اقرار حق تقرير مصير الكورد من مصلحة مركز العراق
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5200 - #21-06-2016# - 17:42
المحور: القضية الكردية
اننا نسمع احيانا اراءا متباينة حول اعقد قضية تاريخية في العراق، الا وهي القضية الكوردية، فمن الاراء دون مناسبة تفرض الكلام عنها ؛ اي نجد فيها ما هي نابعة من اهداف خارج القضية ذاتها تخرج من اجل معتقدات و بيان ايديولوجيات مختلفة، فمنها معتدلة و اخرى متشددة نابعة من الخلفية التي يتمتع بها القائل حول مصير الكورد و مستحقاتهم دون ان تعتمد اكثريتهم على التاريخ بشكل علمي و ما تفرضه الحقوق التي هي اكثر اهمية من ما سجله التاريخ، و اننا اعلم بمن يكتب التاريخ و يخفي غير المرغوب او يطوي ما يحدث فيه لمصلحة المسيطرين دائما .
باختصار شديد جدا، ما حصل خلال العقود او القرن الماضيفي العراق لم يكن لمصلحة احد سواء كان في العهد الملكي او الجمهوري و ما تخلله من الظلم على الشعب الكوردي، و ما تسببته السلبيات التي برزت من العداء و الصراعات المتكررة التي افرزت اكثريتها الخلفيات التعصبية العرقية و الايديولوجية المستوردة دون ان تكون نابعة من الواقع ذاته، و اديرت بعقليات خيالية دون التعمق بما يفيد شعوب المنطقة و بالاخص العراق بمختلف اعراقهم و اديانهم و مذاهبهم، ان لم يُحسب مع ذلك ما افتعلته اصحاب المصالح و المستعمرين و المستفيدين من خيرات المنطقة بما تمكنوا منها بطرق شتى .
كلامي هنا على اهل المنطقة كما نقول نحن ابناء العراق منذ تاسيسه كيفما كان، مع ذلك كان هناك دائما عقول مؤمنة بحقوق الشعوب في اختيار ما هو الحق، و ان كان على خلاف مع ما تحمل او تؤمن، اي لم يخلو العراق دوما من الخيرين اصحاب الرؤى و النظرة المنصفة الى قضايا الشعوب و منها الشعب الكوردي، و نلمس في كل مرحلة ممن يجب الاشارة اليهم بصوت عالي لكونهم تكلموا في وقت لم يتمكن الجميع ان يجرؤ على تلك الكلمات .
لو تكلمنا بحيادية و دون اي انحياز للخلفية القومية التي نعتنقها، و نقيم ما نحن فيه اليوم و في هذا العصر بالذات، نرى هناك التقدم في النسبة التي تحمل النظرة الانسانية الحقة الى الاخرين لو قورنت مع العقود الماضية و بالاخص مع فترة التعصب القومي، و هذا نابع من الدوافع الانية التي برزتها التغييرات الشاملة في عقلية الانسان الشرقيو منهم العراقي، و التهميش الحاصل في التعصب و التشدد في التمسك بمفاهيم نفدت مدة صلاحيتها لو عرفناها لما فيه الحياة من الانسانية المسيطرة في هذا العصر ( على الرغم من وجود الشواذ او المتحفظين و المتخلفين و المتمسكين بما عفى عنه الزمن من الفكر و اصبح في عهدة التاريخ فقط كما هي حال داعش و سلوكه و عقليته ) .
لو تجسد الوضع المسترخي و السلام و الامان في العراق و تلاشى ما توارثته بعض القادة من السلف بقناعة ذاتية تامة اي تفاعلوا مع الحداثة، لكانت الامور تسير وفق ما تشتهيه الانفس الصالحة و العقلية العالية .
ان تكلمنا عن اسباب و استفادة العراق من اقرارهم لحرية حرية الكورد في التوجه و اقرار مصيرهم و تحديد مستقبلهم و تعاملهم مع قضيتهم لما امتنع اي كان من الاحرار و الاخيار و اصحاب الحل والعقد و المتمكنين من قادة العراق عن فسح المجال و الحرية في خطو الكورد لما هو سائر عليه، لا بل كان من منفعتهم ان يساعدوهم و يتعاونوا معهم، من اجل ضمان امانهم و و استقرارهم النهائي لهم هم قبل الكورد، و من اجل فرض الاخوة و السلام الدائم بين المكونات دون اعطاء اية فرصة لتكرار ما حصل و اضر الجميع دون استثناء .
