د. روز نوري شاوه يس، و فضلا عن كونه نائبا لرئيس وزراء الحكومة العراقية الأتحادية، فهو ممثل السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان لمعالجة المشكلات، و مراقبة تنفيذ بند أتفاقية أربيل التي تمخضت عن تشكيل الحكومة العراقية الراهنة ووجدنا من الضروري، حيث لم ينفذ الجانب الأكبر من تلك البنود حتى الآن، و بما فيها تلك المتعلقة بالعراق وأقليم كوردستان أيضا، التباحث مع سيادته بشأنها واجاب مشكورا على تساؤلات المجلة:
* ترى ما هي قراءتكم للمشكلات والأزمة التي يمر بها العراق راهنا بأعتباركم ممثلا للرئيس البارزاني؟
- نجانب الحقيقة إذا ما قلنا أنه ليست هناك مشكلة أو أزمة لأنها كثيرة و كبيرة، فقد بذلت مساع حثيثة، منذ تشكيل الحكومة الأتحادية التي كلف السيد المالكي مرة ثانية برئاستها، لجميع الأطراف السياسية االعراقية والأتفاق فيما بينها على أساس مقبول يتم بموجبه تشكيل هذه الحكومة بأسلوب الشراكة الوطنية و كذلك الحال بالنسبة لرئاسة مجلس النواب و رئاسة الجمهورية و تم بموجبها أيضا تحديد أساليب العمل الحكومي والوطني و مستلزماتهما وكانت لكل هذه النقاط علاقة جدلية بالخطوط العامة لتشكيل الحكومة العراقية بأعتبار أنها تمثل عموم الشعب العراقي و بجميع مكوناته، والأمر هكذا فإن الواقع تطلب من الحكومة أن تنفذ جميع نقاط الأتفاقية و منها نقاط و بنود خاصة تتعلق بأقليم كوردستان، و كانت هي نقاطا واضحة و طرحت على الحكومة الأتحادية لتنفيذها، إلا أنا نجد الآن أن الكثير من تلك النقاط وبما فيها المتعلقة بالعراق والأقليم و رغم كل تلك النقاشات لم تنفذ حتى الآن، ما يؤدي الى تعقيد الأوضاع مع تآخر تلك المشكلات بمرور الوقت و بقائها بدون حل.. و تتشعب و يصعب حلها.. إلا أن ذلك لا يعني التوقف عن بذل المساعي لمعالجتها.. لأنه ليس هناك أي خيار آخر سوى الحوار أو بمعنى أصح لا يوجد حل آخر خارج أطار الدستور العراقي، كما أن السبل المتوفرة أمامنا هي بمجموعها طرق سياسية و سلمية.. وعلينا أن نتبع السبل والحلول التي نرتأيها في أطار الدستور وصوتنا لها ورسخناها في برنامجنا الوطني.. فلم تقل أو تعلن القيادة السياسية الكوردية أبدأ أننا لا نجري أي اتفاق أو أن الطريق مسدود أمام الحلول بل أعتبرت بأستمرار أن الحوار السلمي هو الطريق الأنسب لمعالجتها وأداة لحلها.. وأرى اليوم أن الأوضاع قد تعقدت والخلافات تستعصي يوماً بعد آخر فضلا عن حضور مسألة فقد الثقة المتبادلة وهي مسألة لها تأثيراتها السلبية على العملية باسرها، و برأيي أن الجهة التي تتولى مقاليد السلطة الأقوى في البلاد، وهي التحالف الوطني، لو أرادت بأخلاص أن يسود العمل المشترك مع بقية الأطراف السياسية فإن عليها أن تتخذ خطوات عملية نحو الأمام من تلك التي تعيد الثقة المتبادلة فيما بينها، عندها ستتهيأ الأرضية المناسبة للحوار البناء طريقا نحو تجمع كل الأطراف فيما بينها و بثقة تامة. و بحث ما تبقى من مشكلات مع قناعتي بإن أية جهة لا تملك مفاتيح الحل بأستثناء التحالف الوطني والذي لو لم يرغب في معالجة المشكلات فإن ذلك يمهد الطريق أمام القوى والأطراف الأخرى لأيجاد سبل بديلة تبين كيف تتهيا التحولات في أطار الدستور.
