قبل فوات الأوان…
خالد عمر
لا شك أن أية قراءة للدعوة التي أفصحت عنها حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM من خلال تصريحات السيد آلدار خليل عضو الهيئة التنفيذية في الحركة، والتي كان مضمونها دعوةُ أحزاب وشخصيات المجلس الوطني الكردي من أجل العودة إلى الحوار والعمل المشترك، ستؤدي بالقارىء إلى الاستنتاج إلى أنها مبادرة صادقة ويمكننا الحديث عن ذلك من خلال عدة نقاط أهمها:
من حيثُ المبدأ فإن وحدةَ الصف الكردي، أو ما يُسمى بترتيب البيت الداخلي الكردي كما يريد البعض تسميتها، هي مطلبٌ جماهيريٌ تنادي بها كافة فئات وشرائح الشعب الكردي، ولا سيما الغير منخرطة في الأحزاب, وخاصةً تلك الفئة التي بقيت في داخل الوطن ولم تُهاجر, وبالأخص من عوائل الشهداء ممن ضحى أبناؤها بدمائهم في سبيل حماية الوطن والشعب من أي اعتداء, فلا شك أن أكبر مواساة لهم ستكون حينما يروا أن إحدى ثمار تضحيات أبنائهم هي وحدة الصف تلك.
إن توقيت هذه الدعوة لا يدعُ مجالاً للتشكيكِ بصدقِ ورحابةِ صدرِ الطرف الداعي, حيث تأتي هذه الدعوة في وقتٍ نستطيعُ أن نقول بأن الجسم المتشكل والذي هو إقليم روج آفا- شمال سوريا الفيدرالي، وعبر المؤسسات المختلفة للإدارة الذاتية هو الآن في أوج قوته، سواءً من ناحية الانتصارات العسكرية والمساحات المحررة، ومن ناحية التحالفات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب, ومن ناحية المكتسبات السياسية المستندة إلى الحِراك الدبلوماسي المستند طبعاً في قوته إلى القوة على أرض الميدان, من جهةٍ أخرى فإن هذه الدعوة تأتي في وقتٍ يكادُ يكون فيه المجلس الوطني الكردي باعتباره جزءاً من الائتلاف خائِرَ القوى ومنهك، ولا سيما بعد أن استعملته الدولة التركية ومن ثم تخلت عنه بعد أن انتهت صلاحيته, هذا إن افترضنا جدلاً أن الفترة السابقة كانت فترة قوة للمجلس الوطني الكردي في نضاله من أجل القضية الكردية في سوريا، وأنه استطاع خلالها أن ينجز شيئاً, ولسنا هنا بصدد سرد تفاصيل الفترة الماضية الممتدة لسنوات منذ تشكيل المجلس الوطني السوري و لحين تحوله إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وصولاً إلى الهيئة العليا للمفاوضات وصولاً إلى يومنا هذا؛ حيث لم يستطع المجلس الوطني الكردي أن يصنع ولا أبسط شيء نستطيع تصنيفه في خانة الانجازات له كحركة سياسية كردية, بل وعلى العكس تماماً فحتى على صعيد الكلام – ولا حتى في صيغة وعود كاذبة من الائتلاف– لم يستطع المجلس الوطني الكردي أن يستحصل على أيِّ شيءٍ يُذكر فيما يتعلق بالحقوق القومية الكردية, في حين أنه وفي الجانب المقابل تشهد جميع المعالم على طول جغرافية روج آفا بأن حراكاً في الاتجاه الصحيح جداً كان يتم وبتسارعٍ كبيرٍ وهنا أيضاً لسنا بصدد السرد لذلك, إذاً هنا لا يبقى مجالٌ للحديث عن انضواء الدعوة على مصلحة خاصة ل TEV-DEM, بل على العكس تماماً فإنها ستوفر على المجلس الوطني الكثير من المصاعب التي يمكن أن تلاقيها للعودة إلى حضن الشعب وخاصة أنه بات شبه مرمي في الخلاء بعد إفلاس الائتلاف و تخلي المجتمع الدولي عنه.
تأتي هذهِ الدعوةُ لطرفٍ لم يدع وسيلة تعتب عليه من أجل تشويه صورة الطرف الداعي, بحيث أنه ربما لم يشهد التاريخ مثل هذا الصفح إلا في حالة صفح النبي محمد (ص ) عن أهل مكة بعد دخولها, أو صفح صلاح الدين الأيوبي عن الصليبيين بعد تحرير القدس منهم.
إذاً والحال هذه, نستطيع اعتبار هذه الفرصة بمثابة الفرصة الذهبية التي تقدمها حركة المجتمع الديمقراطي للمجلس الوطني الكردي, وعليه كيف نفسر هذه المواقف الغريبة العجيبة لقياديي هذا المجلس إزاء هذه المبادرة، ووضعهم لشروط من أجل القبول؟ بل والأنكى من ذلك أنهم لا يزالون ماضين في سياسة البروباغاندا العدائية, بالنسبة لنا فجواب السؤالِ واضحٌ تماماً، وهو أن هذا الطرف لا يملك قراره، وأنه ورغم كل ما حصل ويحصل لا يزال رهين الغير في كل تحركاته وقراراته, فلربما لم ينته للآن عقد الاستخدام الإذعاني المبرم معهم من قبل الدولة التركية.
أظن أن الأجدر للبعض الذي لا يزال مقتنعاً بصحة التظاهرات التي يخرجون فيها ضد حزب الاتحاد الديمقراطي، والإدارة الذاتية أن يجتمع مع الشريحة الصامتة وأن يخرجوا في مظاهرات ليطالبوا هذا المجلس بتحديد موقفه النهائي قبل فوات الأوان.[1]