حزب المساواة وديمقراطية الشعوب بوصلة الغد المشرق
هيفيدار خالد
بعد أن أعلن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب بدء حملته الانتخابية في شمال كردستان وتركيا، استعداداً لانتخابات البلديات المقرر إجراؤها في ال 31 من شهر آذار القادم، حيث باشر أولى خطوات حملته الانتخابية بتنظيم صفوف الشعب والجماهير، ومن ثم الإعلان عن قائمة مرشحيه للرئاسة المشتركة في كافة المدن الكردية، وسط نشاط كثيف وملحوظ من جميع الفئات العمرية في المجتمع الكردي، وكان للمرأة فيها دورها وطابعها الخاص، كسابقاتها من المرات، والذي برز جلياً في الفعاليات المنظمة من قبل الحزب في المراكز والساحات المخصصة للحملة الانتخابية.
وأنت تشاهد المراسيم والفعاليات والنشاطات والاجتماعات، بالإضافة إلى الندوات الحوارية والجماهيرية التي يتم عقدها وتنظيمها من أجل تحقيق العملية الديمقراطية في كردستان وتركيا، وعلى وجه الخصوص تلك التي تقودها المرأة؛ حيث عبّرت الطاقات الشبابية عن ذاتها ودورها بشكل بارز وفعال هذه المرة، بالتصفيق الحار والزغاريد الجميلة وإشارات النصر العالية، التي أبهرت الجميع، في مشهد يبعث على التفاؤل وكأنك تستنشق هواء الحرية، وتلامس روحك نسمات الربيع من كل حدب وصوب، باعثة معها رسائل بعبق الربيع المبشر بغدٍ أجمل، تكبر وتتعاظم فيها جميع الطموحات والأهداف المحققة.
مزاج الشارع الكردي الذي تقوده المرأة مختلف تماماً هذا العام، قياساً بالسنوات الماضية من حيث المشاركة الواسعة والتفاعل الكبير والمتواصل، ودرجة الحماس الفريد من نوعه، الساعي إلى خلق أرضية لعصر جديد ومرحلة جديدة في الحياة لدى الجميع من أجل التحضير والاستعداد لقادم أفضل وأجمل.
الموقف الشعبي والحشد الجماهيري والالتفاف حول النضال السياسي لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب ودعم مرشحي الحزب، يشي بتغيير إيجابي مأمول في نتائج تلك الانتخابات، بعد أن وضع جميع المشاركين أهدافاً كبيرة نصب أعينهم، تمثلت باسترجاع جميع البلديات التي سلبت منهم في الأعوام الماضية، وتم تسليمها للوكلاء الذين انهزّوا وانتهوا اليوم أمام مقاومة الشعب.
فمنذ بدء الحملة الانتخابية لاحظنا كيف أن جميع الفئات العمرية قد وُجدت في الساحات والميادين بكثافة عالية وقلوبهم تنبض معاً للحرية، وأن مسؤولي الحزب زاروا جميع المدن والبلدات والقرى الكردية وسط حفاوة واستقبالات حاشدة من قبل الأهالي طغت على المشهد الحافل المهيب، وهو ما يظهر مدى إصرارهم على الخلاص من الظلم والاستبداد الذي يتعرضون له على يد الفاشية الطورانية، وعلى وجه الخصوص المرأة، باعتبارها الفئة الأكثر تعرضاً للانتهاكات التي يرتكبها النظام التركي الفاشي بحقها.
المرأة في شمال كردستان وتركيا تعاني من صعوبات جمّة من كافة مناحي الحياة، وهي التي تدفع الثمن غالياً في معظم الأوقات نتيجة سياسات السلطة الفاشية المتمثلة بحزب العدالة والتنمية وأعوانه من خلف الستار، لذا يتطلب من المرأة عدم التراجع عن نضالها في وجه آلة القمع المحاطة بها من كافة الجهات، والاستمرار في النضال والكفاح والإبداع أكثر فأكثر، وإعادة كل شيء إلى مكانه في مدنها وبلداتها وقراها، لأنها وحدها القادرة على استعادة حقوقها المحقة.
بعد أن استولت السلطة على البلديات الكردية أغلقت جميع المنظمات والمؤسسات النسوية الكردية في كردستان، واعتقلت العشرات من النساء العاملات في هذه التنظيمات، كما استهدفت نظام الرئاسة المشتركة للحد من دور المرأة في المجتمع، وتنفيذ سياسات الحرب الخاصة عبر إدمان المجتمع على الدعارة والمواد المخدرة وفتح الطريق أمام انتشار الأعمال والجرائم المخلة بالآداب والأخلاق العامة، كالتحرش وحالات الاعتداء الجنسي وضرب الاقتصاد المجتمعي وانتشار الفقر والعوز واستغلال المحتاجين.