* اليوم وعندما تتكاتف المساعي لأيجاد الحلول وفق أتفاق أربيل، نجد أن الحكومة العراقية تتحدث عن تسليح الجيش بالأسلحة ذات الخصوصية بالمناطق الجبلية ما أوجد مخاوف كثيرة في الشارع الكوردي سيما وأن شراء السلاح الروسي يكون عادة دون ضمانات دولية حول أساليب استخدامه.. فما هي المخاوف التي تشكلها بالنسبة لأقليم كوردستان؟
- برأيي أن من حقنا نحن الكورد أن نقلق عندما نسمع بشراء الأسلحة و تعزيز قوات الجيش ، لأنه كانت لنا تجارب مرة منذ بدايات تأسيس الدولة العراقية سيما ونحن نمر اليوم بمرحلة لا نجد فيها أية حلول للأشكالات والخلافات بل تتراكم أكثر و بالتالي تتزايد المخاطر وإلا فإن كل الدول تسعى وتعمل في الأوضاع الأعتيادية على تعزيز قدرات جيوشها الوطنية ضمانا لأستقرارها و لتمكين جيوشها من أداء مهماتها الأساسية ولكن في أجواء من الشراكة والتعاون الحقيقي و تسير الأمور وفق مسارها الطبيعي عندها فقط ستكون عملية تعزيز قدرات الجيش والأمن والشرطة وعموم القوى المكلفة بحماية البلاد لصالح عموم أبنائها إلا أن أمامنا اليوم خطورة أن تكون تلك الأسلحة لصالح طرف معين.. ما يتطلب أجراء حوار و تشاور بناء بين الحكومة الأتحادية و حكومة الأقليم و بقية المحافظات ايضاً اي أن يستجد نوع من التوافق الوطني على تقوية جميع القوات الوطنية في البلاد.
* وماذا عن أدعاءات البعض بوجود موقفين متبانيين بين الرئيس البارزاني والرئيس الطالباني؟
- هذا ليس صحيحا لأنهما يحثان الخطى بالتعاون والتفاهم لحماية مصالح شعب كوردستان والمصالح الديمقراطية والمشتركة لعموم الشعب العراقي.
* ما مدى أستعداد التحالف الكوردستاني لمعالجة المشكلات تلك بحوار وطني وسلمي وهل هناك مستجدات في المباحثات؟
- لقد كان التحالف الكوردستاني راغبا وداعياً بأستمرار لمعالجة المشكلات عن طريق الحوار وفي أطار الدستور العراقي و ما يزال كذلك ونحن متفقون بقناعة أن الطريق الأسلم والصحيح لذلك هو أتفاقية أربيل وتنفيذما تبقى من بنودها و بالتالي تهيأة الأرضية الصحيحة لحل جميع المشكلات.
* وما مدى تصميم وأجماع الأطراف العراقية وبالأخص (العراقية) والطرف السني على ضرورة تنفيذ أتفاقية أربيل؟
- كل الأطراف تطالب بذلك حتى الآن إلا أن الكتلة الأخرى وهي التحالف الوطني تتحمل وزر عدم تحقيقها و بيدها مفتاح الحل و إعادة الثقة المتبادلة فيما بين الجميع.
* وهل هناك إتفاق مسبق بين الأطراف السياسية العراقية بتأجيل معالجة تلك المشكلات الى ما بعد الأنتخابات القادمة؟
- لا أعتقد أن هناك شيئا من هذا القبيل.. فلربما هناك بعض الأطراف التي ترى صعوبة الحلول في الوقت الحاضر و ضرورة تأجيلها الى ما بعد الأنتخابات إلا أن التحالف الكوردستاني يواصل مساعيه لضمان تنفيذ إتفاقية اربيل لأنها هي في صالح الشعب العراقي أولا ومن ثم لصالح شعب كوردستان.
* أهم مشكلات البحث هي في الواقع تلك المتعلقة بالمادة(140) من الدستور و يرى الكثيرون أن الكورد، و بعد الأتفاق على مسألة النفط والغاز سوف يهملون المادة(140) فما هي حقيقة الأمر؟
- المادة(140) هي في الواقع أحد الطموحات والأهداف الرئيسة لشعب كوردستان و بجميع احزابه وأطرافه السياسية و يعتبرها موضوعا أساسيا و مهما لترسيخ جانب من حقوقه لذا فإننا نرى شعب كوردستان وهو يسعى ، على شكل كتل أو تحالف كوردستاني أو غيره، لحل عادل و منصف لهذه المسألة، وجوهرها عودة المناطق المقتطعة الى أقليم كوردستان وهو أنما حل سلمي لجانب مهم من مشكلات العراق وقد وضع الدستور العراقي حلاً دستوريا و سلميا لها... ما يبرر أن الأصرار على تنفيذ الدستور و مواده هو تصميم على معالجة مسألة المناطق المقتطعة وبما فيها كركوك.
