أسلاف الكورد الخوريون - الميتانيون و صناعة الأسلحة الحربية
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5478 - 2017-04-01 - 19:08
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
صناعة الأسلحة الحربية
كان الميتانيون رواداً في تربية الخيول والفروسية، حيث أن إسم مملكة (إيشوا ISHUWA) قد يعني بلد الحصان. تمّ العثور على نصوص مكتوبة بِاللغة السنسكريتية التي هي لغة الآريين الشرقيين القدماء، في قصر الملك الهيتّي (الحثّي) (سوپيلوليوما Suppiluliuma) الكائن في عاصمة المملكة الهيتّية (الحثية) (HATTUSA). وُجِدت هذه النصوص المسمارية محفورة على خمسة ألواح طينية. يعود تاريخ هذه النصوص إلى سنة 1375 - 1335 قبل الميلاد. جاء في هذه النصوص بأن شخصاً خورياً إسمه (كيكولي Kikkuli) كان مسئولاً عن تربية الخيول وتدريبها وتعليم الفروسية.
تتضمن هذه النصوص معلومات عن كيفية ترويض ورعاية وتدريب الخيول التي قام بتأليفها المدرّب الميتاني (كيكولي Kikkuli). تمّ العثور على هذه النصوص خلال الحفريات التي أجراها عالم الآثار الألماني (هوگو وينكلر Hugo Winckler) في سنة 1907م في موقع آثار (بوغازكوي Boğazköy) الواقع في إقليم شمال كوردستان. من خلال إكتشاف هذه النصوص في العاصمة الهيتّية، يستدل المرء بأنّه تمّ إستخدام هذه النصوص الميتانية من قِبل الهيتّيين كمنهج دراسي لتربية ورعاية وتدريب الخيول التي تجرّ العربات الحربية في الجيش الهيتّي.
تتضمن هذه النصوص برامج تدريب مفصلّة، مدتها 184 يوماً لتعليم وتربية ورعاية الخيول وتعلّم الفروسية وإستخدام الخيول لجرّ العربات الحربية وخوض الحروب بها. كانت برامج هذه الدورة التعليمية تتضمن حصص العلف التي تُعطى للخيول وعدد المرّات التي يتم إسقاء الخيول وإجراء تدريبات شاقة للخيول وتحديد فترات الراحة لها و تعليم الخيول كيفية جرّ العربات الحربية وترويضها على كل أنواع السير والركض. كان يتمّ إقتياد الخيول إلى الأنهار للإستحمام والسباحة. كما أنه كان يوضع للخيول جدول نظام غذائي مؤلف من الحشائش والبرسيم والقش والشعير والحبوب المطبوخة. البرنامج الغذائي كان يتضمن أيضاً تحديد أيام مناسبة لصيام الخيول. في البداية، كان يتم إختيار الخيول التي يتم تدريبها. بعد الإختيار، في الأيام الأولى من التدريب، كان يتم وضع برنامج للخيول، يتم خلاله قيام الخيول بفعاليات مكثفة مُجهِدة وثمّ بعد ذلك كان يتم تدريجياً إستخدامها في جر العربات الحربية. خلال التدريبات، كانت الخيول تقطع يومياً مسافة قد تصل الى ستين ميلاً بوتائر مختلفة من المشي والركض. كانت كل عربة حربية تحمل ثلاثة أشخاض، قائد العربة ومُحاربَين إثنين، أحدهما متسلح بالقوس والرمح والآخر بالرمح والدرع. من الجدير بالذكر أن الهيتّيين والخوريين هم من أسلاف الكورد، حيث يذكر عالم الآثار الألماني (هوگو وينكلر Hugo Winckler) بأن الملك الهيتّي (سوبيلوليوما) كان يفتخر بإنتمائه الى الشعب الميتاني، !لا أنه مع ذلك حارب أقرباءه الميتانيين وهزمهم1.
قام الميتانيون بإستخدام الخيول في قيادة عربات حربية خفيفة ذات عجلتين، حيث كان الكاشيون والخوريون أوّل من أدخلوا إستخدام الخيول والعربات الحربية في غربي آسيا وكان (كيكولي Kikkuli)، يقوم بتعليم الفنون الحربية المتعلقة بإستخدام المركبات والعربات الحربية (وليام لانجر 1968. موسوعة تاريخ العالم. أشرف على الترجمة د. محمد مصطفى زيادة، الطبعة الأولى، مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، القاهرة - نيويورك، صفحة 62). المصطلحات المستعملة في التدريب لتعلّم تربية الخيول والفروسية، تحتوي على الكثير من المفردات الهندوآرية2.
كما أن الميتانيين قاموا بِصُنع آلة (ياشيبو Yashibu) التي هي المنجنيق. إستخدم الميتانيون المنجنيق في حصار القلاع (عدنان الحديدي ومعاوية إبراهيم. تاريخ الشرق الأدنى القديم، مؤسسة دار العرب للنشر والتوزيع. صفحة 346). من الجدير بالذكر أن كلمة (منجنيق) مشتقة من الكلمة اللاتينية واليونانية (Manganon) والتي تعني (آلة الحرب). المنجنيق هو آلة حربية تُستعمل لِقذف الحجارة والسِهام وكل ما يمكن قذفه من أجسام بواسطة ذراع فيه كفّة يتحرر تحت ضغط قوة فتل الحبال. يُستخدم المنجنيق لرمي مقذوف من مسافة بعيدة دون مساعدة المتفجرات. لقد إستمر إستخدام المجانيق في الحروب بأشكال مختلفة حتى مطلع القرن العشرين، حيث تمّ إستخدامها في المراحل الأولى من معارك الخنادق التي دارت خلال الحرب العالمية الأولى لإلقاء القنابل اليدوية على معسكر العدو، الى أن تمّ إستبدالها لاحقاً بِمدافع الهاون. إشتهر الميتانيون كذلك بصناعة الأقواس، حيث تجاوزت شهرة القوس الميتاني خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد حدود بلاد ميتاني. كان الميتانيون يستخدمون الأقواس في حروبهم ضد أعدائهم وكانت تُشكّل عنصر قوة لهم في ساحات المعارك.
المصادر
1. Winckler, Hugo (1908). Excavations at Boghaz-Keui in the Summer of 1907. The Smithsonian Institution annual report 1908.
2. Mayrhofer, Manfred. Die Arier im Vorderen Orientein Mythos?. Vienna: Verlag der Österreichischer Akademie der Wissenschaften, 1974.
[1]