حملات الترهيب التي يقودها الأوصياء ضد المجتمع باتت أكثر خطورةً اليوم، حيث تعمدوا قمع المرأة واستهداف المراكز والمؤسسات الثقافية، ولكن ذلك لم يثنِ من عزيمة النساء المناضلات شيئاً؛ فالمئات منهن اليوم في ساحات الميدان يقدن الحملة الانتخابية، بقوة وإرادة وتصميم، للسير نحو طريق الحرية والوصول إلى أهدافهن المحقة، الأمر الذي أربك القوى الفاشية ودفعها لمهاجمة كل ما تقوم به.
ولكن الأمل معقود على حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، فهو القوة البنيوية والحزب المعارض الوحيد الذي يسعى لترسيخ السياسة التي تتماشى مع مبادئ ومصالح الشعب، ويُعدّ القوة الحاسمة في شتى مجالات الحياة، ويتمتع بالقدرة الكافية على البدء من جديد والعمل على تعطيل السياسات والممارسات المعادية لأسس ومبادئ الحياة الديمقراطية؛ لأن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، يضم بين صفوفه العشرات من التنظيمات الديمقراطية التي تؤمن بالحلول والمسارات العادلة، والإرادة والإدارة المشتركة للشعوب المختلفة في شمال كردستان وتركيا، ويؤمن بفلسفة العيش المشترك والتآخي ما بين الشعوب الأصيلة المتعايشة منذ آلاف السنين على هذه الأرض.
نعم حزب المساواة وديمقراطية الشعوب بحاضنته الكبيرة، يستطيع إنهاء عصر الفاشية والعنصرية وإنكار الآخر المختلف غير التركي في البلاد، ومحو سياسات الإنكار والإمحاء وعقلية الحرب المدمرة. ووضع النقاط على الحروف من جديد، وكل ذلك يمر من التصويت والإدلاء بأصواتهم، من أجل أنفسهم، ومجتمعهم من أجل الحد من نفوذ أصحاب الذهنية التي تستهدف نموذج الرئاسة المشتركة، وتوجيه ضربة قاضية لكل من تعاون مع العدو، ومَنَعَ الحديث باللغة الكردية، وكل من شجَّع على تعيين الوكلاء وشركائهم الصغار في البلديات التي حصل عليها الشعب الكردي بإرادته الديمقراطية التي تشمل كافة الفئات العمرية. سياسة الحزب ومسارها الحالي المتجدد هي الحل الجذري والمطلق والفعّال والبنّاء لجميع قضايا ومشكلات هذه الجغرافية العريقة.
من هنا، على الجميع صغاراً وكباراً العمل والنضال، ليلَ نهار، دون كلل أو ملل، من أجل ترسيخ مبادى حياة متساوية وإحلال الحل الديمقراطي والسلام العادل، والقضاء على كافة السياسات المعادية للنضال الكردي ومشروعهم الديمقراطي الشرق الأوسطي الحر، والتعبير عن إرادتهم في يوم ال 31 من آذار في صناديق الاقتراع، وليعلم الجميع أن نضاله الذي يخوضه اليوم في الساحات، هو نضال الوجود في وجه سياسات الإبادة السياسية والثقافية، والقضاء على نظام الوصاية الفاشي والمدمر والفاقد للقيم والمعايير الأخلاقية والديمقراطية الحقيقية.
نعم النظام التركي عبر سياساته الاستبدادية يحاول إبادة الكرد جسدياً وفكرياً، رغم أن ثلاثين مليون كردي يعيشون في البلاد، ومع ذلك فهو لا ينفك عن ممارسة التمييز بحق الكرد، والقضاء على الهوية الثقافية لديهم، لذا فقد حان الوقت للوقوف في وجه تلك المؤامرات والمخططات القذرة ووضع حد لها، حان الوقت لتوجيه ضربة قاضية لذهنية المافيا لدى رأس الإرهاب في المنطقة والعالم أردوغان، وتلقين جميع الذين يغضّون الطرف عن معاناة الشعب الكردي وقضيته العادلة ونضاله التاريخي، وكل من يحاول النيل منه، درساً قاسياً لا ينسى أبداً.
إلا أن كلمة الفصل في النهاية ستكون لأصحاب المواقف الثابتة والراسخة التي تستند إلى عقيدة وإيمان وأيديولوجية عصرية ديناميكية؛ فهم المناضلون الحقيقيون الساعون على طريق الأحرار حتى الوصول إلى نور يخرجهم من ظلام الغزاة الذي خيّم على نفوسهم منذ سنوات طوال.
تحقيق النصر الأكيد والمؤزّر يتطلب اليوم نضالاً حقيقياً ووجدانياً أكثر من أي وقت مضى، فالمسيرة طويلة والعمل شاق، هناك تحديات ومعوقات وربما مطبات، ولكن الظروف متاحة ومتوفرة للذين يمثلون الطليعة والريادة والتنظيم المعبر عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية، وحزب المساواة وديمقراطية الشعوب يستطيع أن يصبح حزب تركيا المستقبل، وبوصلة للنصر والطريق نحو غد مشرق.[1]