* لقد كان الأتفاق الأخير بين حكومتي أقليم كوردستان والعراق الفدرالي بشأن النفط والغاز خطوة مهمة يعتبرها البعض مفتاح حل لجميع القضايا الأخرى العالقة بين أربيل وبغداد، هل أنتم متفائلون بها بأعتباركم شاركتم عن قرب بهذه العملية؟
- يعتبر النفط وإيراداته موضوعين أساسيين في مسار مشكلات العراق.. سيما وأن النفط، والى جانب أيراداته المالية للعراق هو في الواقع أساس المشكلات الأخرى لذا فإن معالجة قضية النفط بطريقة ديمقراطية ووفق روحية الدستور هي بحد ذاتها معالجة للعديد من القضايا موضع الخلاف في العراق وبما فيها مشكلات الأقليم وحتى لولم تعالجها فهي تسهل حلها و تهيئ الأرضية المناسبة لحل القضايا الأخرى ذات العلاقة بالنفط وايراداته.. لذا فإنني و قبل ذكر من عملوا فيها بنشاط و جدارة، وأعتبارها خطوة ناجحة و كبيرة لهم، أفتخر بأن الأتفاق قد تم بأشراف و في مكتبي وهو أتفاق يحدد قبل كل شئ الأنتاج النفطي في العراق والأقليم أيضا وبه تزداد الأيرادات وتعالج المشكلات القائمة بشأن النفط بين حكومتي أقليم كوردستان والعراق الفدرالي، ولو كان ذلك بصورة وقتية لأن الحل الجذري يتطلب تشريع قانون مناسب له ثم أن زيادة صادرات النفط هي لصالح عموم الشعب العراقي و لمصلحة الكورد وذلك على طريق أيجاد حلول ناجحة لبقية المشكلات و لصالح الأستقرار الأقليمي في المنطقة وكل الدول التي تعتمد في حياتها الأقتصادية على الطاقة.. أي أن حل مشكلة النفط هو لصالح جميع الأطراف ولو تواصلنا على أتفاق أربيل و رسخناه و طورناه لحين صياغة قانون للنفط لكنا قد وضعنا الحجر الأساس كل لأكثرية الخلافات الواردة في الأتفاق المذكور..
* يهدد بعض قادة دولة القانون الآن باللجوء الى تشكيل حكومة أغلبية في حال عدم التوصل الى توافق وطني لمعالجة المشكلات الراهنة، ترى هل يناسب تشكيل حكومة أغلبية الوضع الراهن؟
- تشكيل مثل هذه الحكومة يتطلب أن تكون للجهة التي تنوي تشكيلها أغلبية برلمانية اي أن لمثل هذه الجهة أن يشكل الحكومة وفق القانون والدستور إلا أن هناك سؤالين:
الأول: هل هناك جهة معينة بأمكانها أن تحصل على الأغلبية أو تحالف برلماني لتشكيل الحكومة؟ ونقول على سبيل المثال لو أتفق التحالف الكوردستاني والتحالف الوطني عندها سوف يتمكنان من تشكيلها أو جهات برلمانية من عدة كتل، ولكن هل هذا ممكن؟ هذا الأمر لم تفرزه الخريطة السياسية أو الحراك السياسي في البلاد في أن يكون هناك طرفان معينان متوافقان يتمكنان من التمهيد لتشكيل الحكومة....
الثاني: عند حصول مثل هذه الحالة ونيل جهة أو أكثر الأكثرية في البرلمان عندها نتساءل مافائدة حكومة يشكلها طرف أو أثنان وهل هي لصالح العراق وماذا تكون نتائجها؟ جوابا عن هذين السؤالين بأمكاننا القول: لحد الآن لم يشهد العراق مثل هذا التوافق ثم أن تشكيل مثل هذه الحكومة هو ليس من صالح العراق ولا صالح مكوناته بصورة عامة. أي أنها ستكون حكومة مبتورة ما يعني صعوبة تحقيق مثل هذا التصور ونحن في التحالف الكوردستاني على ثقة بإنه في حال عدم شراكة جميع المكونات فإنه لا يمكن حكم العراق من قبل طرف واحد أو طرفين وسيكون أمر الحكم كذلك ولفترة طويلة الى أن يستقر الوضع السياسي فيه و يصبح تنفيذ الدستور أمرا بديهيا وأعتياديا وأكثر من ذلك الى تدخل الديمقراطية روح و ضمير كل شخص في هذا البلد وهذا أيضا يتطلب وقتاً طويلاً ما يعني أن تشكيل الحكومة بهذه الصورة وكما يطرحها بعض الأطراف أو وسائل الأعلام هو بعيد عن الواقع...
ترجمه/ دارا صديق نورجان.[1]