هل خفت حدة طوفان داعش ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4521 - #23-07-2014# - 18:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
بعد اكثر من شهر و نصف على طوفان داعش الغازي على العراق، هناك ما يشبه بالهدنة غير معلنة و محاولات كر و فر، و الهدف الرئيسي هو محاولة منع تقدم هذا التنظيم اكثر من حده ليس الا رغم تخرصات البعض من اعلانه انهاء هذا التنظيم بالقوة . اي ستاخذ داعش مكانها المحدود ان لم تصر هي على التقدم لاسقاط العملية السياسية حسب ما تعلنها هنا و هناك، و ان الحت فانها ستوقف عند حدها .
ان ثبتت الحال على ماهي عليه، ما مصير العراق و المجتمع المتبعثر النسيج، و ما التعامل الذي يجب ان تتفق عليه السلطة الاتية، و ما الطريقة التي يمكن بها اعادة القطار المنحرف الى سكته، و ما الخطوات الاولية الرئيسية من العملية الشاملة التي من الواجب البت فيها لحل المشاكل الكبيرة الناجمة من الثغرات الموجودة في جوهر العملية السياسية و ليس في قشورها او على سطحها كما يدعي البعض و من افرازاتها هي داعش و ليست هي بالموضوع الرئيسي، و هل تتهم السلطة المقبلة بالحل المعتمد على الواقع و ليس الشعارات كما كنا عليه من العقائد و الايديولوجيات و الفلسفات الخيالية التي انخدعت بها المكونات الموجودة على الارض باختلافاتها .
داعش اكبر جرس انذار بعد سقوط الدكتاتورية في العراق، و هي التي هزت جميع القوى بافعالها و سلوكها المشينة تجاه المناطق التي سيطرت عليها، و حذرت منها الجهات الراعية لها قبل غيرها . و هي الطوفان الذي مسح معه كل اثار العملية السياسية الجديدة ، بل اعادت جزء من العراق الى عصر الهمجية و القتال و الصراع الدموي من اجل فكر و عقلية لا يمكن اتباعها في هذا العصر، في المقابل لم يتعض من كان السبب و مهد الطريق باخطاءه مجيء هذا البلاء، و يصر على توجهه، و يريد الاستدامة و هذا اخطر من داعش بذاتها على العراق و مستقبله.
لا غبار على الاعتقاد بان داعش اكبر خطر على مجمل العملية الديموقراطية الانسانية المنشودة في العراق و المنطقة ككل . و لكن، السؤال الذي يحير الجميع، من كان وراءها و من غض الطرف عنها و ساندها ولو بطريقة غير مباشرة و كان بامكانها استئصالها من جذورها و لم يفعل، وهو الذي يدعو الى اتباع السياسة العصرية عدا من دخل في الحلبة و استغل داعش لاغراض سياسية تكتيكية بحتة ، و به يمكن وضع العصا في الدولاب الذي بدا من العراق .
هل يمكن ان تبقى داعش على قوتها، ام انها مجرد وسيلة و يمكن انهائها في لمحة بصر لو جدت الاطراف التي ورائها و اتفقت على انهاء مدة صلاحيتها . هناك اراء عديدة و توقعات حول منشاها و من دعمها و من يامرها، و لكن من الواضح انها ان تركت على ما تفعله سوف تعصى على الراعيو على امكانية ازالتها وان قصد ذلك، كما حصل للقاعدة و بن لادن من قبل . و هذا ايضا محسوب لدى المصلحيين لان بقائها لم تكن الا على حساب شعوب المنطقة و لمصلحة الاطراف البعيدة التي تريد توفير ما يهمها فقط .
الطوفان خفت مسيرتها و حدتها و اخذ ما يمكن ان يكتفي به ان دعي على حاله و واجه ما لم يعتقد بعد من الانتصارات على الارض و قراره المسير نحو المركز . انها اي داعش سوف تُمنع من الخطوات الزائدة، و هذا مفرغ منه، لان حدودها اصبحت معلومة و لا يمكن ان يسُمح لها تخطي ما رسم لها و ان لم تكن هي على علم قاطع بحدودها لحد ما وصلت اليها . ستبقى الفوضى تعم المناطق الساخنة لحين الانتهاء من العمليات السياسية الاقليمية و الداخلية العراقية و ما تخص سوريا و لبنان و غزة و المفاوضات حول النووية الايرانية، و من ثم تبدا المرحلة التي يمكن ان يستقر عليه العراق و ما يجب ان يكون من النظام السياسي . لازال العراق مختبرا للتجارب و موقعا لتصفية ما يدور في المنطقة، و لازال العراق المحور الرئيسي لدفع ما تسير عليه المنطقة نحو الاتجاه المختار من قبل العرابين و القوى المصلحية . ربما تتهور داعش في خطوات غير موصية بها الا انها لا تنجح و تضر بنفسها اكثر من الاخرين،و هي لا تعلم اصلا انها اصبحت العصا الذي يشهر به كلما خطى او سار اي طرف بما لا يمكن ان يقع لصالح المخطط الاستراتيجي العالمي في المنطقة . اتفاق الجهات العالمية المسيطرة على المنطقة تسمح لخطوات و ليس لاستراتيجيات من يستعملونه في تنفيذ مخططاتهم الجهنمية التي تطبخ في المطابخ السياسية الاستراتيجية للدول الكبرى و من يخطو خطوها . و من المؤسف ان المخططات لا تعرف العطف و الرحمة لما تقع من التضحيات و ما يجرف جراء الفيضان العارم من العمليات التي تبرز و تفرز منها الحوادث الماساوية، و تكون الضحية مختلفة في كل مرحلة و شعوب المنطقة هي التي تدفع الثمن دائما.[1]