=KTML_Bold=ثورة 19 تموز وحقيقة هويتها=KTML_End=
آلدار خليل-
بعد مرور عقد من الزمن على الوضع والواقع السوري؛ جميع عمليات التقييم التي يمكن القيام بها تصل إلى نتيجة واحدة ألا وهي لا شيء تغير نحو المصلحة السورية؛ حيث بقيت الأمور كما هي دون أي تطور ملحوظ في شكل النتائج التي أرادها السوريون حينما خرجوا وهتفوا للحرية والكرامة والعدالة.
انحسار التطور وبعد هذه السنوات له أسبابه ولم يعد محصوراً بشكل الأعداد والتنظيم فحسب؛ حيث هناك من سيّر مجرى الأمور وحوّرها وباتت الآن في منحى ظاهري وكأنه متعلق بالشعب السوري وحاجاته ومنحى مبطن وهو الأخطر، حيث تمرير الأجندات على حساب السوريين وقضيتهم وتطوير الاحتلال. الأصل في هذا الضياع يكمن في أن الهوامش كانت كبيرة ولا تزال للجماعات التي أسمت نفسها بالمعارضة والجيش الحر؛ ساهمت تلك المساحة في ظل غياب القرار الذاتي إلى تدخلات شتى تمت وسيّرت الأمور نحو ما يخدم مصالحها دون أي مصلحة سورية، والأمور واضحة للقاصي والداني اليوم.
في الذكرى التاسعة لثورة 19 تموز التي انطلقت من كوباني عام 2012 في روچ آفا- شمال وشرق سوريا لا يسعنا إلا أن نقيّم الأمور بحقائقها؛ وهي أن خصوصية هذه الثورة كانت في استقلالية خطها، قرارها الشعبي، شعورها بمظلومية كل السوريين دون تمييز، فانطلقت لتحقيق هذه المبادئ ونجحت في كسر النمط التقليدي للنظام المهيمن في سوريا، وطوّرت هذه الثورة شكلاً جديداً معبراً عن حاجة الشعب الكردي وغيرهم من الشعوب؛ فأكدت بأنها لا تتبنى معايير الانتقام، بل على العكس تسعى وتناضل للإنقاذ والتحرر مع أن البعض حتى الآن لا يزالوا يريدون تشويهها، فقط لأنها نجحت؛ التشويه الذي يكون من خلال تهم مزيفة وباطلة من قبيل أنها ثورة للكرد الانفصاليين دون غيرهم. السنوات التي مضت أكدت من خلال التضحيات المشتركة التي تمت بين الكرد والعرب والسريان وبقية الشعوب أنها ثورة الجميع والكل يرى إرادته التي كانت مصادرة ضمنها، حيث أثبتت بأنها ثورة المجتمع برمته، المجتمع الحر الذي لا يُقاد وإنما يدير نفسه بنفسه، حيث بات المجتمع وبعد هذه الثورة منظماً قوياً مدافعاً عن ذاته ضد أشكال التصفية وحقق نجاحاً في ذلك.
كذلك طورت المرأة إرادتها وأثبتت وجودها وهويتها وكسرت كل القيود التي أنكرت وجودها وجردتها من قيمتها ودورها الريادي والهام في المجتمع الديمقراطي؛ حتى بتنا اليوم ومن خلال هذه الثورة الديمقراطية أمام ظهور بطولات وتضحيات أنقذت الإنسانية وجسدت صورة المرأة الحقيقية، تجلى ذلك بوضوح في شكل التصدي للإرهاب وتطوير النظام الإداري الديمقراطي.
كل هذه المكاسب والتطورات تمت ولا تزال ثورة 19 تموز مستمرة بقوتها وعنفوانها الشعبي؛ أفشلت كل أشكال الخلاف والصراع المذهبي والديني والعرقي من خلال قوة العماد الأساسي فيها، هو مشروع الأمة الديمقراطية الذي ألغى الصنوف الضيقة للنزعات والأشكال القومومية الضيقة.
هذه الثورة اليوم تمثل مفتاح نحو الإنقاذ في سوريا؛ معاييرها ومبادؤها تخدم المستقبل الديمقراطي لكل السوريين. السنوات التي مرت أثبتت فشل الحلول المصاغة مرحلياً والتي أنكرت حقيقة المجتمع السوري وتجاوزت إرادته؛ لذا فإن الآمال اليوم تمثلها ثورة 19 تموز لحرية شعبنا الكردي وجميع الشعوب الأخرى وعموم الشعب السوري؛ إنها ثورة التحول الديمقراطي وثورة الحل المجتمعي. وما استمرارها حتى الآن رغم كل محاولات خنقها إلا دليل صوابية مسارها؛ ما يؤكد بأنها ستكون الضمان الفعلي للحرية والديمقراطية وتحرير المناطق المحتلة وبناء الإرادة المجتمعية المطلقة.[1]