاً بالمآسي، ففي هذا الشهر رحل قامتان من قامات الثقافة والفن الكردي وعواميده الثابتة “الفنان محمد شيخو”، والشاعر الكبير “سيداي تيريج”، ففي الثالث والعشرون من شهر آذار ترك هذا الشاعر الكردي الكبير الحياة مخلفاً ورائه إرثاً وكنزاً لا يقدر بثمن، ولهذا سنتعرف على هذا الشاعر الكبير بشكلٍ أوضح.
سيداي تيريج هو لقبه أما اسمه فهو ملا نايف حسو من مواليد عام 1923 من قرية “نجموك” التابعة لقامشلو، هو الشاعر الكردي الكلاسيكي وثابر في الكتابة الشعرية, وله خصوصية تميزه عن بقية الشعراء الكلاسيكيين الكرد.
أما تسميته ب ( تيريج) أي ( شعاع ) فجاءت رغبةً منه ومن رفاقه في جمعية خويبون وتحديداً في عامودا وأمام متجر أحد أعضاء خويبون وهو( يوسف حرسان) الذي كان مراسلاً وكاتباً في آن واحد في مجلة هوار. ومنذ ذلك الوقت لقب ب (سيداي تيريج) وحتى يومنا هذا. وعندما بلغ السادسة من عمره انتقل للسكن إلى قرية “توكى”, حيث بقي فيها قرابة نصف قرن, ومن ثم انتقل إلى قرية “سى متكى نواف” بالقرب من مدينة عامودا قرابة حيث تلقى على يد الملا “إبراهيم الكولي” علوم القرآن الكريم, والشريعة والدين, والصرف, والنحو. وكذلك الأدب الكردي.
تنوير الفكر الكردي من مطالب سيداي تيريج
تجول الشاعر تيريج بقصائده في معظم مناطق ومدن كوردستان وسوريا، واقتنى الآلاف دواوين شعره، إضافة إلى أنه زار ألمانيا بناءً على رغبة الجالية الكردية حيث أحيا العديد من الأمسيات الشعرية والحفلات مع العديد من الفنانين ك جوان حاجو، وناشد في معظم أمسياته الجالية الكردي هناك بعدم نسيان الوطن كردستان، وعدم الإقدام على أي شيء من شأنه الإساءة إلى سمعة الشعب الكردي.
مما لاشك فيه أطلاقاً أن الشاعر تيريج بثقافته العميقة وخاصةً في تراث الكردي وفي أسلوبه الرومانسي الهادئ في التعامل مع الآخرين, استطاع أن يكتسب مكانة مرموقة بين أوساط المثقفين الكرد في أكثر من مجال لأنه كان ملازماً معهم بإحساسه الوطني, وجاداً شغوفاً همه خدمة قضية شعبه المظلوم, كان معطاءً بلا حدود، وعلى الرغم من ظروفه المعيشية القاسية وتنقله الدائم والمتكرر من مكان إلى آخر ألا أنه كان عوناً ومعاوناً مخلصاً أمينا لرفاقه
(لا تنسوا وطنكم.. ضحوا من أجله، ولا يغرّنكم المال والشقراوات هنا. ترقبوا يوماً تعودون فيه إلى وطنكم لخدمته وتطويره نريد كل أوربا أن تمتدح شعبنا ،عليكم أن تثبّتوا للأوربيين بحسن سلوككم وتصرفكم واحترام المجتمعات الأوربية وقوانينها بأننا شعب جدير بالاحترام والعيش كالآخرين. عليكم أن تعطوا صورة وانطباعاً جيداً عن الأكراد) ويؤكد الشاعر الكردي (أرشك) قول تيريج: (لا تتركوا الوطن ولا ترحلوا خلسةً فيبقى وطنكم ميداناً ترتع فيه القطط والذئاب والثعالب). قيل في الإعلام الكردي آنذاك عن رحلته على أنها كانت شيقة ومفيدة وعاد إلى أرض والوطن في 22-4-2001 يقول الشاعر تيريج وقد تجاوز عقده الثامن منادياُ الكرد: آمل من كل كردي أن يحرك ضميره لخدمة وطنه لأن الشعب الكردي محروم من أبسط حقوقه المشروعة فهناك شعوب كثيرة تحررت. فبرأي أن إنعاش التاريخ والأدب الكرديين , وتوحيد الجهود الكردية هي السبيل الوحيد للخلاص ونيل الحقوق المشروعة.
إرثٌ ثقافي مميز وغني
أصبحت قصائده الشعرية مواد جميلة لأغاني العديد من الفنانين، حيث غنى العديد منهم قصائد تيريج وافتخروا بذلك، ترك سيداي تيريج العديد من الدواوين والمواد الثقافية التي يفتخر بها الأدب الكردي ومنها: خلات، زوزان، جودي. إضافة إلى مخطوط المولد النبوي الكردي، والجزء الثاني من الفولكلور الكردي وقصائد متفرقة لم تطبع.
غادر الحياة مساء السبت 23 / 3 / 2002 م، وتمّ تشييع جثمانه بمشاركة الالاف من أبناء الشعب الكردي صباح يوم الأثنين 25 / 3 / 2002م، من مدينة الحسكة إلى مثواه الأخير في قرية “كر كفتار.[1]