الكرد السورييون أمام الاستحقاق المصيري
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 5668 - #13-10-2017# - 17:13
المحور: القضية الكردية
الكرد السورييون أمام الاستحقاق المصيري
صلاح بدرالدين
من بديهيات المشهد الوطني ومن ثوابته الراسخة عدم جواز تناول الحالة الكردية الخاصة بمعزل عن الوضع السوري العام ومن ثقب هذه المسلمة نسترق النظر الى التطورات الراهنة المتسارعة التي تقودها وتفعلها القوى والأطراف الدولية – الاقليمية المنتدبة قسرا على بلادنا والمحتلة أراضينا بغلبة روسية سائدة الى جانب المشاركات الجزئية الهامشية وغير الثابتة من ايران وميليشياتها المذهبية وتركيا وحليفاتها من الفصائل المسلحة المحسوبة على ( الجيش الحر ) والولايات المتحدة الأمريكية عبر ( قوات سوريا الديموقراطية ) وأمام ادعاء الجميع بصوت واحد محاربة الارهاب وتحقيق السلام من خلال تنفيذ خطط ( خفض التصعيد ) في معظم المناطق وتحقيق المصالحة بين ( المعارضة ) والنظام عبر أستانا وجنيف وحميميم ومن ثم الانتقال الى مرحلة الاعمار .
لاشك أن كل الدلائل تشير الى خضوع الجميع من أطراف دولية واقليمية وعربية رسمية وامتداداتها من الفصائل المسلحة والكيانات السياسية المعارضة للمشروع الروسي الذي يقضي باعادة الحياة للنظام الحاكم وبسط نفوذه ولو شكليا الى كافة المناطق السورية لتوسيع نفوذها وترسيخه من خلال هذا النظام المتهالك الذي فقد الشرعية والسلطة الفعلية والسيادة والاستقلال ومن خلال لعبة روسية مدروسة تقضي بارضاء الأطراف بشكل متوازن ( أمريكا وتركيا وايران واسرائيل ) والاستجابة لبعض مطالبها الجانبية التي لاتشكل خطرا على مشروعها الأساسي وكما يظهر فان الخاسر الوحيد من العملية الجارية هو الشعب السوري وثورته المغدورة وقضيته الوطنية المنسية .
ازدواجية المحتل الروسي في تمظهره بدور الحكم والمصلح والوسيط في حين أنه يقف عائقا الآن أمام طموحات السوريين في التوافق على عقد المؤتمر الوطني السوري المنشود من خلال لجنة تحضيرية مستقلة نزيهة تمثل جميع المكونات والتيارات السياسية الوطنية والديموقراطية للخروج بحل للأزمة المستعصية الراهنة عبر برنامج سياسي توافقي سليم ومجلس سياسي – عسكري لمواجهة تحديات السلم والمقاومة وذلك بالسعي الروسي لعقد لقاءات في – حميميم – المحتلة باسم المؤتمر السوري وقطع الطريق على ارادة السوريين في استجماع القوى الحية الصادقة واعادة بناء حركتهم المعارضة .
موقع الكرد في المشهد الراهن
الدور الكردي السوري في الحياة السياسية الوطنية العامة شبه معطل وأستند هنا ( اضافة لمانعلمه ) على المقولة المأثورة للرئيس مسعود بارزاني تسببت الأحزاب الكردية في ضياع الكرد السوريين الذين لايعلمون أين هم الآن مع الثورة أم مع النظام وقد لخص بهذه الكلمات القليلة حقائق وأحداث ونتائج خلال أعوام ستة أي منذ اندلاع الانتفاضة السورية وحتى الآن عندما وقف الوافدون الجدد من أتباع – ب ك ك – بمختلف مسمياتهم وأحزابهم وتنظيماتهم مع نظام الأسد عبر عملية التسليم والاستلام المعروفة بعد اتفاق ( آصف شوكت – مراد قرةيلان ) بالسليمانية وكذلك تبني ( المجلس الوطني الكردي ) وبناء على توصية المشرف عليه ( الراحل رئيس العراق السابق ) بالتنسيق مع السلطات السورية شعار أو قرار الحياد بين الثورة والنظام والعمل مع من يؤيد الحقوق الكردية أكثر وهذا الموقف كثيرا ماسمعناه من النخب السياسية لدى الأشقاء باقليم كردستان العراق وهو نابع من دون شك من تجاربهم المريرة في التحالفات مع القوى العراقية .