من الناحية السياسية سيستفيد المركز العراقي من تقرير المصير و ان كان الاستقلال كاخر حل، بحيث تنتهي المشكلة المعقدة العويصة و سيكونو جيرانا متحابين و متكاتفين و متعاونين بدلا من وجودهم في البيت الواحد و هم متخاصمين ، اي تقرير المصير لكوردستان هو تقرير المصير الجزء الاخر من العراق ايضا سواء كان سياسيا و امنيا فانه ضمان لمستقبل للشعبين دون ان تكون هناك فرصة لسفك قطرة دم اخرى . و يمكن ان يتحالفوا و ينسجموا من اجل سد الطريق امام تدخلات المغرضين بشتى الوسائل المتوفرة لديهم، و في مقدمة العوامل التي يمكن الاستناد عليها هو التجانس و المصاحبة و التداخل الاجتماعي الاخلاقي الثقافي بين المكونين العربي و الكوردي المستمر منذ فترة طويلة و اصبحت لهم نقاط مشتركة من كافة الجوانب .
لو ادار النقاش و التفاهم و الاقرار بما ينوي اي طرف تحقيقه من الاهداف و منها حق نقرير المصير بعقلية و توجهات انسانية مجردة بعيدة عن الخلفيات التاريخة السلبية المؤثرة على النفوس و العقول، و لو ابتعد التعصب و كان التفاوض عقلاني بعيدا عن المصالح الحزبية الايديولويجة الشخصية الضيقة، فان اقرار المصير لشعوب العراق بعربه و كورده سيكون سهلا للغاية و لاقتنع الجميع بما يصبح لديه و هو فرح .
اما من الناحية الاقتصادية المرتبطة بشكل وثيق بالجانب السياسي، فان لدى الطرفين مركز العراق و اقليم كوردستان ما لديهم من الاماكنية الاقتصادية و الثروات التي تدعهم الى عدم التعدي على البعض، وبامكانهم مساعدة البعض في الشان الاقتصادي ايضا بما يدعم و يمكن الطرفين تحقيقه بشكل جيد .
ان كنا نعتقد وجود الحل الملائم و نفكر بشكل عقلاني صحيح، نعلم ان الدولة ليست الا وسيلة لتنظيم الشعوب من اجل ضمان السعادة و العيش السليم لهم، ومن هذا المنطلق يمكن ان نقول؛ لو كان العمل المشترك بين المركز و الاقليم وفق هذه الرؤى لما برز عائق امام عملهما و ان كان تقرير مصير االسعب الكوردي في مقدمة اهداف الكورد . لا نعود الى التاريخ و نتحاسب بما اضر القضية الكوردية و بالشعبين و كيف مهد الارضية للتدخلات المغرضة المشبوهة و اوصل الحال الى امتداد الحروب الداخلية و الخارجية لهذا الحد الذي لم يكن انفصال الكورد من العراق في زمنه اي ضرر يمكن يحتسب لو قورن بما حدث . اي يفترض اخذ العبرة من التاريخ لعدم تكرار ما حدث، و يحدث ذلك من تعاون الخيرين الحاملين للعقليات النيرة الموجودة و الجلوس بنوايا محبة للطرفين فيمكن حل هذه القضية دون ان يتضرر اي طرف سياسيا اقتصاديا اجتماعيا مهما كانت افرازات القرارات الصحيحة و معطياتها مستقبلا.
لو تعمقنا بنظرة تقيمية ثاقبة بمقياس العقلية الانسانية التقدمية لهذه القضية و من اجل ايجاد الحل السليم المفيد للطرفين، فان مركز العراق كيفما كانت النتيجة فان كانت بقناعة ستكون اكثر استفادة منالنتيجة مقارنة باقليم الكوردستان، و تختصر الطريق امام الحلول و ستنتهي المتاهات التاريخية التي دخلت فيها القضية و تعقدت بشكل كبير جدا. فنحن بحاجة الى تلك العقليات و النوايا الجميلة الانسانية المحبة للشعبين و نهاية النفق مليء بالنور للعقلاء الخيرين الانسانيين المتفائلين و المقتدرين من اخراج العراق قبل اقليم كوردستان من هذه العقدة المتشابكة، و ما داعش الا قضية عرضية في مسار تاريخ العراق الحديث.[1]