في الستة أعوام الأخيرة لم تعش الحالة الكردية في سكون وجمود فالى جانب أحزاب ومنظمات وفصائل وسلطات ( المجلسين – غرب كردستان والوطني الكردي ) خاصة بعد ممارساتها اللاديموقراطية ومسؤلياتها في افراغ المناطق من سكانها الأصليين ومن عنصر الشباب والمنتجين والفشل في تنفيذ اتفاقيات ( أربيل ودهوك ) رغم ملاحظاتنا عليها والاخفاق في الحفاظ على الحد الأدنى من الأمن والأمان في المجتمع الكردي والتعاون الصادق مع المكونات الأخرى من عرب وتركمان ومسيحيين خاصة في المناطق المختلطة وبعد فشل كل علاقاتها في الساحة السورية مع المعارضة والموالاة نقول أن الساحة الكردية السورية أنجبت قوى جديدة واعدة سيكون لها الدور البارز المؤثر في قادم الأيام والأعوام .
اذا كان ( المجلس الوطني الكردي ) قد تعرض الى الانقسام والتفكك وأخفق في طرح المشروع القومي البديل ولم يجد له مكانة تحظى بالاحترام في صفوف كيانات المعارضة بل لم يكن له أي تأثير لافي العملية التفاوضية ولافي وضع خطط وبرامج تلك الكيانات رغم عضويته الشكلية فيها وخسر الزخم الجماهيري وابتعد عنه المستقلون وبعض بقايا الحراك الشبابي والنخب الوطنية المثقفة وبات اسما بلا روح افتقد حتى الى طرح أية مبادرة تتعلق بتعزيز الاتفاق والمصالحة فان – ب ي د – ورغم سلطته القائمة بقوة السلاح واغراءاتها المادية والأمنية الا أنه لايحظى بقبول الغالبية الساحقة من بنات وأبناء الشعب الكردي السوري وينظر اليه كجسم غريب وكحركة همها الأساسي خدمة أجندة – ب ك ك – وقيادة قنديل العسكرية وتنفيذ أوامرها وتوجهاتها حتى لوكانت ضد مصالح شعبنا الكردي السوري وهناك ريبة وشكوك في مواقفه وسياساته التي لاتخضع الى المناقشة بل تنفذ بأوامر عسكرية من قبل أشخاص معدودين جدا .
حزب – ب ي د – في تحالفاته الاقليمية والدولية غير مستقل بل ينفذ أجندات ولذلك نراها متقلبة وقتية قد تنتفي في أية لحظة بدون ضمانات حول حقوق الكرد ومستقبلهم فقد انتقل من حضن الى آخر لمرات عديدة خلال السنوات الأخيرة وآخره الحضن الأمريكي في قتال داعش كمقاتلين مشاة ومن دون أية اتفاقيات سياسية موثقة ومهما تمت المحاولات في تأخير معركة الرقة أو اختراع معركة دير الزور فبالأخير هناك نهاية للحالتين وحينها يظهر الاستحقاق وقد يخرج خالي الوفاض في وقت تشتد الضغوط التركية باتجاه تغيير السياسة الأمريكية لصالحها ودخول الروس على الخط لاستمالة – ب ي د – ودفعه نحو المشاركة في اجتماع – حميميم – وكذلك في مؤتمر الرياض 2 بالتنسيق مع نظام الأسد وقد يكون تصريح وليد المعلم جزءا من التحرك الروسي بذلك الاتجاه .
مالعمل ؟
ازاء هذا المشهد الحزين وفي مثل هذه الظروف الخطيرة وعلى ضوء التطورات في كردستان العراق وفي سبيل دعم ارادة شعبه بقوة تقضي مصلحة الكرد السوريين كشعب وقضية وبأسرع وقت الى وقفة تاريخية استثنائية الى تحلي قواه الوطنية وتياراته السياسية بالشجاعة والاقدام ونكران الذات والمصالح الضيقة وذلك بالشروع في الحوار بين كل مكوناته وليس هناك بهذا المجال كبير وصغير فالكل ضعفاء والجميع بحاجة الى بعضهم البعض ونقترح هنا الاتفاق على تشكيل لجنة تحضيرية تمثل كافة الفعاليات للاعداد لمؤتمر قومي – وطني تصالحي انقاذي داخل الوطن والخروج بميثاق موحد وبرنامج مرحلي وقيادة مشتركة لمواجهة تحديات واستحقاقات الحاضر والمستقبل وليعتبر الجميع أن هذا المقترح بمثابة رسالة موجهة من بزاف الى كل طرف على حدة .
[1]